وزير الخارجية: البحرين دولة رائدة وذات فئة مرتفعة في التنمية البشرية بمعدل اقتصادي بلغ 5%
نيويورك – بنا
خاطب وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلستها الـ 70 بحضور قادة العالم وتحدث فيها عن التحديات التي تواجهها مملكة البحرين وقضايا المنطقة والعالم وموقف مملكة البحرين حولها، وقد جاءت كلمة الذي ألقاها وزير الخارجية.
يسعدني في البداية أن أتقدم إليكم ، وإلى بلدكم الصديق ، مملكة الدنمارك، بخالص التهنئة لانتخابكم رئيسا للدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، متمنيا لكم دوام التوفيق والسداد، في تعزيز دور الجمعية العامة والتعامل الفعال مع مختلـــف التحـــديات، التي يواجهها عالمنا اليــــوم وتعاني منها المجتمعات كافة.
كما أعبر عن الشكر لسلفكم ، سام كوتيسا لما بذله من جهد مقدر في إدارة أعمال الدورة التاسعة والستين، وما قام به من عمل ملموس و مبادرات خلاقة في سبيل الوصول لما نسعى إليه جميعا من أهداف.
وأود أن أعرب عن تقديري العميق، لجهود الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ، الذي لا يدخر وسعا ، للارتقاء بأداء المنظمة الدولية، رغم تعقد المشكلات و تفاقم الأزمات، وأشيد بالتقرير السنوي الشامل الذي قدمه معاليه عن أعمال المنظمة، وما تم إنجازه من خطوات هامة، في مواجهة التحديات العديدة في مجالات التنمية المستدامة وتغير المناخ والصراعات، التي ولدت كارثة انسانية كبرى، تمثلت في ظاهرة النازحين واللاجئين التي تفاقمت بشكل كبير ، هذا فضلا عن تجدد ظواهر الأمراض الفتاكة والفقر والجوع في عدد من الدول النامية.
أود في هذا المقام، أن أتقدم بأحر التعازي القلبية، الراضية بقضاء الله وقدره، لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ، ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة، وإلى الأمة الإسلامية، في ضحايا حادث التدافع الأليم، الذي وقع خلال موسم الحج قبل أيام، مثمنين عالياً الدور التاريخي العظيم، الذي تقوم به المملكة العربية السعودية وجهودها المباركة في رعاية هذه الأراضي المقدسة، وخدمة ضيوف بيت الله الحرام، وتسخير كافة الإمكانيات لتنظيم مناسك الحج والعمرة، والتي يقر بها الجميع ولا يشذ عن ذلك، إلا من لا يقدر عظم تلك المسؤولية الجليلة التي تضطلع بها على أكمل وجه. مؤكدين استهجاننا الشديد لما جاء في خطاب الرئيس حسن روحاني رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية أمام الجمعية العامة من اتهامات باطلة، ورفضنا لأي إساءة أو تقليل لهذا الجهد والمسؤولية العظيمة.
وأشار الوزير ان الجمعية العامة للأمم المتحدة أنجزت ، قبل أيام قليلة، خطوة مهمة بهدف إسعاد البشرية، وذلك بإقرار خطة للتنمية المستدامة لما بعد 2015، والتي حرصنا على المشاركة في إقرارها، إنطلاقا من دعمنا التام لما تقوم به الأمم المتحدة من أجل تحقيق الأهداف التنموية، مواصلين دورنا في مملكة البحرين لتحقيق إنجازات مشهودة وموثقة في تقارير أممية، في مجالات التعليم والصحة وتفعيل دور الشباب والقضاء على الفقر ومكافحة الأمية وتعزيز مفاهيم حقوق الإنسان، كدولة رائدة صُنفت من ضمن الدول ذات الفئة المرتفعة جداً في مجال التنمية البشرية وتحقيق معدل نمو اقتصادي بلغ 5% في السنوات الخمس الماضية، بفضل النهج الإصلاحي الذي رسمه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وحرص جلالته على تحقيق تطلعات شعب مملكة البحرين في كل مناحي الحياة، السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية. إن جهودنا في المجال التنموي ستظل مستمرة في وضع الخطط والبرامج لضمان مواصلة تنفيذ الأهداف المستدامة للتنمية لما بعد 2015. وسعيا منها لدفع هذه الأهداف التنموية ، سوف تستضيف بلادي المؤتمر الوزاري حول تنفيذ هذه الأهداف في الدول العربية يومي 6 و7 من شهر ديسمبر القادم، كأول مؤتمر إقليمي في العالم يعقد بعد اعتماد خطة التنمية.
الاتحاد الدولي للاتصالات، هنا في نيويورك ، صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس وزراء مملكة البحرين الموقر ، جائزة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التنمية المستدامة لعام 2015، مما يؤكد المكانة العالية التي تحظى بها المملكة وتقديراً لسموه ضمن سلسلة الجوائز الدولية المرموقة، التي منحت له في أكثر من مجال خلال الفترة القصيرة الماضية.
ونظراً لكون البعد البيئي هو أحد الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة، فإننا نؤكد على ضرورة التكاتف والعمل سوياً لمواجهة التحدي الكبير المتمثل في ظاهرة تغير المناخ، و إننا نتطلع لمؤتمر الأطراف في باريس خلال هذا العام، ونأمل أن يتم التوصل إلى اتفاق ملزم و طموح للتصدي لتداعيات هذه الظاهرة الخطيرة خاصة على الدول الجزرية.
وأوضح أن هذه الدورة تصادف مرور سبعين عاما على إنشاء الأمم المتحدة، هذه المنظمة الدولية، التي نعتــز بها ونقدر دورها، بل ولا نستغني عنها، ساعين بكل جهد ، لتحقيق أهدافها ، وخاصة بعد أن شاهدنا جميعا ، الويلات والمآسي التي تجرعتها البشرية، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، و ما أحدثته من خسائر رهيبة في الأرواح وتشريد الكثير من الشعوب وطمس العديد من المعالم الحضارية في الكثير من أنحاء العالم، وهو ما يجب أن يجعلنا متحدين بقوة ، و متعاونين بشفافية ، لضمان عدم تكرار ما حدث من ويلات، ولإرساء أسس قوية لتعاون دولي ، يؤدي إلى نهضة تنموية عالمية كبرى ومستقبل آمن و مزدهر لكافة الشعوب .
وليس بخاف على أحد أن هذه الأهداف الإنسانية النبيلة ، لم تتحقق بصورة كاملة، ولكن ما يزال يحدونا الأمل في إنجازها لطي صفحة قاسية ومؤلمة، وتدشين مرحلة مضيئة خالية من الحروب، والتي كان لمنطقتنا منها نصيب، فلا تكاد تخمد حرب حتى تندلع أخرى، وإن اختلفت أهدافها وأنواعها، من حروب مدمرة أو مواجهات مع محتل أو لصد تدخلات خارجية تهدف إلى السيطرة والتأثير على السيادة الوطنية، واستغلال الجماعات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية، وتمويلها لتدمير مكتسبات الأوطان ومحاربة الإرث الثقافي وطمس الهوية الوطنية والقومية.
إن طريق مواجهة هذه التحديات ، ليس سهلاً أو مفروشا بالورود ، لكنه طويل و شاق و بحاجة إلى عمل متواصل وسعي دؤوب ومواجهة جماعية شاملة ، للتغلب على الصعوبات الكثيرة، والتي من أهمها عدم تقيد بعض الدول بمبادئ حسن الجوار ، واستمرار التدخل في الشؤون الداخلية، كما فعلت إيران ضد بلادي، باستغلال الفئات المتطرفة، وإيواء الهاربين من العدالة، و فتح المعسكرات لتدريب المجموعات الإرهابية، وتهريب الأسلحة والمتفجرات، وهو ما أدى إلى تعرض المواطنين و المقيمين ورجال الأمن الساهرين من أجل حمايتهم وحماية الوطن ، للاستهداف والقتل والغدر والأعمال الإجرامية التي راح ضحيتها حتى الآن ستة عشر رجل أمن و ثلاثة آلاف من المصابين، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد من الخطورة والإجرام، فقبل يومين فقط، تمكنت السلطات الأمنية في مملكة البحرين من الكشف عن مخبأ لتصنيع قنابل محلية الصنع وسط منطقة مأهولة بالسكان، وتم العثور على كميات كبيرة من المواد شديدة الانفجار والمواد التي تدخل في صناعتها ، بما يفوق طناً ونصف و من ضمنها مواد C4 و RDX و TNT شديدة الإنفجار ، بالإضافة إلى مواد كيميائية متفجرة وعدد من العبوات الناسفة الجاهزة للاستخدام وأسلحة أوتوماتيكية ومسدسات وقنابل يدوية وكميات من الذخائر الحية والأجهزة اللاسلكية.
ومن هنا أؤكد أن مملكة البحرين وعددًا من الدول الشقيقة في المنطقة، قد قامت بشتى الطرق ومختلف الوسائل، بدعوة إيران إلى علاقات جوار طبيعية، قائمة على احترام سيادة و استقلال الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، إلتزاما بأن أمن واستقرار أي دولة لا يمكن ولا يجب أن يكون على حساب دولة أخرى، و كان الأجدر بإيران أن لا تهدر ثروات شعبها في تحقيق أطماعها ، بل أن تستثمرها من أجل التنمية والازدهار فيها، ومد جسور التعاون والإخاء مع جيرانها ليعيش الجميع بأمن وسلام. ولكننا في المقابل لم نلق من إيران إلا الشر ، ولم نجد من سبيل إلا باتخاذ قرار سحب سفير المملكة المعتمد لدى إيران واعتبار القائم بأعمال السفارة الإيرانية لدى المملكة شخصًا غير مرغوب فيه ، وذلك من ضمن الإجراءات والتدابير التي ستتخذها المملكة لتعزيز أمن وسلامة شعبها وحماية مصالحها.
وهذا وبين ان البحرين لم تتردد و شقيقاتها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في دعم اليمن استجابة لطلب فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية، ولنصرة الشعب اليمني الشقيق في مواجهة الجماعات الانقلابية المدعومة من إيران و التي تنصلت من التزاماتها وقامت بالاعتداء على مؤسسات الدولة، وكذلك لمنع التردي الحاصل في الأوضاع الأمنية و الإنسانية هناك. إن موقف دول مجلس التعاون في دعم اليمن ، هو موقف مبدئي و راسخ و ينطلق من الإيمان ، بأن أمن واستقرار اليمن هو جزء أصيل ومهم ، ليس لأمن شبه الجزيرة العربية فقط، بل لأمن المنطقة بأسرها، لذا كانت المواجهة العسكرية خياراً حتمياً فرض علينا فرضاً، فما كان هناك من سبيل آخر إلا وطرقناه، إلا أن كل الطرق كانت موصدة في ظل تعنت الجماعات الانقلابية، وإضمارها الشر و السوء بأبناء اليمن و بدول المنطقة. ولعلي أستذكر هنا ما قاله أخي الكبير الراحل الأمير سعود الفيصل رحمه الله وطيب ثراه، حينما قال "نحن لسنا دعاة حرب، ولكن إذا قرعت طبولها فنحن جاهزون لها". وهذا يؤكد أننا في دول مجلس التعاون، وكما كنا دائمًا ، دعاة سلام لا دعاة حرب.
إننا نسير بخطى ثابتة لتحقيق آمال الشعب اليمني وسنظل على العهد، إلى أن يلقي من رفع السلاح سلاحه، ويتوقف من إنقلب على الشرعية عن أطماعه، وينهي من احتل مؤسسات الدولة احتلاله، وأن يعود من نكث بوعده إلى صوابه، ليكون الوضع مهيئا للم أطياف الشعب اليمني، عبر حوار وطني بناء قائم على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ، ومخرجات الحوار الوطني الشامل ومؤتمر الرياض، والتنفيذ غير المشروط لقرار مجلس الأمن 2216(2015) الذي يعتبر الأساس لإنهاء الأزمة اليمنية، مقدرين الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة في هذا الخصوص.
وإننا إذ نقدر كذلك الجهود الإنسانية المبذولة من الأمم المتحدة لمساعدة الشعب اليمني، والدور الكبير الذي يقوم به مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في اليمن، بالإضافة إلى ما قدمته دول مجلس التعاون وعدد من الدول الأخرى الصديقة. فإننا في هذا المحفل العالمي ندعو المجتمع الدولي إلى تكثيف مساعداته من أجل رفع المعاناة عن الشعب اليمني.
ويؤسفنا أن نرى دولاً عديدة باتت مرتعاً خصباً للجماعات والتنظيمات الإرهابية ، التي تتمدد عبر استغلال الإنتماءات الدينية والمذهبية المتنوعة لتحقيق أجندتها في السيطرة و التحكم ، وإلغاء إرادة الشعوب، فما تمر به سوريا في هذه المرحلة هو مثال حي على ذلك، بعد أن مهدت الظروف لتحويلها إلى ساحة مواجهة بين التنظيمات الإرهابية، كتنظيم داعش و حزب الله الإرهابيين و غيرهما، وتدمير هذا البلد المتحضر والعريق الذي أسهم شعبه في بناء حضارتنا الإنسانية.
وإزاء انزلاق سوريا لهذا المنحدر الخطير، فإننا ندعو إلى إنهاء هذا الوضع والعودة إلى ما كان عليه هذا البلد الشقيق، من وحدة ووئام وأمن واستقرار، وذلك من خلال وقف تدخل الدول بالتصعيد العسكري ، والتوصل إلى حل سياسي يتوافق عليه الجميع وفقاً لما جاء في بيان مؤتمر جنيف 1.
وأما الحديث عن سوريا يجرنا بطبيعة الحال ، إلى أزمة إنسانية تفرض على جميع دول العالم ، أن يبذلوا جهداً واضحاً لمعالجتها ، و نقصد بذلك أزمة اللاجئين و النازحين السوريين، وهي أسوأ تداعيات الوضع في سوريا و تعد بمثابة كارثة إنسانية كبرى، وغير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية، وإن دول مجلس التعاون لم تقف مكتوفة الأيدي إزاء هذا الوضع المأساوي ، بل تحركت تحركاً إنسانياً عملياً شاملاً إذ قامت باستضافة نحو ثلاثة ملايين من الأشقاء السوريين، ومنحهم حق الإقامة بكامل الحقوق التعليمية و الصحية المجانية ، والحق في العمل والعيش الكريم، مقدرين أيضاً في هذا الشأن الدور الكبير الذي تقوم به المملكة الأردنية الهاشمية ، في سبيل رعاية أشقائهم السوريين وتوفير العيش الكريم لهم، وندعو إلى تضافر الجهود لدعم الأردن ومساعدته في تحمل هذه المسؤولية الكبيرة التي طرأت عليه، ولا ننسى أيضا الجهود الكبيرة لمصر ولبنان وتركيا في المشاركة في هذه المسؤولية الإنسانية.
أما في شأن العراق الشقيق، فإننا نأمل في نجاح الجهود الكبيرة التي يقوم بها دولة السيد حيدر العبادي رئيس الوزراء، للم شمل الشعب العراقي، وللتغلب على التحديات التي تواجه بلاده و شعبه في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخه المعاصر، متطلعين إلى إستعادة العراق لأمنه و أستقراره في ظل هويته المتنوعة والمتعايشة بسلام عبر العصور، والتي كانت ويجب أن تظل مصدر قوته. وندعو إلى أهمية إنهاء التدخلات الخارجية وخاصة من إيران ، والحفاظ على سلامة العراق الإقليمية ووحدة أراضيه ومساعدته في حربه على الإرهاب ، بعد أن وجدت الجماعات الإرهابية مثل داعش والميلشيات الحزبية المسلحة المناخ الملائم للتواجد فيه.
لم تسلم ليبيا الشقيقة من خطر الجماعات الإرهابية، مما أدى إلى تأزم الوضع على نحو ما نشاهده جميعا الآن، ولم يعد هناك من مخرج إلا بالتزام جميع أطراف الأزمة الليبية بتغليب المصلحة العليا لإعادة أمنها واستقرارها والحفاظ على وحدتها، ونرحب هنا بصيغة الإطار لإنشاء حكومة وفاق وطني في ليبيا، بما يضمن وقف القتال و حقن الدماء في هذا البلد الشقيق.
ونؤكد على موقف مملكة البحرين ، الثابت و الراسخ الرافض لكل صور الإرهاب و أشكاله، ومهما كانت أسبابه و دوافعه و الجهة التي تقف وراءه وتموله، فالإرهاب الذي تقوم به داعش بلغ مدى غير مسبوق في ارتكاب أبشع الجرائم ضد الإنسانية وسيستمر هذا الإرهاب ولن يتوقف ، إلا بتضافر الجهود الجماعية على كافة المستويات والتركيز على تجفيف مصادر دعمه. ومن منطلق الالتزام بمحاربة هذا الخطر الذي يهدد سلامة وامن دولنا ، بل و إنسانيتنا جميعا ، فإن مملكة البحرين ملتزمة وستظل مع الدول الشقيقة في المنطقة وبمساندة الحلفاء، في العمل على دحر هذا الخطر، حيث شاركنا في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي، عسكريا ولوجيستيا وإعلاميا وفكريا، وقامت مملكة البحرين باستضافة المؤتمر الدولي لمكافحة تمويل الإرهاب العام الماضي، وستستضيف في نوفمبر القادم مؤتمراً حول حماية المؤسسات الأهلية من خطر استغلالها في تمويل الارهاب ، وإننا في الفترة القادمة بصدد تنظيم مؤتمر بشأن الوقاية من استخدام العبوات الناسفة (Improvised Explosive Devices)، الذي هو السلاح المفضل والأكثر انتشاراً لدى الجماعات الإرهابية في العالم.
السيد الرئيس،،،
إن ما يجري اليوم في القدس الشريف، يجرح مشاعر ووجدان كل مسلم على وجه الارض، جراء إنتهاك سلطات الاحتلال الإسرائيلي والجماعات المتطرفة، حرمة المسجد الأقصى الشريف وقدسيته، وإن مثل هذه الأعمال غير القانونية وغير الإنسانية من شأنها القضاء على كل فرص السلام المنشود، وخلق الأجواء المؤدية إلى مزيد من التوتر والعنف والتطرف والكراهية، التي لا تسهم في بناء العلاقات الإنسانية، ومد جسور الاحترام التي تدعو إليها كافة الأديان ، ولا إلى بناء مجتمعات مسالمة تحفظ الكرامة و الثقافة و التعايش السلمي، " فلا سعادة لأحد على حساب شقاء الآخرين" ، تلك الجملة التاريخية التي قالها الرئيس المصري الراحل أنور السادات، أمام الكنيست الإسرائيلي، وتتجلى أهميتها اليوم، وإن الوصول إلى تلك السعادة لن يتحقق، إلا بتلبية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة و عاصمتها القدس الشرقية ، على خطوط الرابع من يونيو عام 1967، وإنهاء الاحتلال والكف عن الممارسات القمعية ووقف الاستيطان والاعتراف بحق الفلسطينيين في العودة لمدنهم وقراهم، وفقا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وحل الدولتين ومبادرة السلام العربية.
وفي هذا الصدد، نرحب بقرار رفع علم دولة فلسطين على مقرات الأمم المتحدة، كخطوة لها رمزيتها الكبرى للدعم الدولي لأحقية حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة التي نتطلع أن تحظى بها في القريب العاجل.
ونود التأكيد على أهمية الاتفاق بين إيران ومجموعة 5+ 1 حول الملف النووي الإيراني، ونتطلع إلى أن يسهم في أمن واستقرار المنطقة، إلا أننا نرى أن هذا الاتفاق لا يُزيل جميع أوجه التوتر الصادرة من إيران تجاه دول المنطقة، فهو يعالج شيئاً من أمور الغد ، ولا يتطرق للمشاكل الحقيقة التي نواجهها اليوم، إذ إن إيران لا تزال تعمل على زعزعة أمن واستقرار هذه المنطقة، بدعم المنظمات الإرهابية وتهريب الأسلحة والمتفجرات وغيرها من الوسائل التي ذكرتها آنفًا بالتفصيل ، كما أنها مستمرة في التدخل السافر في الشؤون الداخلية لدولنا، وتواصل احتلالها لطنب الكبرى و طنب الصغرى وأبوموسى الجزر التابعة للإمارات العربية المتحدة وترفض إنهاء ذلك الاحتلال عن طريق المفاوضات المباشرة أو القبول بإحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية.
وفي هذا الإطار، نجدد التأكيد على أهمية جعل منطقة الشرق الأوسط ، بما فيها منطقة الخليج العربي منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، وضرورة أن تقوم إسرائيل بالتوقيع على معاهدة عدم الانتشار النووي، وإخضاع منشآتها النووية للتفتيش الدولي التابع لنظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وهنا أعرب عن الأسف لعدم التوصل إلى اتفاق في مؤتمر الدول الأطراف للاستعراض الشامل لمعاهدة منع الانتشار النووي الذي عُقد في نيويورك مؤخرا.
وتؤكد مملكة البحرين على دعمها التام لجمهورية مصر العربية والجهود الحثيثة، التي يقوم بها فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، لتحقيق التنمية والتقدم والازدهار للشعب المصري الشقيق، وترسيخ ركائز الدولة الحديثة ، وتثبيت الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب، وما بناء قناة السويس الجديدة والمشروعات الكبرى التي تقررت في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري بشرم الشيخ، إلا دليلاً واضحاً على العزيمة والإصرار لتعزيز دعائم التنمية الحقيقية، وذلك لتبقى مصر الحضارة هي مصدر الأمن والخيـر للجميع، والدعامة الأساسية للعالم العربي، ولتستمر في القيام بدورها الريادي في قيادة عملنا العربي المشترك بما يحقق نصرة قضايانا والدفاع عن أمننا القومي.
كما نسجل موقفنا الثابت والمبدئي من مسألة الصحراء المغربية، معربين عن دعمنا لوحدة التـراب المغربي، وتأييدنا لجهود الأمم المتحدة الرامية لحل سياسي تفاوضي مقبول يحظى باتفاق متبادل من قبل الأطراف، قائم على أساس المبادرة المغربية بشأن نظام الحكم الذاتي، من أجل المضي قدما نحو تسوية سياسية لهذه المسألة.
وأمام هذه التحديات الكبيرة التي تواجه المنطقة ، وتهدد أمنها واستقرارها على المدى الطويل، فإننا أحوج ما نكون إلى التفكيـر العميق والجاد لوضع آلية عمل جماعي ، تضم جميع الدول في الشرق الأوسط، لترسيخ الأمن والاستقرار ، ولنناقش معا كافة القضايا بوضوح وشفافية ونضع الحلول لبناء الثقة بنوايا صادقة وأفعال واضحة وخطوات ثابتة، من أجل المحافظة على ما حققناه لشعوبنا وبلداننا، من بناء وتنمية شاملة ونهضة متطورة، تضمن التعاون والتفاهم الجماعي، وتحفظ للدول سيادتها وسلامة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وتبني علاقات قائمة على الاحترام المتبادل، ومبادئ حسن الجوار وعدم استخدام القوة أو التهديد بها، مستندين في ذلك إلى القواسم التي تجمعنا، في ارثنا الديني والثقافي وهوياتنا المتنوعة ، وتنظم الاستفادة من الثـروات المشتركة بين دولنا لتحقيق الأمن الغذائي والمائي، و لبناء سلام حقيقي للجميع يحقق التقدم الاقتصادي و التنموي و الرفاه الاجتماعي والتعايش السلمي، وينقلنا جميعا إلى مرحلة جديدة في تاريخ العلاقات بين دول المنطقة.
واختتم كلمتي هذه بالقول، إن ما تحققه مملكة البحرين من إنجازات متتالية، يؤكد أننا واثقون من نهجنا، وثابتون على سياستنا ، في التطوير الدائم ، والنمو الشامل ، جنبا إلى جنب مع تعزيز أمن وطننا والحفاظ على هويتنا، فمع كل يد تدافع هناك يد تبني، في إطار دولة عصرية قائمة على العدالة وسيادة القانون والتعددية و تكريس المشاركة الشعبية في صنع القرار دون إقصاء أو تمييز، والإنفتاح في علاقاتها الخارجية، وفق أسس ومرتكزات قوية من أهمها احترام مبادئ ميثاق منظمتنا الدولية، والعمل في المحيطين الإقليمي و الدولي والتعاون مع الأشقاء و الأصدقاء بغية الوصول إلى حياة آمنة وسلام دائم و شامل للجميع.