العدد 4786 بتاريخ 14-10-2015م تسجيل الدخول


الرئيسيةالوسط أونلاين
شارك:


هيومن رايتس ووتش: سجناء تم العفو عنهم ما زالوا وراء القضبان في مصر

نيويورك – هيومن رايتس ووتش

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش ان 5 أشخاص على الأقل عفا عنهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أواخر سبتمبر/أيلول ما زالوا وراء القضبان، بعد 3أسابيع من صدور قرار العفو. كثيرون غيرهم لم يشملهم العفو، وما زالوا محتجزين بصفة غير قانونية دون فرصة حقيقية لإخلاء سبيلهم.

أمر السيسي في 23 سبتمبر/أيلول بالعفو عن 100 سجين، بينهم صحفيين، ممن يعانون من حالة صحية متدهورة فضلاً عن عشرات آخرين تم القبض عليهم جراء التظاهر. يبدو أن 4 منهم على الأقل ما زالوا وراء القضبان بصفة غير قانونية، في حين تأخر الإفراج عن المُحتجز الخامس لأسباب إجرائية، على حد قول "جبهة الدفاع عن متظاهري مصر"، وهي مجموعة قانونية تدافع عن المحتجزين. هناك الآلاف غير هؤلاء من المتهمين بجرائم على صلة بالمعارضة السياسية، يواجهون إجراءات قانونية وقضائية غير عادلة، وبينهم كثيرون تم احتجازهم بصفة غير قانونية أو الحُكم عليهم لمجرد ممارستهم لحقوق أساسية من قبيل حرية التجمع وتكوين الجمعيات والتنظيم.

قال نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "بعض هيئات السلطة المصرية مصممة كل التصميم على خنق المعارضة، لدرجة أن من حالفهم الحظ بإخلاء السبيل ضمن قرار عفو السيسي ما زالوا وراء القضبان. حتى لو كانت إجراءات العفو قد مرت بسلاسة، فإن الإفراج عن 100 شخص ليس أكثر من قطرة في بحر من آلاف المعتقلين في مصر".

من بين من لم يُفرج عنهم بعد، إبان قرار العفو، طالبتان من جامعة المنصورة قبضت عليهما قوات الأمن في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 أثناء فض مصادمات في الحرم الجامعي بين مؤيدي ومعارضي "الإخوان المسلمون". حكم أحد القضاة على كل منهما بالسجن عامين بتهمة الانتماء لتنظيم الإخوان، وهي الجماعة التي يصفها الادعاء في مصر عادةً بأنها إرهابية، رغم عدم صدور حكم من محكمة مختصة بهذا الصدد. رغم عفو السيسي عن الطالبتين، رفض مسؤولو سجن المنصورة إخلاء سبيلهما بدعوى أنه لم تصدر بعد أحكام عن أعلى محكمة استئنافية في مصر فيما يخص قضية كل منهما.

أصدر السيسي قرار العفو قبل 5 أيام من إلقاء كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويبدو أن قراره كان يهدف إلى تسوية قضايا بارزة ينصب عليها الكثير من الاهتمام الدولي.

من بين الذين حصلوا على قرارات العفو محمد فهمي وباهر محمد، وهما صحفيان من "الجزيرة" حُكم عليهما بالسجن 3 أعوام في أغسطس/آب بتهمة معاونة تنظيم الإخوان، فضلاً عن شادي إبراهيم، وهو طالب أدين معهما بدعوى أنه شارك – حسب الزعم – في مخططهما.

هناك 42 شخصاً على الأقل من المشمولين بقرارات العفو كانوا يقضون أحكاماً بالسجن جراء التظاهر، تم القبض على أغلبهم تحديداً بعد أن تحدوا حظر التظاهر الصادر عن الحكومة الانتقالية المدعومة عسكرياً في نوفمبر/تشرين الثاني 2013. بينهم يارا سلام، وهي باحثة في "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، التي تعد من المنظمات الحقوقية المحلية البارزة؛ وسناء سيف، الناشطة الحقوقية.

رغم قرارات العفو، ما زال آلاف الأشخاص مُدانين ومحتجزين بناء على اتهامات تستند إلى تحقيقات تشوبها العيوب، أو أدلة غير سليمة، أو لأسباب تقتصر على ممارستهم لحقوقهم الأساسية.

رغم عفو السيسي عن 18 شخصاً تم القبض عليهم معاً في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 بتهمة التظاهر أمام مجلس الشورى، فلم يُعفَ عن علاء عبد الفتاح، وهو ناشط بارز حُكم عليه بالسجن 5 أعوام جراء المشاركة في المظاهرة نفسها. كما لم يعفِ السيسي عن أحمد عبد الرحمن، الذي قال الشهود إنه حاول حماية نساء في المظاهرة نفسها من اعتداءات رجال تبين فيما بعد أنهم عناصر من الشرطة يرتدون ثياباً مدنية. حُكم عليه بالسجن 5 أعوام بتهمة مخالفة أحكام قانون التظاهر التي تحظر الاعتداء، "البلطجة"، وقطع الطريق وتدمير الممتلكات العامة. قالت منظمات حقوقية مصرية إن النيابة لم تعرض أدلة على اقتراف عبد الرحمن شيء بخلاف تواجده في المظاهرة، وهو الأمر الذي يجب ألا يدخل في عداد الجرائم.

يوجد شابان آخران – مثل من تم العفو عنهم – كانا يقضيان أحكاماً بالسجن 3 أعوام جراء المشاركة في مظاهرة مجلس الشورى، ولم تصدر قرارات عفو عنهما؛ أعيدت محاكمتهما وحدهما بمعزل عن المجموعة الأساسية للمدعى عليهم، مع احتجازهما في سجن مختلف، على حد قول منى سيف، وهي الناشطة التي حُكم على شقيقتها وشقيقها في القضية عينها. قالت سيف إنها تعتقد أن مكتب الرئيس لم يفحص ملف القضية "بالقدر الملائم" وأنه ببساطة لا يعرف أن هذين الرجلين من المدعى عليهم في القضية نفسها.

رغم إصدار السيسي قرارات العفو عن فهمي ومحمد وإبراهيم – بعد ترحيل المدعى عليه معهم في القضية الصحفي الأسترالي بيتر غريست، في فبراير/شباط الماضي – فهو لم يعف عن 2 من زملاء إبراهيم، من الطلبة، تم الحُكم عليهما معه، وهما خالد عبد الرؤوف وصهيب سعد، وكانا يصوران المظاهرات بهواتفهما الخلوية وباعا المقاطع لوسائل إعلام من خلال وكالة صحفية. لم يعرض الادعاء أثناء المحاكمة الأولى ثم إعادة المحاكمة أية أدلة على ارتكاب أي من المدعى عليهم في قضية الجزيرة لمخالفات جنائية.

كان عناصر من جهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية قد قاموا في يونيو/حزيران بإخفاء سعد قسراً وتعذيبه حسب المزاعم، وهو يمثل حالياً أمام محكمة عسكرية بزعم الانتماء إلى خلية إرهابية.

بحسب "لجنة حماية الصحفيين" فما زال 18 صحفياً مصرياً على الأقل وراء القضبان جراء قيامهم بعملهم، ويُزعم أن أغلبهم على صلة بـ "الإخوان المسلمون". بعضهم كانوا من المدعى عليهم في محاكمة جماعية أمام محكمة أمن دولة انعقدت في أبريل/نيسان الماضي، وانتهت بالحُكم على أكثر من 12 صحفياً وناطقاً رسمياً بالسجن المؤبد، وعلى صفحي واحد بالإعدام، جراء دورهم المزعوم في نشر دعاية "الإخوان" بعد الفض الدموي للاعتصام المؤيد للتنظيم في رابعة العدوية في أغسطس/آب 2013، عقب عزل محمد مرسي من منصب الرئيس.

أما محمود أبو زيد فهو مصور صحفي – معروف أيضاً باسم شوكان – مُحتجز منذ القبض عليه أثناء تغطية فض اعتصام رابعة. بعد أن أمضى أبو زيد أكثر من عامين في الحبس الاحتياطي على ذمة المحاكمة – وهي الفترة التي تتجاوز المدة القصوى التي يسمح بها القانون المصري – أحال قاضٍ قضيته إلى محكمة جنايات في سبتمبر/أيلول، ومن المنتظر أن تبدأ محاكمته في ديسمبر/كانون الأول. قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات المصرية أن تفرج فوراً عن أبو زيد.

عفا السيسي عن 3 رجال، هم عمر حاذق وإسلام حسنين وناصر أبو الحمد، حُكم عليهم بالسجن عامين بتهمة الاعتداء على الشرطة في مظاهرة في ديسمبر/كانون الأول 2013 احتجاجاً على إفلات عناصر الشرطة من العقاب على قتل خالد سعيد، وهو شاب من الإسكندرية ساعدت واقعة وفاته في إشعال فتيل انتفاضة 2011. لكنه لم يعف عن المحامي الحقوقي لؤي القهوجي، الذي حُكم عليه بدوره بالسجن عامين جراء المشاركة في المظاهرة نفسها. استخدمت الشرطة خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع ضد المتظاهرين، بحسب تقارير إعلامية. تُظهر مقاطع فيديو عناصر الأمن المركزي وهم يعتدون على المجموعة بالهراوات.

قال نديم حوري: "يجب ألا يؤدي الإفراج عن النشطاء البارزين والصحفيين إلى تلميع سجل مصر الحديث في ما يخص احتجاز النشطاء السلميين، من نشطاء علمانيين وعناصر من الإخوان المسلمين. من واقع معدل الاعتقالات الحالي، فالأمر يحتاج إلى ما هو أكثر من قرارات عفو إضافية، إذا كان المراد هو إخلاء السجون المصرية من المحتجزين ظلماً".

تفاصيل إضافية حول المعتقلين الأربعة الذين صدرت بحقهم قرارات عفو ولم يُفرج عنهم:

منة الله مصطفى وأبرار علاء العناني

منة الله مصطفى وأبرار علاء العناني طالبتان في سن 18 عاماً بجامعة المنصورة، تم القبض عليهما في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 بعد مصادمات اندلعت في الحرم الجامعي بين مؤيدين ومعارضين للإخوان المسلمين. التمستا الأمان في مكتب بكلية الصيدلة، لكن قوات الأمن التي استدعيت إلى داخل الحرم الجامعي لوقف المصادمات قبضت عليهما. في مايو/أيار 2014 حكمت محكمة أمن دولة عليهما بالسجن عامين بتهمة الانتماء لتنظيم الإخوان، وهي الجماعة التي يكرر الادعاء المصري وسمها بالتنظيم الإرهابي. ولأن أعلى محكمة استئنافية مصرية قبلت قضيتهما، فقد رفض مسؤولو سجن المنصورة الإفراج عنهما رغم قرار العفو الصادر بحقهما. وبما أنهما لا تواجهان أية اتهامات إضافية، يبدو أن سلطات السجن تفتقر إلى أي سند قانوني لاحتجازهما، وعليها أن تفرج عنهما.

 

أسماء عبد العزيز شحاتة

أسماء عبد العزيز شحاتة أمّ تم القبض عليها في بيتها، بالإضافة إلى نجليها في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، واتهامها بالاعتداء على الشرطة وبالانتماء إلى تنظيم يهدف إلى زعزعة السلم العام. تعاني شحاتة من الفصام، لكن النيابة رفضت اعتماد مستندات الصحة والتأمين التي تستعرض تفصيلاً حالتها المرضية. لم يحصل المحامون على معلومات كافية عن ظروفها الصحية منذ القبض عليها. كرر رئيس المحكمة التي تنظر في قضيتها تجديد حبسها الاحتياطي على ذمة القضية. في 13 أكتوبر/تشرين الأول لم تحضر سلطات السجن شحاتة إلى جلسة تجديد الحبس الاعتيادية لأسباب مجهولة، وأرجأ القاضي الجلسة إلى 26 أكتوبر/تشرين الأول. وبما أنها ما زالت محتجزة على ذمة اتهامات مشمولة في قرار العفو عنها، فلا بد من إخلاء سبيلها.

 

محمد طلعت

رجل يبلغ من العمر 66 عاماً تم العفو عنه لأسباب صحية. ما زالت سلطات سجن المنصورة لم تفرج عنه لأسباب غير معروفة، على حد قول محاميه.

 

مؤمن محمد عبد التواب

بالإضافة إلى هؤلاء، مؤمن محمد عبد التواب، تم القبض عليه في جوار مظاهرة خرجت في يونيو/حزيران 2014 إلى قصر الاتحادية احتجاجاً على قرار الحكومة بحظر التظاهر الصادر في عام 2013. بحسب مجموعة "الحرية للجدعان" – وهي مجموعة مستقلة تتابع الاعتقالات السياسية – كان عبد التواب يمر بالمنطقة في طريقه إلى إجراء عملية جراحية في عينه وتم القبض عليه "عشوائياً". تم العفو عن عبد التواب ومعه 22 مدعى عليهم آخرين، لكن السلطات لم تفرج عنه بسبب حُكم غيابي صدر بحقه بالحبس 3 أشهر في قضية منفصلة. طلب محاموه إعادة محاكمة يسمح بها القانون المصري في مثل هذه الحالات، ونقلته سلطات السجن إلى قسم شرطة مصر الجديدة بالقاهرة تمهيداً للإفراج عنه. 



أضف تعليق