بسبب غلاء أسعار المساكن شراءً وتأجيراً... وافدون ينزحون من دبي نحو الضواحي.. والشارقة
الوسط - المحرر الدولي
رغم استمرار إقامة البنايات السكنية الفخمة في دبي، فإن المدينة لم تعد بالنسبة الى عدد متزايد من الوافدين توفّر أسلوب الحياة الرغدة، الذي أغرى الكثيرين من الأجانب على التوجه إلى منطقة الخليج، وفق ما نقلت صحيفة "القبس" الكويتية اليوم الإثنين (28 سبتمبر / أيلول 2015).
وبدأ نقص المعروض من الوحدات السكنية للايجار بأسعار في متناول اليد ونقص البدلات التي يحصل عليها العاملون الأجانب، منذ الأزمة المالية يدفع الوافدين من أصحاب الدخول المتوسطة إلى مناطق أقل بهاء وفخامة في المدينة بعيدة عن أماكن العمل أو إلى إمارة الشارقة المجاورة لدبي.
وتقول شركة «جيه.إل.إل» للاستشارات العقارية إنه ربما كان المصرفيون العاملون في بنوك الاستثمار وكبار المديرين والشركات متعددة الجنسيات يتمتعون بمرتبات عالية تتجاوز مليون درهم سنويا، لكن غيرهم من الوافدين من مهندسي انشاءات ومحاسبين والمديرين في مجالات مثل تكنولوجيا المعلومات والموارد البشرية وغيرهم يتقاضون مرتبات تتراوح بين عشرة آلاف و30 ألف درهم للاسرة الواحدة (2720 و8170 دولاراً) في الشهر.
وتقول الشركة إن هؤلاء يمكنهم استئجار وحدات تبلغ قيمتها الايجارية 72 ألف درهم (19600 دولار) سنويا أو شراء عقار في حدود 790 ألف درهم، وهو ما يمثل مبلغا بسيطا مقارنة بالأسعار في أحياء، مثل دبي مارينا ودبي داون تاون على سبيل المثال، حيث يصل سعر الشقة المكونة من غرفتي نوم إلى أربعة ملايين درهم.
وقال فيصل دوراني رئيس البحوث في شركة كلاتونز العقارية «يوجد ضغط على أصحاب الدخول المتوسطة».
وأضاف «من المرجح أن تصبح مسائل القدرة المالية أكثر حدة».
وقد شهد قطاع العقار في الامارة بعضا من أشد التقلبات على المستوى العالمي خلال السنوات العشر الماضية، إذ انتقل من فترة ازدهار إلى فترة كساد أعقبتها مرة أخرى فترة ازدهار.
واستقرت أسعار العقارات وايجاراتها في السنة الأخيرة، لكنها ما زالت أعلى بنسبة 50 في المئة من مستواها قبل عامين وفقا لتقديرات كلاتونز، ومن المتوقع أن ترتفع من جديد بحلول عام 2017 مع استعداد دبي لاستضافة معرض اكسبو 2020.
والأحياء الوحيدة التي تتيح إسكانا في متناول اليد لكثير من ذوي الدخول المتوسطة تقع في مناطق سكنية في حالة سيئة قرب خور دبي وأجزاء على أطراف المدينة مثل المدينة العالمية ومنطقة دبي للتعهيد.
إلا أنه مع انتقال الوافدين الأجانب من المناطق الأقرب إلى وسط المدينة فقد شهدت الأحياء التي كانت ايجاراتها أرخص في ما سبق أكبر زيادات في القيمة الايجارية.
فقد انتقل راندي مدرب اللياقة الفلبيني وزوجته البريطانية ليلى إلى منطقة رمرام إحدى هذه المناطق على مسافة 50 كيلو مترا من حي الأعمال في دبي في مايو عام 2013.
وقال راندي (37 عاما) «اعتدنا الإقامة في منطقة الخليج التجاري وكانت على مسافة عشر دقائق بالسيارة من أغلب زبائني».
وأضاف «كنا نستأجر شقة من غرفة نوم واحدة لكنها أصبحت باهظة الايجار، ولذلك انتقلنا إلى هنا. كان هذا هو المكان الوحيد المعقول الذي أمكننا أن نستأجر فيه شقة من غرفتي نوم. ونحن الآن على مسافة 30 دقيقة بالسيارة من أي شيء».
في البداية دفع الزوجان اللذان أنجبا ابنا عمره الآن 13 شهراً 55 ألف درهم ايجارا سنويا. لكن الايجار ارتفع إلى 63 ألف درهم، إذ ظل مقيدا بالقيود الإيجارية السارية.
إلا أن القيود على الزيادات السنوية لا تسري إلا في حالة تجديد عقد الايجار. وفي الوقت الحالي يعلن أصحاب الشقق المكونة من غرفتي نوم في رمرام عن تأجيرها بمبلغ، يتراوح بين 80 ألفاً و100 ألف درهم سنويا.
ويجري تداول أراضي البناء مثل سلعة في دبي، مما يعمل على تضخيم الأسعار. ودفع ذلك المطورين العقاريين إلى التركيز على المشروعات الفاخرة التي تتيح هامش ربح مرتفعاً. فمن الصعب تحقيق أرباح من المشروعات السكنية المتوسطة إذا لم تكن أسعار الأراضي مدعمة.
وفي العام الحالي بدأ المطورون العمل في مشروعات جديدة يبلغ اجمالي عدد الوحدات السكنية فيها 19500 وحدة تقدر شركة «جيه.إل.إل» أن 22 في المئة منها فقط تلبي احتياجات ذوي الدخل المتوسط.
وتقدر «سي.بي.آر.إي» أن حوالي 70 ألف وحدة سكنية جديدة ستستكمل في دبي بحلول نهاية عام 2018، أي أكثر من مثلي العدد الذي اكتمل في 2013 ـــ 2014، لكنه أقل من الذروة التي سجلها في 2007 ـــ 2008، وبلغت 90 ألف وحدة سكنية.
وقال رئيس البحوث في «سي.بي.آر.إي» الشرق الأوسط مات جرين «هذه الوحدات لا تستكمل بوتيرة سريعة، ولهذا نشهد أثرا سلبيا كبيرا في سوق الايجارات».
الشارقة
وقد توقّف كثير من أصحاب الأعمال في الإمارة عن صرف بدل السكن، كما تقلصت المرتبات بصفة عامة في أعقاب الأزمة المالية في 2007 ـــ 2008، لكن ربما يتعين عليهم إعادة تقييم عروضهم، إن هم أرادوا الاحتفاظ بنفس مستوى العمالة والمهارات.
وقالت مديرة البحوث في «جيه.إل.إل» دانة سلباق: «ستشتد الحاجة لإسكان في متناول اليد. وسيتعين على أصحاب الأعمال زيادة الأجور أو بدلات السكن لجذب العاملين والاحتفاظ بهم».
وقد انتقل بعض السكان إلى الشارقة المجاورة لدبي. وتقدر شركة كلاتونز أن أسعار العقارات فيها أقل من نصفها في دبي وفي أواخر العام الماضي سمحت الشارقة للأجانب المقيمين في الامارات بشراء العقارات في بعض المشروعات العقارية.
لكن الشارقة تبعد نحو ساعة بالسيارة عن دبي في ساعة الذروة، وليس فيها المطاعم ومراكز التسوق والحياة الليلية التي تتيحها دبي.
وقال جرين من «سي.بي.آر.إي» إن على دبي أن تعطي الأولوية للمشروعات المخصصة للايجار التي يحتفظ فيها المطورون بالملكية ويؤجرون الوحدات بهدف الحفاظ على الايجارات في متناول اليد.
والشركات الكبرى القائمة على التطوير العقاري مملوكة للامارة.
وأضاف «لكن المطورين كيانات تجارية لها مسؤوليات تجاه مساهميها لتحقيق أرباح وتقديم توزيعات نقدية».
وقد أصبح امتلاك وحدة سكنية أبعد من متناول الوافدين المقيمين لفترات طويلة مثل راندي، إذ إن دولة الامارات رفعت الحد الأدنى لمقدم الرهن العقاري خلال العامين الأخيرين إلى 25 في المئة، بهدف منع المضاربة. كما أن دبي رفعت رسوم تسجيل المبيعات العقارية لمثليها لتصل إلى أربعة في المئة.
وقال راندي «إذا أردت أن أشتري عقارا بمليون درهم يجب أن يكون معي في البداية حوالي 300 ألف درهم. من أين لي بهذا المبلغ؟».