طالبوا الأهل بالرد على تساؤلات الأطفال فقد يبحثون عن الإجابة عند الآخرين
أخصائيون: تثقيف الطفل جنسياً يبدأ من الصغر بأسلوب لا يتنافى مع القيم
الوسط - فاطمة عبدالله
أكد عدد من الأخصائيين الاجتماعيين والاستشاريين أن مسئولية تثقيف الطفل جنسياً تقع أولاً على عاتق الأهل، في الوقت الذي يبدأ فيه سن التثقيف عندما يبلغ عمر الطفل عام، موضحين أن الثقافة الجنسية لا تعني العلاقة كما يعتقد البعض وإنما كيفية الحفاظ على أعضاء الجسم وعدم السماح لأحد بلمسها، فضلاً عن تثقيف الأطفال بالتغيرات التي ستطرأ عليهم في مرحلة البلوغ.
وقالت أمين سر جمعية الاجتماعيين البحرينية بشرى مطر: «إن تثقيف الطفل جنسياً يبدأ من الصغر، إذ إن من المهم مراعاة تقديم هذه المعلومات بأسلوب علمي بسيط و حضاري لا يتنافى مع القيم والعادات المجتمعية، ولابد أن يقوم الأهل بهذا الدور منذ البداية، على أن تقدم معلومات متنوعة إلى الطفل عن جسده ونوع جنسه وأعضائه وأن كل عضو له دور مهم في حياة الإنسان وأهمية عدم السماح لأحد بلمس أعضائه وخصوصاً الأعضاء الخاصة وتعريفهم بالتغييرات التي ستطرأ عليهم، على أن تكون المعلومات المقدمة لهم تتناسب مع تقدمهم العمري».
وأضافت في حديث إلى «الوسط» «بعد تقديم المعلومات المبسطة إلى الطفل تبدأ المعلومات تتضح شيئاً فشيئاً إلى الطفل مع مرور السنوات حتى نصل إلى مرحلة تثقيف الأطفال جنسياً بمعلومات تتعلق بالتغيرات الهرمونية التي سيمرون بها مستقبلاً، وهي معلومات مهمة و يجب على الأهل قديمها للطفل لأنه إن تخلت الأسرة عن هذا الدور سيقوم به آخرون ربما يكونون غير مؤهلين أو غير ثقة».
وأكدت مطر أنه على رغم من أهمية تثقيف الطفل جنسياً، إلا أن هناك فئة ترفض ذلك باعتقادها أن هذه الثقافة يقصد بها العلاقة الجنسية فقط، مشيرة إلى أن تقديم معلومات عن ما قد تتعرض له الفتاة في سن البلوغ أو ما قد يتعرض له الذكور في هذه المرحلة هي ثقافة جنسية، فهذه الثقافة تبدأ بمعرفة اختلاف الجنس بين ذكر وأنثى وبين أهمية عدم السماح بلمس أعضاء الجسم، ولا تقتصر على العلاقة الجنسية كما يعتقد البعض.
مع أهمية مراعاة أن التغييرات الجنسية بوصوله لمرحلة البلوغ هي من الأمور الخاصة به وليست موضوع للتداول بين أفراد الأسرة.
وأوضحت مطر أن المناهج الدراسية والمدارس بدأت منذ زمن طويل بتقديم معلومات عن الثقافة الجنسية وعن التغيرات التي قد يمر بها الطفل حتى يصل لمرحلة البلوغ وهي معلومات عامة، إلا أنه على الرغم من ذلك فإن الأهل تقع على عاتقهم مسئولية الإجابة على تساؤلات أبنائهم، مبينة أن العديد من الطلبة تخطر على أذهانهم العديد من التساؤلات بعد تلقي هذه المعلومات في المدرسة، والتي يجب استقبالها بصدر رحب وعدم توبيخ الطفل أو الضحك عليه بل يجب على الأهل الاستعداد أولاً للرد على هذه التساؤلات لأننا لا نعلم متى سيتقدم الطفل بسؤاله ثم الاتفاق بين الوالدين على تقديم الإجابة نفسها على هذه التساؤلات بحسب عمر الطفل بدلاً من السماح أن يجيب على هذه التساؤلات أصدقاء الأطفال أو شخص غير مؤهل بالرد عليهم والذي ربما يستغل هؤلاء الأطفال بطريقة خاطئة، فالأهل هم المسئولون عن تقديم المعلومات أولاً ثم يأتي دور المدرسة في المقام الثاني، علماً أن المدرسة تقدم معلومات عامة والأهل يجب أن ينتبهوا لخصوصية أبنائهم والذي يقتضي منهم معلومات إضافية خاصة.
وأكدت مطر أن المعلومات المقدمة إلى الطفل يجب أن تتناسب مع عمره فلا يمكن إعطاؤه معلومات أكبر من عمره، وبعض المعلومات تقدم للطفل دون الحاجة لسؤاله بينما هناك معلومات ننتظر تقديمها إلى أن يبدأ الطفل في التساؤل مع أهمية مراعاة ذكاء الطفل وبالطبع أن الإجابة على تساؤلات الطفل هي من مسئولية الأهل وتثقيف الطفل جنسياً يعتبر من أسس التربية التي على الأسرة القيام بها منذ الصغر.
من جهتها قالت استشاري جودة الحياة الزوجية أمل محمد عبيد: «يبدأ تثقيف الطفل جنسياً عندما يبدأ بالكلام وقد يكون ذلك مع عمر العام، فبعد تعليم الطفل على الذهاب إلى دورة المياه على الأهل وخصوصاً الأم تعليم الطفل بأن هناك أعضاء في الجسم لابد أن لا يسمح لأحد بلمسها فتعليم الطفل كلمة مكونة من ثلاث حروف وهي «عيب» بحسب كلامنا الدارج يعزز له ثقافة عدم السماح لأحد بالاقتراب من أعضائه».
وأضافت «قبل هذه المرحلة على الأم أن لا تسمح بتبديل الطفل أمام الآخرين ولا تسمح لأحد أن يقوم بتبديله فكل ذلك يعزز مبدأ الحرام عند الطفل، وخصوصاً أن الأخير يستطيع أن يستشعر الحركات الطبيعية والغير طبيعية، لذا يكون دور الأهل في تعليم الطفل الثقافة الجنسية أكبر من دور الجهات الأخرى».
ولفتت عبيد أن من الطرق التي يمكن فيها تعليم الطفل وتثقيفه جنسياً في الصغر هي قصص ما قبل النوم، إذ إن أفضل طرق تعليم الطفل هي قصة ما قبل النوم فقد أثبتت فعالياتها في تعزيز السلوك الجيد والمفاهيم لدى الطفل، فيمكن تعليم الطفل كيفية تحاشي التحرشات الجنسية من خلال هذه القصص ويمكن طرح قصة بأسلوب مباشر بكلمات بسيطة ومفهومة أو عن طريق غير مباشر.
وأشارت عبيد أن المجتمع اليوم يمكن أن يساعد الأهل في تعليم كيفية تثقيف الأطفال فهناك العديد من المواقع والفيديوهات المصورة التي تعرض طرق حماية الطفل والمساهمة في تثقيفه.
وعن فترة البلوغ وكيفية تثقيف الأبناء في هذه المرحلة أكدت عبيد أنه لابد أن تتهيأ الأم أو الأب إلى هذه المرحلة قبل فترة زمنية فلا يمكن تثقيف الأبناء في نفس المرحلة فلابد من تهيئتهم، فعدم تهيئة الأبناء قد يؤدي إلى إصابتهم بالخجل أو الانعزال في حال لم يتم تثقيفهم مسبقاً، وذلك بسبب التغيرات الهرمونية التي قد تطرأ عليهم.
وأكدت عبيد بأن الطفل عندما يبدأ يسأل على الأهل الرد على تساؤلاته بتقديم معلومات تتناسب مع عمره، داعية إلى عدم غلق الأبواب أمام الأطفال عند توجيه الأسئلة فقد يلجأ الطفل إلى من هو غير مؤهل فقد يسمع من الآخرين معلومات غير صحيحة.
وقالت عبيد: «على الأب تقديم النصح إلى الابن والأم إلى الابنة وذلك كل حسب جنسه، ويكون ذلك عبر جلسة سرية خاصة تجمع الطرفين، على أن تكون هذه الجلسة صريحة يطغى عليها طابع الفكاهية، إذ إن ذلك سيشعر الأبناء بالأمان، فالجدية في هذه المواضيع قد تشعرهم بالأمان، لذا أنصح بأن تكون جلسة خاصة بين الطرفين يتم التحدث فيها بتقديم معلومات علمية على أن تكون هناك مواقف فكاهية تخفف من الخوف الذي يشعر بها الأبناء في هذه المرحلة».
وفي سياق متصل أوضح عدد من أولياء الأمور أن هناك عدم تقبل في المجتمع بتثقيف الطفل جنسياً، على رغم من أن هذه الثقافة لا تقتصر على العلاقة، فتثقيف الطفل يعني حمايته من التحرش الجنسي وتعريف الطفل بالتغيرات التي قد تطرأ عليه مستقبلاً، فهي ثقافة عامة على الجميع تقبلها.
وأوضح أولياء الأمور أن المدارس اليوم بدأت في تثقيف الطفل وأخذت عاتقاً على نفسها في تثقيفه، إلا أن الأهل لهم دور آخر في تثقيف أطفالهم من خلال الرد على تساؤلاتهم.
وفي سياق متصل حرصت وزارة التربية والتعليم من خلال المناهج الدراسة تثقيف الطلاب جنسياً بما قد يطرأ عليهم في فترة البلوغ، كما قامت العديد من المبادرات الوطنية بزيارة المدارس الحكومية والخاصة لتوعية الطلاب بكيفية تحاشي التحرش الجنسي وكيف عليهم التصرف في حال وقوعه، فضلاً أن وزارة التربية والتعليم وضعت قوانين صارمة لمن يقوم بالاعتداء على العرض يتم من خلالها حرمان الطالب أو الطالبة نهائياً من الدراسة النظامية في المدارس الحكومية وذلك بعد إجراء تحقيق في المخالفة، كما قامت بسن قوانين للانحرافات الأخلاقية كالقيام بالحركات الجنسية، إضافة إلى تحويل الطالب إلى أخصائي اجتماعي في حال نشر وترويج الثقافة الإباحية في المدرسة، وذلك في ظل حماية الطلبة وضرورة حصولهم على المعلومات العلمية من المناهج الدراسية.