في اليوم العالمي لشلل الأطفال:
العالم يقترب من استئصال مرض شلل الأطفال
نيويورك، جنيف - اليونيسيف، دويتشه فيله
يحتفل العالم في (24 اكتوبر / تشرين الاول) من كل عام باليوم العالمي لشلل الاطفال. فبعد اختفاء حالات الإصابة بشلل الأطفال في شتى أرجاء القارة الإفريقية وظهور 25 حالة إصابة في العالم فقط، يأمل العلماء أن يكون العالم قد أوشك على استئصال هذا المرض العضال.
اذ بات العالم الآن أقرب من أي وقت مضى للقضاء نهائيا على مرض شلل الأطفال، وذلك مع عدم تسجيل أي حالات من هذا المرض العضال في شتى أرجاء القارة الإفريقية هذا العام، وأقل من 25 حالة عالميا.
وأفادت اليونيسف عشية اليوم العالمي لشلل الأطفال، أن تاريخ شلل الأطفال لم يشهد أبدا وقتا كان فيه عدد الأطفال المصابين بهذا الفيروس المسبب للعجز أقل مما هو عليه اليوم – ولكننا لن نرتاح حتى يصل هذا العدد إلى صفر.
يقول مدير وحدة شلل الأطفال في اليونيسف بيتير كرولي: "التقدم المحرز نحو القضاء على شلل الأطفال حقيقي ومهم، حيث أن الدول الوحيدة في العالم التي لم ينقطع فيها تواجد فيروس شلل الأطفال البري هي الباكستان وأفغانستان". ويضيف: "ولكن – وأشدد هنا على كلمة لكن – سيبقى هذا الفيروس خطرا حتى يتم تحصين الأطفال في كل مكان بشكل ثابت وروتيني ضد شلل الأطفال. ويجب أن نبقي على أعلى درجات الحذر، وأن نستمر في العمل حتى لا يبقى هناك طفل واحد غير محصن".
فقبل ثلاث سنوات فقط، كانت نيجيريا معقل أكثر من نصف حالات شلل الأطفال في العالم. ولكن هذا العام، ولأول مرة في التاريخ، نجحت نيجيريا في وقف سريان فيروس شلل الأطفال البري، وفي الشهر الماضي شُطب اسم نيجيريا من قائمة الدول التي يسري فيها فيروس شلل الأطفال. وبفضل إنجاز نيجيريا الرائع أصبحت البلاد والمنطقة الإفريقية أقرب من أي وقت مضى من أن تُعلَن خالية من هذا الفيروس. ولم تشهد الهند، التي كان يعاني فيها آلاف الأطفال في الماضي من الشلل الناتج عن هذا الفيروس كل سنة، أي حالة خلال الأربع سنوات الماضية. وعلى المستوى العالمي لم تسجل سوى 51 حالة فيروس شلل أطفال منذ بداية 2015، مقارنة بحوالي 242 حالة سنة 2014.
ولم تكن هذه النجاحات لتتحقق لولى الإرادة السياسية وقيادة الحكومات في الدول المتأثرة، والجهود الحثيثة لحشد وإشراك الحكومات، وشجاعة والتزام العاملين على الخطوط الأمامية، والجهود المنسقة والمتضافرة للمنظمات الشريكة في مبادرة استئصال شلل الأطفال – وهي مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، ومنظمة الصحة العالمية، ومؤسسة روتاري انترناشيونال، ومؤسسة بيل وميليندا جيتس واليونيسف.
وكجزء من مساهمتها في هذه المباردة، وفرّت اليونيسف 1.7 بليون جرعة من اللقاح سنة 2014، ودعمت تدريب عشرات الآلاف من العاملين على الخطوط الأمامية في المجتمعات المحلية من كاراتشي في الباكستان حتى ولاية كانو في نيجيريا، وساعدت في بناء ثقة الأهل والمجتمعات المحلية في اللقاح. كما مثّل دمج التدخلات الإضافية المنقذة لأرواح الأطفال مثل التحصين الروتيني، والتغذية، وغسل اليدين بالصابون، والرضاعة الطبيعية في حملات شلل الأطفال، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص الخدمات وارتفاع معدلات خطر الإصابة بالفيروس، أحد عوامل النجاح الأخرى.
وبالرغم من التقدم المتحقق، إلا أن حالات سريان فيروس شلل الأطفال الأخيرة المشتقة من اللقاح في دول مثل جمهورية لاوس الديمقراطية الشعبية، وأوكرانيا، وغينيا ومدغشقر أكدت على المخاطر التي لا تزال تواجه العديد من الدول بسبب انخفاض تغطية التحصين الروتينية. وتُذكرنا هذه الحوادث بالحاجة الماسة لتكثيف الجهود في تعزيز أنظمة التحصين الروتينية والتصدي للفروقات في قدرة الأطفال على الوصول للخدمات الصحية الأساسية. ففي أوكرانيا، على سبيل المثال، يتم تلقيح أقل من 14في المئة من الأطفال ضد مرض شلل الأطفال.
ويضيف بيتير كراولي: "هدفنا هو وقف سريان شلل الأطفال بحلول العام القادم، ولكن السبيل الوحيد للنجاح هو أن تضاعف الدول التي تتدنى فيها معدلات التلقيح جهودها لتتمكن من الوصول لكل طفل، أينما كان، وبغض النظر عن مدى صعوبة الوصول إليه".
وينتاب القلق علماء في مجال استئصال شلل الأطفال، ويحجمون عن إعلان نجاح قبل أوانه محذرين من أن التهاون قد يؤذن بانهيار البرنامج، لكن مع إعلان دولتين فقط هما باكستان وأفغانستان اكتشاف حالات شلل أطفال عام 2015، فإنهم يرون ضوءا في نهاية النفق.
ويشار إلى أن شلل الأطفال مرض فيروسي يهاجم الجهاز العصبي وقد يتسبب في شلل غير قابل للعلاج في غضون ساعات ويمكنه الانتشار بسرعة لاسيما بين الأطفال وفي ظل الظروف التي تفتقر إلى الاحتياطات الصحية بمناطق تمزقها الحروب أو في مخيمات اللاجئين وفي مناطق تنقصها الرعاية الطبية. وفي عام 1988 عندما تم إعلان المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال للقضاء على المرض كان متوطنا آنئذ في 125 بلدا وكان يصيب ألف طفل كل يوم بالشلل لكن منذ ذلك الحين وبفضل حملات التطعيم المكثفة تم القضاء على المرض عالميا بنسبة 99 في المائة.
لكن منظمة الصحة العالمية أكدت مرارا أنه ما دام هناك طفل واحد مصاب بشلل الأطفال في أي مكان فان جميع أطفال العالم يصبحون عرضة لخطر الإصابة به. ويقول الخبراء إن التقدم بشأن مكافحة شلل الأطفال سريع الزوال لاسيما في مناطق تفتقر إلى الاستقرار مثل باكستان وأفغانستان ففي عام 2013 عاود المرض الظهور في سورية بعد غياب استمر 14 عاما ما استدعى القيام بحملات تطعيم إقليمية ضخمة ومكثفة وباهظة التكلفة.