المنطقة الآمنة التركية في سوريا تحت الضغط الناري من روسيا والأكراد و«داعش»
الوسط – المحرر الدولي
ان القادة الأتراك متفائلين بقرب قيام المنطقة الآمنة عند الحدود السورية٬ حتى بعيد إسقاطهم طائرة روسية قالوا إنها اخترقت مجالهم الجوي أثناء قصفهامراكز للمعارضة السورية التي تدعمها أنقرة في منطقة جبل التركمان ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية اليوم الثلثاء (8 ديسمبر/ كانون الأول 2015).
لكن التطورات الميدانية التي جرت بعد ذلك٬ عقدت الأمور إلى حد بعيد باعتراف مصدر رسمي تحدث لـ«الشرق الأوسط» أمس.
فروسيا التي أنشأت منظومة دفاع جوي متطورة في المنطقة٬ ودفعت بمقاتلات حديثة إلى الميدان السوري ملوحة بإسقاط أي طائرة تركية تخترق المجال الجوي السوري٬ دفعت أيضا باتجاه إقامة ما يشبه «الجدار الناري» عند الحدود في رسالة واضحة لأنقرة بأنها لا تسمح بمثل هذه المنطقة٬ خصوصا أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان تحدث صراحة في أعقاب إسقاط الطائرة عن نيته مد المنطقة الآمنة إلى البحر.
فقبل سقوط الطائرة الروسية٬ كان الأميركيون يتحدثون عن قرابة مائة كيلومتر من الحدود التي يريدون من أنقرة إقفالها بشكل تام مع سوريا٬ من أصل نحو 900 كيلومتر هو مجمل المساحة التي يتشاركها البلدان.
وهذه المساحة التي تحدث عنها الأميركيون٬ هي تلك التي يحتلها تنظيم داعش٬ التي تمتد من جرابلس إلى منطقة قريبة من أعزاز التي تسيطر عليها المعارضة السورية المدعومة من أنقرة.
لكن ما حصل هو أن «داعش» بدأ يطبق نحو أعزاز٬ بينما كانت قوات الحماية الكردية تتجه إلى المنطقة نفسها منطلقة من جيبها في عفرين٬ بما يتهدد هذا المعبر الحيوي للمعارضة باتجاه مدينة حلب وريفها٬ بينما كانت قوات النظام السوري المدعومة من الروس تقترب من الحدود من جهة جبل التركمان٬ ووصلت إلى مسافة 3 كيلومترات من الحدود التركية.
وأبلغ رئيس المكتب السياسي للجبهة الشامية عبد الله العثمان «الشرق الأوسط»٬ أن القوات الروسية قدمت الغطاء الجوي للمقاتلين الأكراد الذين كانوا يتقدمون في اتجاه أعزاز٬ مشيرا إلى أن الطائرات الروسية شاركت بقصف المنطقة التي كان يحاول الأكراد التقدم باتجاهها.
وفي المقابل٬ كان «داعش» يحاول استغلال هذه الضربات التي نفذت على منطقة أعزاز محاولا التقدم من الجهة المقابلة.
وبينما قال مصدر في الجيش السوري الحر إن «إقامة المنطقة الآمنة في شمال سوريا لا تزال أولوية لدى الدولة التركية٬ كما أنها أولوية الأولويات بالنسبة للجيش الحر»٬ ولفت إلى أن «هناك بعض الإجراءات اللوجيستية قيد الإنجاز وتمهد للبدء بإعلان المنطقة الآمنة».
وكشف المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «أهم أسباب تأخر إنشاء مثل هذه المنطقة هو التصعيد الكردي في منطقة أعزاز وفي ريف حلب الشمالي الذي يهدف إلى إعاقة إنشاء المنطقة الآمنة». وقال: «إن قوات الحماية الكردية تستفيد من الدعم الجوي الروسي لها٬ وقصف الطيران الروسي لمواقع الجيش الحر من أجل التقدم ميدانًيا وإرباكنا٬ لكن الدعم الجوي لم يحقق لهم أي مكاسب على الأرض٬ وكل هجماتهم تمنى بالفشل٬ لأننا نتصدى لهم بقوة»٬ موضًحا أن «هدف هذه العمليات هو التشويش على المنطقة الآمنة وعرقلتها».
ويعترف مصدر رسمي تركي بأن ما حصل بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية قد «عقد الأمور» فيما يختص بقيام المنطقة الآمنة٬ لكنه شدد على أن أنقرة لم تتراجع عن هذا الخيار٬ ووصفه بأنه «خيار جدي وممكن التحقيق». وأشار المصدر إلى أن مجريات العمليات العسكرية الحالية قرب الحدود التركية٬ يؤثر بشكل مباشر على هذه الخطط٬ لكنه لن يمنعها في نهاية المطاف.
وأكد المصدر وجود استعدادات جدية تقوم بها تركيا بالتعاون مع حلفائها الإقليميين والدوليين لتأمين وسائل إقامة هذه المنطقة٬ كاشفا عن وجود عمليات تدريب «المنطقة الآمنة التركية في سوريا تحت الضغط الناري من روسيا والأكراد و"داعش" مكثفة تجري في الأراضي التركية لمقاتلين سوريين٬ يفترض أن يكون دورهم إقامة هذه المنطقة وحمايتها٬ مشددا على أن القوات التركية سوف تقوم بكل ما يلزم من أجل حماية هؤلاء ومد يد العون إليهم.
وأكد المصدر وجود تنسيق على مستوى عال٬ مع واشنطن فيما يخص هذا الموضوع٬ كاشفا أن الاستعدادات البرية هذه على وشك الانتهاء٬ لكنه أشار في المقابل إلى أن أي قرار لم يتخذ بعد بشأن مشاركة برية من قبل القوات التركية٬ أو دول أخرى لحماية هذه المنطقة.
وأوضح أن سيناريو الغطاء الجوي للمعارضة المعتدلة من شأنه أن يوفر لها قدرة أكبر على تنفيذ المهمة٬ وهذا ما تتم مناقشته بشكل جدي ومستفيض مع الأميركيين.
وكشف المصدر أن عملية جوية واسعة سوف تستهدف مناطق نفوذ تنظيم داعش من قبل التحالف الدولي الذي تشارك فيه تركيا٬ خلال أيام قليلة٬ بينما يبقى على المعارضة السورية المعتدلة إثبات وجودها على الأرض٬ مشددا على أن أنقرة لن تسمح لقوات «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي بالاستفادة من هذه الضربات لتوسيع نفوذه والتمدد أكثر.