العدد 4830 بتاريخ 27-11-2015م تسجيل الدخول


الرئيسيةالوسط أونلاين
شارك:


الحياة - خطر بوتين على السعودية ! مقال جمال خاشقجي

صحيفة الحياة السعودية (28 نوفمبر 2015)

الأفضل أن نأخذ على محمل الجد التهديدات الروسية المبطنة في شكل مقالة في صحيفة «البرافدا» تدعو إلى معاقبة المملكة وقطر وتركيا قبل أن تكون الدول الثلاث سبباً في بدء حرب عالمية ثالثة، لدعمها «داعش»! وفق زعم الجريدة المقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أو مقالة أخرى في موقع «صدى موسكو» لمستشار سابق للرئيس، يدعو فيها بوقاحة إلى استهداف مواقع عسكرية ونفطية في المملكة وقطر. نعم بوتين أحمق ودموي ولا يؤتمن وأعتقد بأنه يكرهنا أيضاً، ويجب أن نعتبر هذه التهديدات صادرة عنه مباشرة.

لقد بنى سمعته منذ أن اعتلى عرش الكرملين قبل 15 عاماً على أنه رجل روسيا القوي الذي لا يرحم، وأسس شعبيته بتحفيز مشاعر القومية والفخر الوطني الروسي، أشعل جذوة في نفوس الروس تشبه الفاشية، فعوضهم بذلك عن فشله الاقتصادي وأكبر حال تفاوت في الثورة في العالم بين فقراء ومتوسطي الدخل، هم أقرب إلى الفقر، وأقلية حاكمة فاحشة الثراء.

مضى بوتين منتصراً من الشيشان التي أوغل فيها قتلاً وتدميراً، الى أوكرانيا فضم القرم إلى الإمبراطورية، مخالفاً بذلك الشرعية الدولية، لكنه زمن أوباما، الرئيس الأميركي الذي يحتاج إلى من يترجم له المثل العربي «أشبعتهم سباً ومضوا بالإبل»! احتج الغرب وأرغى وأزبد، ثم قبل بالأمر الواقع، ثم جاء القيصر إلى عالمنا العربي حيث يزعم أن له فيه «مصالح حيوية»، فدخله من دون استئذان وتربع فيه، وتحالف مع الأقلية الطائفية وشرع معها يقتل ويستبد ويفرض أمره الواقع.

بل يحاول أن يعيد ترتيب البيت المسلم، فمضى إلى حيث الأقلية التي توافقه الهوى والطموح، حاملاً مصحفاً تاريخياً كتب في روسيا، وجلس بين يدي آية الله خامنئي المرشد الإيراني، جلسة المريد إلى شيخه، أهداه المصحف وفرك يديه في خضوع، في إشارة رمزية لا تخفى على حصيف، هنا المرجعية، هنا الإسلام، وفي الوقت نفسه يتجرأ ويهاجم ما وصفه بسياسة «الأسلمة» في تركيا! إذاً هي مسألة وقت، وسيهاجم السعودية ويحمّلها وزر القديم والجديد معاً.

عاش بوتين سلسلة من الانتصارات انتظمت في عقد كان سيلبسه يوم يبايع بصفته صاحب القوة المهيمنة على منطقة تمتد من القرم حتى الشام، فلم يقطع عليه حلمه غير عناد ثلاث دول رفضت مشروعه، وأبت الخضوع له، هي السعودية وتركيا وقطر.

تجلى هذا كله صباح الثلثاء الماضي عندما أسقط سلاح الجو التركي مقاتلة روسية خرّت وسط تكبير وتهليل الثوار السوريين على جبال التركمان قرب الحدود السورية التركية، لحظات قليلة كانت كافية لرسم قواعد جديدة للعبة السياسية في الشرق الأوسط.

مثلما غيّر بوتين قواعد اللعبة عندما جاء بطائراته ليشارك الإيرانيين والنظام السوري حربهم على الشعب الذي يريد حريته، غيّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قواعد بوتين الآن، وينتظر العالم رد فعل الأخير، وهل سيقبل بالقواعد الجديدة أم سيقلب الطاولة على الجميع مرة أخرى؟

سوف تتكرر حادثة الطائرة الروسية، فنحن تقريباً في حال حرب مع الروس على رغم كل الزيارات والاجتماعات والابتسامات. عاجلاً أم آجلاً ستتداخل السعودية وقطر وتركيا مع المعارضة السورية في نظر بوتين، فبعدما يفشل في هزيمتها، سيبحث عن أحد يلومه، ولن يجد غيرنا.

ثم إذا ما فشلت مفاوضات فيينا المقبلة (والغالب أنها ستفشل) فلن تجد الأطراف المتنازعة في سورية غير تصعيد المواجهة لتحقيق نصر يحسم الصراع، ما سيؤدي إلى فرز الصفوف إلى «فسطاطين لا ثالث لهما» وليس لأسامة بن لادن علاقة بهذا المصطلح وإن استخدمه مرة واشتهر به، فسطاط الشعب السوري الحر وحلفائه، وفسطاط الثلاثي الطائفي المعادي للحرية وحلفائه أيضاً.

بل قد تحصل مواجهة أخرى حتى قبل فيينا، لقد صفعت حادثة «السوخوي» صورة بوتين الذي لا يقهر وروسياه المهابة، سيؤثر ذلك في وضعه الداخلي، وخصوصاً مع بدء وصول جثامين الجنود الروس المتورطين في أول حرب خارجية منذ هزيمتهم في أفغانستان، لعله يتحدى الأتراك مرة أخرى فتسقط «سوخوي» أخرى أو «ميغ»، حينها سيجن جنونه. لقد شرع الآن بقصف عشوائي في مناطق التركمان السورية، إنها ليست حرباً، هذا انتقام! من يضمن ألا تسقط «سوخوي» أخرى بصاروخ أرض جو هذه المرة؟ سيزداد الدب غضباً، سيتهم السعودية أو قطر أو كليهما بأنهما اللتان زودتا الثوار بالصاروخ ويحملهما المسؤولية.

وضعه الاقتصادي المتردي أيضاً يزيد في غضبه، فاقتصاده خسر موقعه بوصفه قوة ثامنة في العالم، وتراجع إلى ما بعد إسبانيا وكوريا الشمالية اللتين تفوقتا عليه في الناتج القومي. هنا سيتهم السعودية بأنها سبب خفض أسعار النفط.

هل يمكن أن نلتقي مع الروس في منتصف طريق سوري كي لا يحدث بيننا وبينهم ما لا تحمد عقباه؟ أستبعد ذلك، فلو حددنا بوضوح مشروعنا في سورية والمنطقة، وهو مشروع ليس فيه تدخل في سورية وإنما يقوم على استقلالها التام وقيام حكم ديموقراطي تعددي فيها، ثم لو حددنا المشروع الروسي لوجدناه يقوم على حكم أقلية وتدخل أجنبي دائم، بغطاء انتخابات كاذبة وديموقراطية تشبه تلك التي في روسيا، حيت تراجعت الحريات العامة، وتغوّلت الدولة، وخافت الصحافة بعدما أضحى ثمن المهنة رصاصة في زقاق وجريمة تسجل ضد مجهول.

هذان المشروعان يصطدمان في فيينا، ولاختلافهما الشديد لن يتفقا، كما أنهما يصطدمان على الأرض السورية حتى ينتصر أحدهما على الآخر. ومثلما يستحيل أن تقبل المملكة بنفوذ إيراني دائم في سورية، ستشاركها في ذلك استراتيجياً تركيا التي لا تريد نفوذاً روسياً دائماً جنوبها. الخلاصة أننا سنصطدم لا محالة، وبما أن السيد بوتين يفتقد أخلاق الفرسان ليقبل الهزيمة والرحيل بروح رياضية. سيستمر في الغالب في المواجهة، وسيصعد عسكرياً في سورية، سيحاول أن يشق صفنا ويفرقنا، فثمة ثغرات في صفنا يسعى إلى استغلالها، فحالنا كحال الحسين بن علي رضي الله عنهما، حولنا حلفاء سيوفهم معنا وقلوبهم علينا (وقد عكست النص ليتفق مع السياق)، هؤلاء يتفقون مع بوتين في بعض أجزاء مشروعه، إعادة إنتاج الاستبداد في سورية بنظام ديموقراطي مشوه لا يحمل رأس الأسد ولكن يعيش بمخالبه، ولا يضيقون بتمدد إيراني روسي هناك، وإنما يضيقون بصعود المملكة إلى رتبة قيادة المنطقة، وضاقوا أكثر أنها تحالفت مع تركيا، وأن علاقاتها بها تتوسع كل يوم وتخطط للمستقبل معها. لو تغير ميزان القوى في المنطقة لمصلحة معسكر بوتين فسيسفر هؤلاء عن جلدهم الحقيقي وينحازوا إلى القيصر.

أخيراً، هل يجرؤ بوتين على عمليات قذرة في بلادنا أو تركيا أو قطر، كالتي دعت إليها الـ «برافدا» ومستشاره السابق المشار إليهما في بداية المقال؟ كأن يستهدف موقعاً يزعم أنه معسكر لتدريب إرهابيين، أو أنه مخزن أسلحة كانت سترسل إلى سورية وتهدد «السلم العالمي» وسلامة الطيارين الروس! هذه أخطار يجب أن تدخل في الحسبان، ما يستدعي تنشيط السياسة الخارجية السعودية بالتعاون مع الأتراك والقطريين لإقناع الأوروبيين بأن سياسة السكوت على بوتين ستفتح شهيته مثل أي ديكتاتور، فالرجل يتصرف بغرور الفتى المتنمر لا السياسي المحنك، فهو ربيب مدرسة الاستخبارات السوفياتية القديمة، وبالتالي لا يتردد في اتباع أقذر أساليبها، مثل اغتيال رئيس شيشاني سابق لجأ إلى الدوحة عام 2000، أو تصفية معارض له بالسم في لندن عام 2006 بطريقة مريعة، حتى رؤساء الجمهوريات لم يسلموا منه، إذ سمم رئيساً سابقاً لأوكرانيا خلال مساعي ومؤامرات بوتين لإعادتها إلى بيت الطاعة الروسي، ما أدى إلى تزوير انتخابات، فثورة شعبية انتهت إلى حرب أهلية لا تزال تعيشها حتى اليوم. سجلّ سلبي حافل، ولكن يبقى بوتين مهماً، ومن الضروري التعامل معه، ذلك أنه يترأس قوة عظمى.

لا أريد تثبيط العزائم، ولا أقول إنه لا قبل لنا به، وإنما أتوقع الأسوأ وأدعو إلى الحذر، ثم إننا في حال دفاع، ولا نستطيع الانسحاب من الساحة السورية، فدعمنا لثورتها هو دفاع لا مناط منه عن بلادنا. المهم أن نتوخى الحذر ونحن نخطو مضطرين في الغابة الروسية.

جمال خاشقجي... اعلامي وكاتب سعودي 



أضف تعليق



التعليقات 15
زائر 1 | كيف سقط اخوان الشيطان 2:01 ص الاستاذ جمال الخاشقجي سقط مع سقوط الاخوان وبالتالي اصبح يتعلق بالقشة التي تحفظ له ماء الوجه. فبعد اغلاق قناة العرب في البحرين، اصبح يتشبث بآي قطعة قماش للوصول الى قصر السلطان. الكل يعرف انك اخواني وان النظام التركي من الاخوان، وحديثث عن الاقلية الطائفية والتي تقصد بها الشيعة وحمل بوتين للمصحف يدل على قصر نظرك وعاطفيتك. اذا كنت تخاف من ان روسيا ستضرب .... فآنسى ذلك لان روسيا قبل ان تقدم على اي حرب تفكر الف مرة وليست همجية تقتل الاطفال وبعد ذلك تقول من اجل السلام. الله يهديك.. رد على تعليق
زائر 2 | كتابة غير مؤهلة 2:09 ص الكاتب عاطفي جدا ..ويقرأ الاحداث من منظور رومانسي ومن ماينتمي اليه من اثنية وطائفية وهده الصيغة طاغية على اسلوبه ..ودعا هدا الاسلوب بالاسلوب الانتقائي المتمني ..ينتقي احداث ويسخرها لجعلها سبب في تمني احداث جديدة ..غير قارئ جيد حتى للتاريخ وغير منصف ولا يرقى حتى للكتابة في النقد السياسي او العسكري وشكرا للوسط رد على تعليق
زائر 13 | واو كبيرة 2:51 ص امشدخ...
زائر 3 | الحقيقة 2:11 ص في الواقع ما ذكرته صحيح بخصوص الرجل القوي بوتين ولكنه اتي ليحمي الشعوب من خطر تمدد الإرهابيين ولو لا تهديدهم الخليج لما تحركت دول الخليج وهم من زرعوها اما بخصوص تركيا فهي لا تري الا الدولار من أين يأتي ونتمني ان تعي جميع الدول مصلحة شعوبها ولو بالشئ اليسير رد على تعليق
زائر 5 | كم اتمنى ان تشتعل حرب عالمية ثالثة وتحرقكم 2:19 ص عندها سننفك من هؤلاء الطائفيين رد على تعليق
زائر 24 | بالضبط 5:24 ص صدقت.
زائر 8 | كلام فاضي لا صحه له 2:25 ص يقصد الكاتب .. خطر بوتين على داعش .. ان شاء الله يقضي عليهم لآخر حيوان بعون من الله رد على تعليق
زائر 9 | يوم الي بيخلص بترولكم او يطب سعره ازيد وكل شي جايز 2:25 ص مثل ما طب سعر البترول الى اقل من النص عادي يطب اكثر واكثر وساعتها بتحب ايد السفير الروسي جان يشغلونك خدام في روسيا ويش قال فشل اقتصادي ما حد غير بلدانا الي تعيش اكبر فشل اقتصادي والدليل بس انخفض سعر البترول شوف حالنا والقادم اعظم وروسيا لو مو قوى الغرب والتكالب الي صار عليها جان اليوم ولا امريكا توقف ضدها ولا دويلة مثل قطر تطلع وعامله فيها إمبراطورية رد على تعليق
زائر 16 | قال ويش أقلية 2:53 ص هالاقلية اللي مو عاجبتك تحارب الشر و الدمار و بعون الله راح تنتصر و اقول صلحوا وضع بلدانكم احسن من التدخل في سوريا و غيرها بحجة حماية بلدانكم معزوفة قديمة شبعنا منها و ملينا
زائر 15 | كل تحليلاتك مجرد أوهام 2:52 ص من زمان والبي بي سي يستقبلونه ويحلل ويفسر وكلامه لايقنع ولايفهم لو انه في بلد آخر لا أحد يسمعه نظريته طائفية بحته رد على تعليق
زائر 18 | الروس 3:41 ص ماشان قطر و السعودية في سوريا هل نحن نحب شعب سوري اذا كانت اجابه بنعم لماذا لم نفتح لهم حدودنا للقدوم والعيش فيها الموضوع في سوريا طائفي اكثر من يكون سياسي اما بخصوص الميسترو بوتين انت قلتها متخرج من مدرس سوفيت يعني لازم نسال اوروبا والخصوص الالمان ماذا فعلو فيهم رد على تعليق
زائر 20 | أتفق ولا أتفق 4:17 ص أتفق مع ما جاء في المقال تماما لو أن تركيا اعترفت بأنها تعلم ان الطائرة لروسيا واسقطتها ولكنها للأسف تقول لم نكن نعلم ان الطائرة روسية. رد على تعليق
زائر 25 | الاسد 6:00 ص اذا كان الكاتب يتهم بوتين بالفشل الاقتصادي .. فبماذا انتم نجحتوا .. الفشل راكبكم بكل ناحيه .. ثم ان من حق روسيا الدفاع عن مصالحها بغض النظر عن اختلافنا معها .. الظاهر الكاتب تناسى انهم فشلوا في افتتاح اصغر مشروع يمكن ان يحدث في اي دول في العالم العاشر .. الا وهو قناة تلفزيونيه .. فجاء ليصب جام فشله على روسيا رد على تعليق
زائر 27 | و العرب 6:30 ص و الاعراب ايضا هذه الايام يفتخرون باصلهم مع ان الرسول صلى الله عليه و اله قال انه لا فرق بين اعجمي و اهربي الا بالتقوى، روسيا لها تاريخ عريق قبل الاسلام و بعد الاسلام و في الوقت الحاضر اما بعض الناس فتاريخهم الخزي و العار رد على تعليق
زائر 28 | هل كيف هالخلط 6:37 ص صار دعم الثورة السورية على حد قولك دفاعا ممكن تشرح كيف هذا الشي يصير يعني مو من أجل الديمقراطية و مثل ما صار للعراق بعدما سمحت بعض الدول للأمريكان باستخدام قواعدها -قواعدهم- قلتو ايران هي من سمحت بعد ان صار العراق بلد ديمقراطي و ليس تابعا لأحد أرسل له الارهابيون من كل مكان و الحجة ذاتها دفاعا و بعدها ثورة شعبية و بعده ايران و هكذا دواليك خلط الاوراق هي لعبتكم رد على تعليق