الأنظار إلى باريس.. هل تُذوب قمة المناخ الجليد بين أردوغان وبوتن؟
الوسط – المحرر السياسي
تتجه الأنظار اليوم الإثنين (30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015) الى باريس لاكتشاف ما إذا كان "حزن" الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على إسقاط الطائرة الروسية، واستعداد أنقرة لتسليم موسكو جثمان الطيار الروسي، يكسران الجليد المتراكم مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي وقّع مرسوماً فرض بموجبه مجموعة واسعة من العقوبات الاقتصادية على تركيا.
كما يرى العديد من المحللين أن قمة المناخ العالمية سيكون لها تأثير حاسم ليس على مستقبل الجهود الدولية للتصدي للتغير المناخي ومكافحة الإرهاب، بل ومستقبل العلاقات الروسية-التركية، وذلك بعد أن أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن نيته الاجتماع بنظيره الروسي على هامش فعاليات المؤتمر، إذ وعد بمعالجة الأضرار التي ألحقتها حادثة إسقاط القاذفة الروسية بصاروخ تركي في أجواء سوريا الأسبوع الماضي.
وأكد الكرملين أنه تلقى طلبا من الجانب التركي بعقد لقاء ثنائي بين بوتين وأردوغان، وذكر أنه تم إبلاغ الرئيس الروسي بهذا الطلب.
ولم تعلن موسكو قرارا نهايا بقبول الطلب التركي أو رفضه.
وسبق للكرملين أن ربط تفادي بوتين لعقد أي اتصالات بأردوغان، بعدم استعداد الجانب التركي لتقديم اعتذار رسمي بعد إسقاط الطائرة الحربية الروسية.
وحسب ما أعلنته الدائرة الصحفية للكرملين، سيعقد بوتين 3 أو 4 لقاءات مع نظرائه على هامش المؤتمر، ومنها المحادثات المخطط لها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيسة الكورية الجنوبية بارك كون هيه.
كما من المقرر أن يلتقي بوتين رئيس بيرو أويانتا هومالا للتوقيع على بيان مشترك حول إطلاق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
كما من المحتمل عقد لقاء ثنائي بين بوتين والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، ولم يستبعد الكرملين أن يلتقي بوتين مع نظيره الأمريكي باراك أوباما. وعلى الرغم من أن مثل هذا اللقاء ليس مدرجا على جدول أعمال الزعيمين، لكن ما سبق عقده من القمم الدولية يظهر أن الرئيسين الروسي والأمريكي لا يفشلان أبدا في الاستفادة من الفرص السانحة لبحث القضايا الملحة على الساحة الدولية وفي العلاقات الثنائية.
وفي مقابل التوتر المتصاعد مع روسيا، تستفيد أنقرة من مخاوف الاتحاد الأوروبي من قضية اللاجئين، حيث ستحصل تركيا على حوالى 3.2 مليارات دولار وعلاقات أوثق مع الاتحاد مقابل مساعدة أنقرة في وقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا.
ووقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الأول، مرسوماً تضمن الإجراءات العقابية ضد تركيا. وجاء في المرسوم أن الإجراءات التي أعدّتها الحكومة الروسية و "الهادفة إلى ضمان الأمن القومي وأمن المواطنين الروس" تشمل حظر رحلات "التشارتر" بين روسيا وتركيا ومنع أرباب العمل الروس من توظيف أتراك وإعادة العمل بنظام تأشيرة الدخول بين البلدين، مع "وجوب امتناع وكالات السفر الروسية عن اقتراح مواد على المواطنين الروس تشمل زيارة أراضي تركيا".
وأوضح المرسوم أنه اعتباراً من أول كانون الثاني المقبل "لن يكون في استطاعة (أرباب العمل الروس) توظيف أفراد من بين مواطني الجمهورية التركية»، وهو يمنع أيضا «المنظمات الخاضعة للقوانين التركية" من العمل على الأراضي الروسية.
ويلحظ المرسوم "منع استيراد بعض أنواع البضائع التي مصدرها الجمهورية التركية أو الحد منه"، من دون تحديد تاريخ لذلك، وذلك استنادا إلى لائحة تحددها الحكومة الروسية ولم ينشر مضمونها.
وحاول أردوغان، أمس الأول، تهدئة الوضع، برغم توصية الأتراك بتجنب السفر غير الضروري إلى روسيا.
وقال أردوغان "أنا فعلا حزين لهذا الحادث. نتمنى لو لم يحصل أبداً، لكنه حصل. آمل ألا يتكرر مجددا". وأضاف "نأمل ألا تتفاقم القضية بيننا وبين روسيا تفاقماً إضافياً، وألا تترك عواقب وخيمة في المستقبل". وتابع "روسيا مهمة لتركيا كما هي تركيا مهمة لروسيا. البلدان لا يمكنهما الاستغناء الواحد عن الآخر".
وكرر دعوته بوتين إلى لقاء مباشر أثناء وجودهما في باريس لحضور قمة المناخ، والتي تنطلق اليوم. وقال "يجب ألا ندع هذه القضية تتصاعد إلى حد تقضي فيه بالكامل على علاقاتناظ"، لافتاً إلى أن "القمة (حول المناخ) قد تشكل فرصة لإصلاح علاقاتنا".
إلا أن موسكو رفضت تخفيف الضغوط عن أنقرة. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف "من وجهة نظرنا، من الصعب الآن تحديد إلى أي مدى يمكن التنبؤ بسلوك القيادة التركية". ووصف تصرف سلاح الجو التركي بأنه "جنون مطبق". وقال إن تعامل أنقرة مع الأزمة بعد وقوعها ذكّره "بمسرح العبث".
وقال بيسكوف "لا أحد يملك الحق في إسقاط طائرة روسية غدراً من الخلف"، واصفاً الدليل التركي الذي يزعم أن الطائرة الروسية اخترقت المجال الجوي التركي بأنه "رسوم كرتونية". وقال إن الأزمة دفعت بوتين "للاستنفار" بطريقة الجيوش في أوقات الأزمات. وأضاف "الرئيس مستنفر.. مستنفر تماما.. مستنفر للحد الذي يقتضيه الموقف. هذا الظرف غير مسبوق. هذا التحدي لروسيا غير مسبوق. لذا، من الطبيعي سيكون رد الفعل على قدر هذا التهديد".
إلى ذلك، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في مقابلة مع قناة "فرانس 24" بثت أمس الأول، أن "هذا الحادث بين عضوين أساسيين في التحالف ضد تنظيم الدولة الإسلامية مؤسف". ودعا قادة البلدين إلى "نزع فتيل هذه الأزمة وحلها عبر الحوار".
وقال وزير الخارجية القطري خالد بن محمد العطية، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الايطالي باولو جينتيلوني في الدوحة، إن "تركيا وروسيا ستجدان طريقة للحل السياسي والديبلوماسي"، معرباً عن أمله "ألا يكون هناك تصعيد بين البلدين".