نتانياهو لن يقدم لفتات خلال لقائه كيري ويرفض اقتراح الأردن عودة الأقصى للوقف
الوسط – المحرر الدولي
أكدت تقارير صحافية إسرائيلية متطابقة أن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو لا يعتزم خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي جون كيري في برلين الخميس تقديم أي «لفتة طيبة» تجاه الفلسطينيين لحمل قيادتهم على «لجم العنف»، في حين بدأت إسرائيل ببناء جدار من المفترض أن يصل طوله إلى 300 متر سيفصل بين جبل المكبر الذي يتحدر منه عدد من المهاجمين، وحي الاستيطان «ارمون هانتسيف» ، وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم الثلثاء (20 أكتوبر / تشرين الأول 2015).
في الوقت نفسه، أفاد الموقع الإخباري «وَاللاَّ» أن إسرائيل رفضت اقتراحاً أردنياً بإعادة سيطرة الوقف الإسلامي في القدس على المسجد الأقصى المبارك، بحسب ما كان معمولاً به منذ احتلال القدس عام 1967 حتى عام 2000 مع اندلاع الانتفاضة، أي أن يقرر الوقف هوية الداخلين من غير المسلمين إلى باحات المسجد، علماً أنه منذ عام 2003 أخذت السلطات الإسرائيلية لنفسها هذا الحق. وأضاف أن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني يرفض لقاء نتانياهو على خلفية رفض الطلب الأردني، مضيفاً أن عمّان تعتبر أن إسرائيل غيّرت الوضع القائم في السنوات الأخيرة، إذ تضاعف عدد الزائرين اليهود سنوياً نحو ثلاث مرات.
ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤول سياسي كبير في القدس المحتلة قوله إن نتانياهو سيطالب الفلسطينيين، من خلال كيري، بـ»وقف التحريض والعنف، وبأن تقوم السلطة الفلسطينية بخطوات عملية في هذا الاتجاه». ويتسق هذا الموقف مع تصريح وزير الطاقة يوفال شتاينتس بأن الرئيس محمود عباس «هو المحرض الرقم واحد في العالم ببث دعاية معادية للسامية ودعوات إلى القضاء على إسرائيل»، مضيفاً أن «ثمة تشابهاً بين دعاية الرئيس الفلسطيني ضد إسرائيل وبين الدعاية النازية للقضاء على الشعب اليهودي».
ديبلوماسية كيري
من جانبه، دعا كيري مجدداً إلى وقف العنف وحض الطرفين على «ضبط النفس»، مؤكداً أنه سيلتقي نتانياهو في ألمانيا وعباس في الشرق الأوسط في الأيام المقبلة. وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك في مدريد مع نظيره الإسباني خوسيه مانويل غارسيا مارغايو: «نريد عودة الهدوء ونريد أن يتوقف العنف». وأضاف إن «إسرائيل تدرك أهمية الحفاظ على الوضع القائم». وتابع: «لا نسعى إلى أي تعديل جديد (لقواعد الوضع القائم) ولا نريد أن تأتي أطراف خارجية أو أخرى» إلى الموقع، مضيفاً: «لا أعتقد أن إسرائيل تريد ذلك، ولا أعتقد أن الملك عبد الله الثاني والأردن يريدان ذلك»، في إشارة إلى اقتراح فرنسي يقضي بنشر مراقبين دوليين في باحة المسجد الأقصى في القدس للمساعدة في احتواء دوامة العنف المستمرة.
على صلة، استدعت وزارة الخارجية الإسرائيلية السفير الفرنسي في تل أبيب لـ»محادثة توبيخ» على الاقتراح الفرنسي، وتم تبليغه رفض إسرائيل القاطع للاقتراح ومعارضتها أي خطوة تتعلق بمصالحها الحيوية لا يتم تنسيقها معها.
من جانبها، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الألمانية سوسن شبلي: «نشعر بقلق بالغ بحق إزاء الوضع في إسرائيل والأراضي المحتلة في الضفة» و»ندعو الجانبين إلى تفادي أي خطوات قد تؤدي إلى تدهور الوضع، وإلى العمل من أجل وقف التصعيد»، مشيرة إلى أن 44 فلسطينياً وتسعة إسرائيليين قتلوا في أعمال العنف أخيراً، كما أصيب آلاف آخرون. وكانت شبلي تتحدث قبل أيام من زيارة مقررة لنتانياهو إلى برلين لإجراء محادثات مع المستشارة الألمانية أنغيلا مركل.
زيادة الطلب على السلاح
إلى ذلك، كشف أمس أن طلب الإسرائيليين شراء سلاح شخصي تضاعف في الأسبوعين الأخيرين 50 مرة في أعقاب التسهيلات التي أقرها وزير الأمن الداخلي يغآل اردان للحصول على السلاح الشخصي، كما سجل ارتفاع هائل على عدد الذين يتوجهون إلى التدريب على إطلاق النار. ونفدت من الأسواق مرشّات الفلفل الحار والهراوات والستر الواقية والغاز المدمع في أعقاب الطلب لاقتنائها لحماية النفس. وذكرت تقارير صحافية إن مثل هذه المشاهد لم تكن منذ أكثر من 40 عاماً.
هجوم النقب وفرار الجنود
ميدانياً، أعلنت الشرطة أنها ستحقق مع الأشخاص الذين اعتدوا مساء أول من أمس على لاجئ من أريتريا كان بين الهاربين من محطة الحافلات في مدينة بئر السبع أثناء الهجوم المسلح الذي نفذه الشاب البدوي مهند العقبي (21 سنة)، وأسفر عن مقتل جندي والمنفذ. وكان شرطي اشتبه بأن اللاجئ الأسمر اللون يعتزم ارتكاب هجوم مسلح، فأطلق النار عليه وطرحه أرضاً، لينفذ به جمهور المارة «لينش» ويضربونه بكل ما طالت أياديهم من آلات حتى الموت. وانتشر فيديو عبر شبكة الإنترنت يظهر فيه الإريتري على الأرض بعد إطلاق النار عليه، ويتم ركله في رأسه وجسده من جانب إسرائيليين.
وكان العقبي شن هجوماً بالسكين في محطة الحافلات في بئر السبع، فطعن 3 جنود وتمكن من الاستيلاء على بندقية جندي من طراز «أف 16» قبل أن يشرع بإطلاق النار على من كان في المكان، ما أدى إلى مقتل جندي، وإصابة حوالى 11 بجروح، ومقتل المنفذ. وقالت «معاريف» إن الشرطة اعتقلت أحد أفراد عائلة المنفذ بتهمة المساعدة في تنفيذ العملية.
واتهمت الشرطة الإسرائيلية الجنود في محطة الحافلات المركزية في بئر السبع بالتقصير والهرب بدلاً من إحباط العملية. ونقلت صحيفة «معاريف» عن أحد كبار ضباط الشرطة في ما يسمى باللواء الجنوبي: «كان في المكان عشرات الجنود والمجندات ومع سلاحهم الشخصي، وعملياً من قام بمواجهة المهاجم هم أفراد القوة التنفيذية للشرطة (يسام) الذين وصلوا إلى المحطة، بعد ان هرب الجنود محاولين إنقاذ أنفسهم، بدلاً من المساعدة في إحباط العملية». واعتبر المعلقون العسكريون ما جرى فشلاً للجيش الإسرائيلي، وقال أحدهم: «هؤلاء جلبوا العار للجيش ويصلحون لتنظيم السير وليس للقتال».
وفيما ندد رؤساء «السلطات البدوية» بالعملية التي نفذها العقبي، مؤكدين «ولاءهم للدولة» وحقيقة أن العديد من الشباب البدو في الجنوب يخدم في الجيش الإسرائيلي، قال والد الشاب إن حقيقة ما جرى في محطة الباصات في بئر السبع ليست واضحة إلى الآن، وأنه يستنكر كل أعمال العنف، مضيفاً أن «ابني مهند أعدم في الميدان، وما نسب لابننا في عملية بئر السبع لا علم لنا به».
من جهته، أشار جهاز الأمن الداخلي (شاباك) إلى أن والدة المنفذ هي من غزة أصلاً وتقيم في إسرائيل بعد التحاقها بزوجها من قرية حورة، وأنه لا سوابق أمنية للشاب، لكنه فرض تعتيماً على تفاصيل ما حدث. وقال مصدر محلي من النقب إن العقبي يسكن في خربة غير معترف بها من سلطات الاحتلال في النقب تدعى أبو سبيت، وهي قريبة من بلدة حورة البدوية.
وتتوقع أوساط أمنية أن تتواصل عمليات الطعن بالسكين في الأيام المقبلة أيضاً، معربةً عن خشيتها من أن تتحول إلى أعمال إطلاق نار متلاحقة يمكن أن تقوم بها خلايا مسلحة وليس أفراداً فقط، تقود إلى انتفاضة حقيقية في كل الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقال مسؤول أمني إن «نهاية العمليات الحالية لا تبدو في الأفق على رغم انخفاض عددها وتراجع عدد المتظاهرين الفلسطينيين المحتجين، «إذ لا مؤشرات فعلية إلى أن التصعيد لُجم أو أنه سيُلجَم قريباً».
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية عن مصادر في جيش الاحتلال قولها إن قيادة «حماس» في قطاع غزة أصدرت تعليمات لـ «حماس» في الضفة لتنفيذ عمليات استشهادية، خصوصاً للحركة في الخليل ونابلس لسهولة وصولهم إلى القدس. وأضافت أن «حماس» قد تنفذ عملية في أراضي الضفة أو القدس وقد تصل إلى داخل إسرائيل.
من جانبها، باركت الفصائل الفلسطينية «العملية النوعية» في مدينة بئر السبع، واعتبرتها «رداً طبيعياً» على جرائم الاحتلال الإسرائيلي، و «تؤسس لما بعدها».
ووصف الناطق باسم «حماس» حسام بدران العملية بـ «البطولية» التي «ضربت منظومة الأمن في قلب الكيان الإسرائيلي، على رغم أنه في أعلى درجات التأهب». واعتبر أن «انتفاضة القدس مستمرة ومتواصلة ومتصاعدة حتى تحقق أهدافها في ردع المحتل والخلاص منه في شكل نهائي».
وشدد القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي» أحمد المدلل على «ضرورة استمرار هذه العمليات النوعية التي تهز عرش الاحتلال المزيف»، معتبراً أن «العدو الصهيوني أوهن من بيت العنكبوت».
ورأت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» في العملية «ضربة نوعية في العمق الصهيوني تشير إلى تطور ملحوظ على عمليات المقاومة الفلسطينية تؤسس لما بعدها». واعتبرت أن «العملية رد سريع ورادع على جرائم الاحتلال الصهيوني والمستوطنين المتصاعدة، خصوصاً الإعدامات الميدانية». وشدد عضو المكتب السياسي لـ «الشعبية» جميل مزهر، على أن الإعدامات الميدانية «لن تكسر إرادة الشبان الفلسطينيين المنتفضين نصرة للقدس والأرض».
كما باركت لجان المقاومة الشعبية «العملية البطولية»، واعتبرتها «تطوراً طبيعياً لانتفاضة شعبنا في مواجهة الجرائم الصهيونية». وأشارت الى أن الإعدامات الميدانية «لن تمر من دون عقاب».
وقال الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الدكتور مصطفى البرغوثي في مؤتمر صحافي في رام الله، إن «ما نعيشه اليوم هو إعدام ميداني بشكل بشع». وأكد أن الجيش يستخدم أنواع مختلفة من الأسلحة الخطيرة بشكل مفرط، مثل الرصاص المتفجر والمعدني والغازات والمياه العادمة التي يمكن أن تحتوي على مواد مسرطنة. وشدد على أن الشعب الفلسطيني يتعرض الى حملة عقوبات جماعية، خصوصاً في القدس المحتلة تشمل هدم البيوت، وسحب الإقامة من المقدسيين، وإلغاء التأمين الوطني والصحي للعائلات، والإبعاد عن القدس والاعتقالات بالجملة. وقال إن القدس بكاملها مغلقة، ومعرضة للحصار.
جدار الفصل في القدس
وأعلنت السلطات الإسرائيلية أنها تبني جداراً في القدس يكون موقتاً وقابلاً للنقل ويهدف فقط إلى منع إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة على الحي الاستيطاني. وقارن العديد بين الجدار الجديد وبين الجدار الفاصل الذي بنته إسرائيل خلال الانتفاضة الثانية وقالت إنه يحميها من تنفيذ هجمات من الضفة، والذي أنجز بناء ثلثيه على أن يبلغ طوله 712 كيلومتراً، ويطلق عليه الفلسطينيون اسم جدار «الفصل العنصري».
ووجه خصوم سياسيون لنتانياهو اتهامات له بتعزيز تقسيم القدس، واعتبر حزب يسار الوسط في بيان أن نتانياهو «قسم رسمياً القدس اليوم»، مضيفاً: «فقد نتانياهو القدرة على الحفاظ على سلامة المواطنين الإسرائيليين وعلى وحدة القدس». وقالت الصحافة الإسرائيلية انه تمت المباشرة ببناء الجدار من دون علم نتانياهو الذي أمر بتعليق بنائه. ورأت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن بناء هذا الجدار يمثل حالة «الهيستريا» التي تعاني منها السلطات الإسرائيلية.
وقال المقدسي عنان مطر إن الحاجز لا يساعد عملية السلام، مضيفاً: «يعني أحسن اسم انه فصل عنصري، عندنا جدار فصل عنصري على الضفة واليوم جدار فصل عنصري على منطقة القدس. حتى سكان القدس بدهم يفصلوهم عن بعضهم. فصلونا كشعب فلسطيني بين الضفة والقدس، واليوم بيحاولوا يفصلوا أهل القدس عن بعضهم البعض ويفصلوا ضواحي القدس عن المدينة المقدسة والمسجد الأقصى».
في الوقت نفسه، شددت قوات الاحتلال أمس من إجراءاتها الأمنية على الحواجز العسكرية على مداخل مدينه القدس المحتلة. وأفاد شهود أن قوات انتشرت عند حواجز شعفاط والزعيم وقلنديا والعيسوية، وأن أكثر من 30 حاجزاً نشر في قلب المدينة وبين أحيائها العربية. وقالت مصادر مقدسية إن هذه الحواجز خلقت أزمة سير خانقة وتكدس المركبات على الحواجز.
وكانت الحكومة الإسرائيلية فرضت المزيد من الإجراءات الأمنية، إذ وسعت الشرطة من إجراءات الإيقاف والتفتيش، الأمر الذي يتيح لها فعلياً تفتيش أي شخص في الشارع.