في حوار لـ "بوابة الأهرام" قبل رحيله...
خالد البسام: مصادرة الكتب نوع سخيف من الوصاية
الوسط - محرر الشئون المحلية
التقت "بوابة الأهرام" مع الكاتب والمؤرخ والصحافي البحريني خالد البسام، قبل رحيله، والذي رحل عن عالمنا يوم الثلثاء الماضي عن عمر يناهز 59 عامًا.
في حواره، الذي أجري قبل رحيله بفترة وجيزة، يصنف خالد البسام تجربته الروائية بأنها تجربة شخصية مر بها في حياته، ساقته إلى أن يسطر سيرته الذاتية في شكل أدبي.
ويؤكد البسام وجهة نظره، إذ يصف المصادرة بأنها "نوع سخيف من الوصاية"، ويرى أن القراءة ليست جريمة، فلا يعني حين أقرأ كتابا عن النازية مثلا، أن أتحول إلى شخص نازي.
ويعتبر البسام، الذي بدأ رحلته الروائية، عندما نبت الشيب في رأسه، على حد تعبيره، أن الكتابة الروائية تحتاج إلى خبرة حياتية وعملية وتجارب لكي يكتب، وعمر معين، لأن الكتابة في رأيه، تجربة وخبرة وحكاية وحلم، تأخذها على محمل سياسي أو فكري، نافيا أن تكون رؤيته تلك ظالمة للكتاب الشباب.
ومع إيمانه بأن الرواية لابد أن يكون موضوعها تجربة شخصية، وكاتبها يحمل من التجارب والخبرة الكافية ما يؤهله لكتابتها، يرى أيضا أن الأديب عليه أن يكتب دون تنظير، أو استعلاء على الناس، يكتب منهم ولهم، يكتب عن رؤيته للواقع فقط.
ويستشهد "البسام" في حديثه لـ "بوابة الأهرام" بالكاتب الروسي أنطون تشيكوف، بأنه كاتب سطر مجلداته من تجاربه في الواقع، وعبر عن رؤيته بطريقة ساخرة دون تنظير.
ويشير إلى أن مجتمعاتنا العربية، تشهد جيلا من الكتاب المتعالين، ينظرون نظرة دونية إلى المجتمع، بالرغم من أن هؤلاء الكتاب المتعالين مواطنون في نفس المجتمعات الخائبة.
يقول البسام: "نحتاج قرونا ليهتم الناس بالثقافة مثلما يهتمون برغيف العيش، ويبني رؤيته تلك على أن ثورات ما يسمى بالربيع العربي، لم تجعل الناس أكثر وعيا أو إدراكا وثقافة، فلم تؤثر في ذائقتهم الثقافية، لا بالأفضل أو بالأسوأ، بل ربما تكون ثقافتهم ازدادت سوءا".
ومن الكتابة إلى النقد، يرفع البسام شعار "لقد انتهى عصر النقد"، موضحا شعاره بأن الكتابة الجيدة لا تحتاج إلى ناقد يمتدح الكاتب، أو يفكك نصه، كذلك لم يقدم النقد شيئا للقارئ، فيما أخذ القارئ دور الناقد، وبات يمتدح وينتقد، وأصبحت ذائقته تحكم الكتب أكثر من الناقد.
ويبدل البسام، مقولة: "مصر تكتب، ولبنان ينشر، والعراق يقرأ"، ويوضح أن العراق لم يعد يقرأ كما كان، ولبنان تراجع في النشر نظرا لشروط الناشرين وابتزازهم، في رأيه، ومصر تكتب وتنشر.
وفي حين أن بعض الأوساط الثقافية العربية، تقمع فيها الكلمة وتصادر الكتب، لأسباب سياسية أو دينية أو غير ذلك، يرفض البسام مصادرة الكتب، ويعلنها صراحة: أنا ضد مصادرة الكتب، حتى وإن كانت تتعرض للأديان، أو الأنظمة السياسية، فإن المصادرة شكل من أشكال القمع، والديكتاتورية، ومحاولة للاستخفاف بعقل القارئ، وتوجيهه، ومصادرة للعقول.
ويرسم البسام معالم البحرين، مسقط رأس الكاتب، في تعاملها مع الكتاب، بأنه نادرا أن يُصادَر كتاب، وإن وجد، فالكتاب الذي تصادره الدولة، يكون مثلا ضد الشيعة، ويحمل في رأيه "سخافات" كالتي يكون الهدف منها الهجوم والانتقاد غير المقبول.
للكاتب البسام أكثر من 32 كتابا في التاريخ والأدب والصحافة، وقد سبق تكريمه في السعودية عبر مؤسسة خوجة الثقافية العام الماضي 2014، على مجمل أعماله وكتبه التاريخية والأدبية.
وعمل الراحل كاتبا وصحفيا في العديد من الصحف والمجلات في البحرين ومنطقة الخليج في الفترة ما بين العام 1981 حتى قبيل وفاته، كما عمل رئيسا لتحرير مجلة «هنا البحرين» الأسبوعية في الفترة ما بين 2001 و2005.
من مؤلفاته في تاريخ البحرين والخليج والعالم العربي: تلك الأيام، رجال في جزائر اللؤلؤ، القوافل، خليج الحكايات، مرفأ الذكريات، صدمة الاحتكاك، حكايات من البحرين، نسوان زمان، يا زمان الخليج، كلنا فداك، ثرثرة فوق دجلة، يوميات المنفى، والنجدي الطيب.