«الكبار» يترجلون قسراً وطوعاً و«الجمعيات السياسية» بلا «رؤوس»
الوسط - حسن المدحوب
عبدالله الحويحي، إبراهيم شريف، علي سلمان، حسن العالي، فاضل عباس، وأخيراً عبدالنبي سلمان، إذا كان من حديث يطال الجمعيات السياسية، فهؤلاء هم «الكبار» فيها، ظلوا كذلك على مدى سنوات من العمل الحزبي، ولكنهم اليوم جميعهم ترجلوا عن سدة القيادة في جمعياتهم، بعضهم طوعاً، والبعض الآخر قسراً.
منذ العام 2001، بعد فتح الباب أمام التنظيمات السياسية للتشكل، شكل هؤلاء السابقون محور الأحداث التي شهدتها البلاد، ولكن الأزمة التي حصلت بعد العام 2011، تساقطوا كلهم كقطع الشطرنج، واحداً تلو آخر، منهم أجبرته تداعيات الأحداث أن يتنحى صراحة عن موقعه القيادي الحزبي، ومنهم من بات تنحّيه «تحصيل حاصل» بسبب غيابه القسري عن جمعيته.
اليوم، باتت جمعيات عدة منها الوفاق، والوحدة الوطنية، ووعد، والتجمع القومي، والوحدوي، والمنبر التقدمي بلا هذه «الرؤوس»، مستندة في حراكها الأشبه حالياً بحراك «الرجل المريض» إلى رجال الصف الثاني وحتى الثالث في تنظيماتها الحزبية.
آخر هؤلاء الكبار، كان الأمين العام الحالي لجمعية المنبر التقدمي عبدالنبي سلمان، الذي أعلن قبل يومين تخليه عن زعامة الجمعية، بعد أن خلا اسمه من قائمة المترشحين للجنة المركزية التي تم انتخابها لدورة جديدة يوم الجمعة (11 ديسمبر/ كانون الأول الجاري)، والتي ستنتخب بدورها أميناً عاماً جديداً للجمعية خلفاً لسلمان لمدة ثلاث سنوات جديدة. فيما اختير خليل يوسف خلفاً له.
وفي (16 مايو/ أيار 2015)، ترجل عبدالله الحويحي عن رئاسة اللجنة المركزية في جمعية تجمع الوحدة الوطنية، إثر إعلانه عدم الترشح لها خلال المؤتمر العام الثالث للجمعية ويومها قال الحويحي «باعتباري رئيس الهيئة المركزية السابق، أقول إننا عملنا في فترة من أصعب الفترات واستطعنا أن نتجاوز هذه المرحلة، الكثير من الإخوان عتبوا علي عدم الترشح، ومن حقكم عليّ لماذا لم أرشح، بداية هي استراحة محارب، لن نتنازل عن دورنا في المستقبل، ولكن المحارب من حقه أن يرتاح ليعيد النظر في المستقبل، لن نتنازل عما اعتقدنا به في الفاتح، وأنتم من يحمل رسالة وأهداف الفاتح».
وفي أواخر مارس/ آذار من العام الجاري، تم حبس الأمين العام السابق للوحدوي فاضل عباس، وكان لايزال في موقعه القيادي في الجمعية رسمياً، بعد أن اتهمته النيابة العامة «بنشر بيان للجمعية في وسائل الإعلام، تضمن تعريضاً بالإجراءات العسكرية التي تتخذها البحرين حالياً مع عدد من الدول الشقيقة من أجل إعادة الشرعية واستقرار الأوضاع في اليمن، بما من شأنه التشكيك في سلامة ومشروعية موقف المملكة السياسي والحربي».
وفي (28 يونيو/ حزيران 2015) أمرت المحكمة بحبس عباس 5 سنوات بتهم تتعلق بإذاعة أخبار وإشاعات كاذبة في زمن الحرب.
فيما ترك حسن العالي، وارث جمعية التجمع القومي من عميدها وأبيها الروحي رسول الجشي، موقعه طوعاً كأمين عام للجمعية، أواخر (يونيو/ حزيران 2015)، مفسحاً الطريق لخلفه عبدالصمد النشابة، ليكون أميناً عاماً للتجمع، وذلك بعد أن عقد التجمع المؤتمر العام الحادي عشر في 26 يونيو/ حزيران 2015، وفضل العالي أن يحتل منصباً شرفياً في جمعيته لمسئول إلى الثقافة والإعلام فيها.
أما إبراهيم شريف، الذي ظلت جمعيته «وعد» صامدة في إبقائه أميناً عامّاً عليها رغم الحكم عليه بالسجن 5 سنوات منذ العام 2011، ورغم اعتراض وزارة العدل على ذلك، فقد قرر التنحي عن رئاسة الجمعية في أكتوبر/ تشرين الأول 2014)، لتقوم اللجنة المركزية لجمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) في (27 أكتوبر/ تشرين الأول 2014) وبالإجماع بانتخاب رضي الموسوي أميناً عامّاً للجمعية خلفاً له.
كما بات منصب الشيخ علي سلمان كأمين عام لجمعية الوفاق، شاغراً عملياً منذ توقيفه أواخر العام 2014، ومن ثم الحكم عليه بالسجن 4 سنوات منتصف يونيو/ حزيران الماضي بعد إدانته من قبل المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة، بتهم التحريض على بغض طائفة وعدم الانقياد للقوانين وإهانة وزارة الداخلية، فيما برّأته المحكمة من تهمة إسقاط النظام بالقوة.
والمحصلة اليوم، ومع ترجُّل «الكبار» جبراً وطوعاً، فإن جمعيات سياسية باتت أشبه بالميتة سريرياً ولم يعد لها حراك سياسي واضح على الساحة الوطنية منذ ما يقارب من عامين، على رغم أن الساحة السياسية لاتزال «حية» ولاتزال ملفات كبرى تتحرك بسخونة ولكن من دون أن يكون للجمعيات السياسية أي دور فيها.
حالياً، ومنذ شهور كل هذه الجمعيات اختفت حتى كظاهرة صوتية، وأصبح نشاطها غالباً يعتمد على ندوات أسبوعية أو وقفات تضامنية لم تعد تستهوي الكثير من المتحمسين للسياسة كالسابق.