استخدام واسع للذخيرة العنقودية الروسية في سورية مؤخرا
الوسط – المحرر السياسي
قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم الثلثاء (22 ديسمبر/ كانون الأول 2015) إن الهجوم العسكري الذي بدأته القوات الروسية وقوات الحكومة السورية، في 30 سبتمبر/أيلول 2015، ضد جماعات مسلحة معارضة للحكومة السورية، تضمن استخداما مكثفا للذخائر العنقودية، وهي أسلحة عشوائية بطبيعتها ومحرمة دوليا، وذلك بحسب ما ذكره موقع "هيومن راتس ووتش".
وقالت "هيومن رايتس ووتش" إن استخدام هذه الأسلحة يخرق قرار الأمم المتحدة 2139 في 22 فبراير/شباط 2014، الذي يطالب جميع الأطراف المتورطة في سوريا بالكف فورا عن "الاستخدام العشوائي للأسلحة في المناطق المأهولة بالسكان".
كما يتعارض مع بيان وزارة الخارجية والمغتربين السورية، في 9 نوفمبر/تشرين الثاني، الذي أصرت فيه على أن الجيش العربي السوري "لا ولن يستخدم أسلحة عشوائية".
قال أولى سولفانغ، نائب مدير قسم الطوارئ في هيومن رايتس ووتش: "وعود سوريا بشأن الأسلحة العشوائية تصبح تعبيرات جوفاء، عندما تواصل الذخائر العنقودية إصابة المدنيين في أجزاء كثيرة من البلاد. على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن يكون جادا بشأن التزامه بحماية المدنيين في سوريا، عبر مطالبة جميع الأطراف علنا بوقف استخدام الذخائر العنقودية".
وثقت "هيومن رايتس ووتش" استخدام الذخائر العنقودية في ما لا يقل عن 20 هجوما منذ بدأت سوريا وروسيا هجومهما المشترك في 30 سبتمبر/أيلول.
وجمعت "هيومن رايتس ووتش" معلومات مفصلة عن هجمات في 9 مواقع أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 35 مدنيا – منهم 5 نسوة و17 طفلا – وعشرات الجرحى. أصاب هجومان مخيمين للنازحين. بالنسبة للهجمات الأخرى، حصلت "هيومن رايتس ووتش" على دليل بصري على استخدام الذخيرة العنقودية، وأكد مصدر ثان هذه الهجمات. الذخائر العنقودية التي استخدمت في سوريا، حديثا، وكانت "هيومن رايتس ووتش" قادرة على تأكيد أنها صُنعت في الاتحاد السوفياتي السابق أو روسيا.
في اليوم نفسه الذي وعدت فيه السلطات السورية بعدم استخدام أسلحة عشوائية، سقطت ذخائر عنقودية على مخيم للنازحين في اليونسية، وهي قرية في محافظة إدلب قرب الحدود التركية. أفاد موظفون في مشفى أن الهجوم أسفر عن مقتل 7 مدنيين وإصابة العشرات.
قال زائر للمخيم لـ "هيومن رايتس ووتش": "سمعنا فجأة صفير الصواريخ والانفجارات في كل مكان حولنا. نظرت حولي في حالة صدمة، ولم أشعر بأي شيء. كان علي أن أمسك ذراعي، لأنها كسرت وكانت تتأرجح".
وثقت "هيومن رايتس ووتش" عدة هجمات بالذخيرة العنقودية في مناطق مأهولة بالسكان منذ ذلك الحين، منها هجوم أصاب مدرستين عاملتين في دوما، إحدى ضواحي دمشق، قتل على الأقل 8 أطفال.
ونشرت وكالة "سانا" الحكومية السورية بيانا لوزارة الخارجية ينفي استخدام الأسلحة العشوائية، كما ذُكر البيان في الفقرة الثالثة من التقرير الشهري لسير التنفيذ – الذي يقدمه الأمين العام للأمم المتحدة عن تنفيذ قرارات مجلس الأمن – عن شهر نوفمبر/تشرين الثاني بشأن القرار 2139.
الذخائر العنقودية أسلحة متفجرة، تطلق من على الأرض بواسطة المدفعية وراجمات الصواريخ، أو تُلقى من الطائرات.
حظرت 118 دولة الذخائر العنقودية بسبب الضرر الذي تسببه وقت الهجوم، ولأن ذخائرها الصغيرة كثيرا ما لا تنفجر عند إطلاقها فتشكل تهديدا للمدنيين والعسكريين على حد سواء لحين إزالتها وتدميرها.
وحثت "هيومن رايتس وواتش" سوريا وروسيا على الانضمام إلى اتفاقية الذخائر العنقودية.
وبمراجعة الصور ومقاطع الفيديو المنشورة على الإنترنت، وعبر المقابلات مع السكان المحليين، حددت "هيومن رايتس ووتش" 7 أنواع من الذخائر العنقودية، التي تُلقى من الجو وتطلق من الأرض، استخدمت حديثا في المحافظات السورية الشمالية، حلب وحماة وإدلب.
كما حددت "هيومن رايتس ووتش" أن القوات الروسية أو السورية هي المسؤولة عن هذه الهجمات. جماعات المعارضة المسلحة لا تستخدم طائرات، ما يعني أن القوات الحكومية السورية أو القوات الروسية هي المسؤولة عن الذخائر العنقودية التي أسقطتها الطائرات.
كما أن الأنواع الأربعة من الذخائر العنقودية التي أُطلقت من الأرض، حديثا، أُطلقت من مركبات كبيرة معقدة التشغيل ولم تُشاهد في حوزة تنظيمات المعارضة المسلحة.
تبين مقاطع فيديو – حُدد موقع تصويرها – عدة هجمات بصواريخ عنقودية من طراز "9إم55كي" أن هذه الصواريخ أطلقت من قاعدة في جبل زين العابدين شمال مدينة حماة مباشرة، وهي منطقة يسيطر عليها الجيش السوري.
في كل الهجمات الحديثة التي وثقتها "هيومن رايتس ووتش"، سقطت الذخيرة العنقودية على أراض تسيطر عليها المعارضة.
ولم يتسن لـ "هيومن رايتس ووتش" تحديد إذا ما كانت المسؤولية تقع على عاتق أي من قوات الحكومة السورية أو القوات الروسية في كل حالة على حدة؛ يستخدم الطرفان الكثير من الأسلحة نفسها، وكثيرا ما ينفذان عملياتهما معا.
وقالت "هيومن رايتس ووتش" إن الذخائر العنقودية التي يبدو من مظهرها أنها أنتجت في وقت لاحق على تلك التي استعملت قبل بدء الحملة الجوية الروسية، بما فيها نوعان لم يُوثق استعمالهما في سوريا من قبل، علاوة على استخدام الذخيرة العنقودية بكثافة حديثا؛ يشيران إلى أنه إما أن الطائرات الروسية أسقطتها، أو السلطات الروسية زودت الحكومة السورية، حديثا، بالمزيد من الذخائر العنقودية، أو الأمرين معا.
في "المؤتمر الاستعراضي الأول لاتفاقية الذخائر العنقودية"، في سبتمبر/أيلول 2015، أصدرت الدول المشاركة إعلانا يدين أي استخدام للذخائر العنقودية من جانب أي طرف. أيدت أكثر من 140 دولة هذا الإعلان أو أدانت استخدام الذخائر العنقودية في سوريا عبر قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة وبياناتها. هذه الدول تشمل الولايات المتحدة وعشرات الدول التي ليست أطرافا في المعاهدة الدولية التي تحظر بشكل شامل الذخائر العنقودية، وتطالب بإزالتها ومساعدة ضحاياها.
لم تعلق روسيا على تقارير "هيومن رايتس ووتش" وغيرها بأنها تستخدم الذخائر العنقودية في عمليتها في سوريا أو نقلت ذخائر عنقودية جديدة إلى الحكومة السورية. لكن في 7 ديسمبر/كانون الأول صوتت روسيا ضد القرار الأول للجمعية العامة للأمم المتحدة لدعم اتفاقية الذخائر العنقودية. اُعتمد القرار بأغلبية 139-2 (روسيا وزيمبابوي)، وامتناع 40 دولة.
شاركت "هيومن رايتس ووتش" في تأسيس ائتلاف الذخائر العنقودية، وتتولى رئاسته. في 1 أكتوبر/تشرين الأول 2015، حذرت الحملة العالمية روسيا من استخدام أي ذخائر عنقودية في سوريا، بسبب خطرها "المتوقع والقابل للمنع" على المدنيين.