«بنك الكويت الوطني»: رفع الفائدة أول خطوة نحو التضييق المالي
الوسط – المحرر الاقتصادي
قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إن مجلس الاحتياط الفدرالي يبدأ برفع الفائدة، وآراء الأسواق والمجلس متباعدة ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "القبس" الكويتية اليوم السبت (19 ديسمبر / كانون الأول 2015).
وأضاف: انتهت أخيراً فترة الانتظار التي سبقت قرار رفع أسعار الفائدة الأميركية، الذي أعلن عنه في ديسمبر، وهو أول خطوة نحو التضييق المالي منذ تسع سنوات. فقد ارتفعت أسعار الفائدة الفدرالية، بواقع 25 نقطة أساس لتبلغ مستوى 25 إلى 50 نقطة أساس، مما يضع الأسواق في مواجهة مجموعة جديدة من التساؤلات عن مدى سرعة مجلس الاحتياط برفع الأسعار، ومدى تأثير هذا الارتفاع في الاقتصاد الأميركي والنظام النقدي والسلع والعملات. وسرعان ما رفعت دول مجلس التعاون الخليجي أسعار الفائدة الأساسية، كالكويت والإمارات والبحرين والسعودية، بعد مجلس الاحتياط الفدرالي، وذلك بواقع 25 نقطة أساس.
ويتوقّع المحللون تحسّنا ضئيلا في أداء الاقتصادات خلال معظم عام 2016، محققة تحسّناً طفيفاً عن عامي 2014 و2015، حينما بلغ النمو العالمي %3.2 في المتوسط.
ويتوقع صندوق النقد الدولي بلوغ نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي مستوى مقبولاً نوعاً ما عند %3.6، لا سيما مع تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني، الذي قد يؤدي إلى خفض التوقعات إلى مستويات عامي 2014 و2015.
وفي ما يخص الاقتصادات الكبيرة، فمن المتوقع أن يسجل اقتصاد أميركا نموّاً، بواقع %2.8 ومنطقة اليورو، بواقع %1.6 واليابان بواقع %1، والصين بواقع %6.3، والأسواق الناشئة بواقع %4.5. ونرى أن اقتصاد أميركا والأسواق الناشئة أكثر عرضة لخفض التوقعات.
ووفقاً لهذا السيناريو، فتتوقع الأسواق أن يقوم مجلس الاحتياط الفدرالي برفع أسعار الفائدة إلى هدف 75 أو 100 نقطة أساس بحلول ديسمبر من عام 2016، بينما يشير المجلس إلى رفع الأسعار بقدر 150 نقطة أساس، الذي يعد مستوى مبالغاً فيه، وقد تتغير التوقعات حوله لعام 2016 مع ظهور البيانات، ومع مرور الوقت. وقد فاجأ البنك المركزي الأوروبي الأسواق حينما خفض أسعار الفائدة على الودائع فقط، واطال مدة برنامج التيسير الكمي من سبتمبر 2016 إلى مارس 2017. ولكنه لم يتماشَ مع توقّعات الأسواق التي رجّحت قيامه بزيادة المبلغ الشهري الذي يقوم البنك بشرائه من الأوراق المالية (القيمة الحالية 60 مليار يورو).
وتراجع سعر اليورو أمام الدولار الأميركي بصورة ملحوظة وسريعة في ديسمبر، على خلفية إعلان البنك المركزي الأوروبي ليصل التراجع إلى ما يقارب %5. وقد أعادت الأسواق النظر في التقديرات السابقة التي رجحت توسع التباعد بين سياسة البنك المركزي الأوروبي ومجلس الاحتياط الفدرالي التي أدت الى المزيد من الانتعاش في سعر الدولار في الفترة الأخيرة.
وقد تدعم تلك التوقعات التي ترجح التريث في انتعاش الدولار التراجع الاخير في أسعار النفط التي قد تتسبب في إضعاف التضخم وإبقاء أسعار الفائدة الحقيقية أعلى في منطقة اليورو. ومع تقلُّص الفجوة بين سياسة البنك المركزي الأوروبي ومجلس الاحتياط فقد قام المحللون بمراجعة توقعاتهم بشأن الدولار.
وعلى عكس التوقعات والآمال أيضاً أبقت «أوبك» سقف انتاجها عند 30 مليون برميل يومياً من دون تغيير في اجتماعها خلال شهر ديسمبر (إذ يقف الانتاج حالياً عند 31.5 مليون برميل يومياً) مع وجود احتمالية ارتفاع الانتاج مستقبلاً مع رفع إنتاج إيران. وقد أدى ذلك إلى تزعزع أسعار النفط إلى أقل مستوياتها منذ تسع سنوات. وقد فرض تراجع أسعار النفط سابقاً ضغوطه على نشاط الأسهم، وليس فقط في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي الحساسة. بل واجهت أيضاً الأسهم في الاقتصادات المتقدمة ضغوطاً من أسهم القطاع النفطي وأيضاً من المخاوف أن تراجع أسعار قد تعكس تباطؤا في النمو الاقتصادي.
وتؤكد البيانات الأخيرة الخاصة بالاقتصادات المتقدمة السيناريو أعلاه. فقد ارتفع التوظيف في أميركا، بواقع 211 ألف وظيفة في نوفمبر وثبت معدل البطالة عند %5 وارتفعت الأجور والرواتب إلى ما يقارب %2 على أساس سنوي. كما تشير أيضاً مبيعات التجزئة ومبيعات السيارات والمنازل إلى قوة الاقتصاد الأميركي وارتفاعه إلى أكثر من %2 في عام 2016، وذلك وفق ما يراه مجلس الاحتياط الفدرالي، حيث إن الوقت قد حان لرفع أسعار الفائدة على المدى القصير إلى أعلى من مستوى الصفر الذي وُضع في عام 2009.
وستساهم تحركات البنك المركزي الأوروبي البسيطة في دعم قررا مجلس الاحتياط الفدرالي، برفع أسعار الفائدة تماشياً مع تباطؤ انتعاش الدولار مؤخراً.
وشهد اقتصاد منطقة اليورو ثباتاً مسجلاً ارتفاعاً غير متوقع، لا يتجاوز %1.5 من الناتج المحلي الإجمالي من دون وجود أي أثر يُذكر في النمو من الهجمات الإرهابية الأخيرة حتى الآن. وقد تمت مراجعة بيانات الاقتصاد الصيني ورفع النمو للربع الثالث من عام 2015 إلى زيادة بواقع %1 على أساس ربع سنوي. إذ بلغ نمو الاقتصاد الصيني %6.9خلال الربع الثالث من عام 2015، متراجعاً من %7 في الربع السابق. ولكن يرى كثير أن وتيرة النمو الحقيقي اقل من ذلك. وتم إدخال عملة الرينمنبي إلى سلة صندوق النقد الدولي للعملات بوزن %10.9، اعتباراً من أكتوبر من عام 2016، مما أضاف قيمة ومصداقية للعملة الصينية.
وفي ما يخص اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، نتوقع أن يصمد نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2016، تماشياً مع استمرار الحكومات بالالتزام بوتيرة الإنفاق، على الرغم من القيام ببعض التعديلات عليه. إذ ستكون التعديلات تدريجية، وذلك لأن صناع القرار يتطلعون الى الحفاظ على مرونة واستدامة النمو. ومن المتوقع أن يصل النمو غير النفطي إلى %4 ـــ %4.5 في المنطقة. وكلما استمرت أسعار النفط على مستوياتها المتدنية عند أقل من 40 دولارا للبرميل، ازدادت الضغوط على الحكومات للقيام بالإصلاحات والتحكم في الميزانيات.
وتظل كل من الكويت وقطر من الاقتصادات الأقوى من ناحية المالية العامة، وقدرتهما على التأني في طرح التعديلات. ولكن من المحتمل أن تبدأ جميع دول مجلس التعاون الخليجي بإصدار أدوات الدين السيادية لتمويل العجز في الميزانيات للمرة الأولى منذ سنوات لمعظم تلك الدول.
وقد تساهم هذه الخطوة في تطوير أسواقها ذات الدخل الواحد (الأولية والثانوية)، كما من المتوقع أن يتسارع إصدار أدوات الدين الخاص، تماشياً مع رفع البنوك، والشركات من رؤوس الأموال.