هابرماس: حق اللجوء...حق من حقوق الإنسان الأساسية
الوسط - المحرر الدولي
يرى الفيلسوف وعالم الاجتماع الألماني يورغن هابرماس أن على ألمانيا وفرنسا أن تصوغا سياسة أوروبية أكثر فعالية وذات منظور مستقبلي إزاء أزمة اللاجئين، ويقول في حواره التالي يجب التركيز على تعاون أفضل في قضية اللاجئين.
بروفسور هابرماس، يتعرض العالم الحديث للاضطرابات بشكل متواصل وبالتالي يواجه باستمرارٍ تحدياتٍ جديدةً، لنأخذ موجات اللاجئين الحاليَّة من منطقة الشرق الأوسط وأجزاء من أفريقيا أو من غرب البلقان إلى أوروبا، كيف ينبغي أنْ تكون ردَّة الفعل من منظور فلسفي؟
يورغن هابرماس: حق اللجوء حقٌ من حقوق الإنسان، وكلُّ من يتقدَّم بطلب لجوءٍ سياسيٍ ينبغي أنْ يُعامل بإنصافٍ وأنْ يُستقبلَ، مع كل ما يترتَّب على ذلك. هذا هو الجواب المبدئي، إلا أنَّه ليس لافتًا في مثل هذه الحالة على وجه الخصوص.
الاتحاد الأوروبي منقسمٌ في أزمة اللاجئين كما لم يحدث لفترة طويلة، فهل يهدِّد ذلك بتآكل القيم والقناعات التي تعتقد أنت أيضًا بوجودها في الاتحاد الأوروبي؟
ما يحدث هو الفصل بين بريطانيا وبعض دول أوروبا الشرقيَّة من جهة ونواة الاتحاد النقدي من جهة أخرى. ولكن هذا النزاع متوقَّع، وللأمر ارتباطٌ بتاريخ الانضمام للاتحاد. وبصرف النظر عن الفوارق الاقتصاديَّة الكبيرة التي لا تزال قائمة، فإنَّ البلدان الشرقيَّة الكثيرة الجديدة المرشحة للانضمام لم يكُن لديها الوقت الكافي لاجتياز عمليَّة تكيُّف سياسيَّة-فكريَّة، بينما كان لدينا (في ألمانيا) بين سنتي 1949 و 1989 أربعون عامًا لاجتيازها. إذن، المدة الزمنيَّة كانت كافية لدينا.
ألمانيا وفرنسا اللتان كان عليهما، قبل اليوم بكثير، أنْ تمارسا سياسةً أوروبيَّةً أكثر فعاليَّةً وذات منظورٍ مستقبلي، ينبغي عليهما الآن المبادرة وتطوير سياسةٍ أوروبيَّةٍ، لا بدَّ وأنْ تشمل في إطارها التعاون في قضيَّة اللاجئين أيضًا! لقد جرى إغفال الأزمة. لكنْ لا بدَّ لي في هذا السياق من أن أقول إنني منذ نهاية شهر أيلول/سبتمبر (2015) راضٍ عن حكومتنا كما لم أكُن منذ سنوات كثيرة. فاجأتني جملة السيدة ميركل: "في حال كان علينا الآن أن نعتذر إذا ابتسمنا لأولئك الذين يحتاجون إلى مساعدتنا، فهذا يعني أن هذا البلد لم يعد بلدي"، وقدَّرتُ تلك الجملة تقديرًا عاليًا.
هابرماس وزميله الكندي تشارلز تايلور مُنحا جائزة جون دبليو كلوج الأمريكية لعام 2015، وتُعتبر هذه الجائزة أرفع تكريم لأعمال فيلسوف على مدى حياته وقيمتها 1,5 مليون دولار.
عندما يأتي مئات الآلاف البشر، كثيرٌ منهم من عوالم حياةٍ دينيَّةٍ وثقافيَّةٍ مختلفة، إلى بلدٍ في الاتحاد الأوروبي، يكون الاندماج جوهر الخطوة التالية، فهل ثمة مفتاحٌ فلسفيٌ للاندماج الناجح؟
هناك أساسٌ مشتركٌ يجب أنْ يقومَ الاندماج عليه، ألا وهو الدستور. هذه المبادئ ليست منقوشة على الحجر، إنما يجب طرحها ضمن نقاشٍ ديمقراطيٍ واسعٍ، وأعتقد أن هذا النقاش سينطلق مجددًا لدينا. لا بدَّ لنا من أنْ نتوقَّع من كلِّ شخصٍ نستقبله أنْ يلتزم بقوانيننا وأنْ يتعلم لغتنا. ولا بدَّ لنا فيما يخص الجيل الثاني على الأقل أنْ ننتظر منه أن يكون قد رسخ مبادئ ثقافتنا السياسيَّة عمومًا.