التعلم من غرب أفريقيا لبناء الاستقرار والأمن
الوسط – المحرر الدولي
ما هو العامل المشترك بين سيراليون وليبريا وكوت ديفوار؟ تقع البلدان الثلاثة جميعا في منطقة غرب أفريقيا وقد نجحت في الخروج من الحروب الأهلية والصراعات الكبيرة، لتقدم لنا دروسا في بناء القدرة على التكيف والصمود في وجه التحديات، وذلك وفق ما نقل موقع "البنك الدولي" (4 سبتمبر / أيلول 2015).
وقد كان تفشي الإيبولا مؤخرا بمثابة تذكير مأساوي للتداعيات طويلة الأجل للصراع في هذه المنطقة الفرعية، لكن بشكل عام كانت الخسائر التي تكبدتها غرب أفريقيا من الصراعات على مدى الستين عاما الماضية أقل من أي منطقة أخرى في أفريقيا جنوب الصحراء.
وبالإضافة إلى الدور المهم للقيادة القوية، فإن تجارب هذه البلدان تبرز أهمية منظمات التنمية في المساعدة على إعادة بناء المؤسسات ومعالجة المظالم في أعقاب الصراعات أو الاضطرابات السياسية.
وفي هذا الصدد، قال ألكسندر مارك، رئيس خبراء البنك الدولي الفنيين لشئون الهشاشة والصراع والعنف، "بات من المهم للحكومات وشركائها في التنمية أكثر من أي وقت مضى استخلاص الدروس المستفادة من خبرات بلدان غرب أفريقيا بشأن ديناميكيات القدرة على الصمود في مواجهة العنف السياسي والحرب الأهلية".
ولدعم هذه الجهود، تستخلص الدراسة الجديدة المعنونة "تحدي تحقيق الاستقرار والأمن في غرب أفريقيا" (e) الدروس المستفادة، وتحلل محركات الصراع والعنف لطرح توصياتها عن كيفية تحسين الطريقة التي يمكن لشركاء التنمية أن يدعموا بها الاستقرار.
وتأتي الدراسة في وقت حرج لغرب أفريقيا. ففي العقود الأخيرة، تحركت هذه المنطقة الفرعية لتقطع خطوات كبيرة في مجال ترسيخ الديمقراطية، والنمو الاقتصادي، والتعاون الإقليمي، لتفخر بأنها تضم بعض أكثر بلدان استقرارا في أفريقيا. إلا أن مستقبل التقدم يمكن أن يتبدد ما لم تضطلع سياسات التنمية بدور قوي في تعزيز الاستقرار.
ووفقا للدراسة، ففي الوقت الذي انحسرت فيه الصراعات والحروب واسعة النطاق في غرب أفريقيا، برز جيل آخر من التهديدات خلال السنوات القليلة الماضية، من بينها تهريب المخدرات، والقرصنة البحرية والتطرف- مما يشير إلى تغير طبيعة العنف.
على سبيل المثال، مكن التقدم الذي أحرز على صعيد التحول الديمقراطي والذي بدأ في تسعينيات القرن الماضي من نقل السلطة عبر الانتخابات وليس عبر الانقلابات العسكرية. ومع هذا، فقد أدى ذلك أيضا إلى زيادة العنف المرتبط بالانتخابات والذي تؤججه المنافسة السياسية المحمومة فيما بين الأطراف المتعصبة عرقيا أو دينيا. وتسعى بلدان المنطقة إلى التصدي لهذا التحدي، من خلال عدة أمور منها الجهود التي تبذلها منظمات المجتمع المدني لنشر مراقبين للانتخابات ووضع إرشادات لإدارة النزاعات الانتخابية.
وتشمل الجوانب المهمة التي حددتها الدراسة لتحسين الاستقرار والسلام على المدى البعيد:
1. توجيه جهود التنمية إلى المناطق المتأخرة؛
2. تقوية نظم الحكم المحلي، لاسيما في إطار سياسات تفعيل اللامركزية؛
3. تحسين إدارة الأراضي؛
4. الحد من الشكاوى المتصلة بإدارة الصناعات الاستخراجية؛
5. تحسين إدارة الهجرة وحقوق المهاجرين؛
6. تحسين آفاق المستقبل للشباب، خاصة ما يجعلهم أطرافا فاعلة أكثر نشاطا في مجتمعاتهم؛ و
7. دعم إصلاح قطاع الأمن وتعزيز العدالة وسيادة القانون.
إن التحديات جد معقدة، وتتطلب تنسيقا ومشاركة دائمة على مدى فترات طويلة من الزمن.
وأضاف مارك، المؤلف الرئيسي للدراسة، "تمثل سياسات التنمية جزءا محوريا من جهود بناء السلام والاستقرار، لأن التنمية الاقتصادية والاجتماعية مهمة للغاية في الحد من التوترات المتصلة بالمظالم، سواء ما يتعلق منها بالإقصاء أو عدم التكافؤ في الحصول على الموارد. ومن شأن التركيز على تدعيم الاستقرار كهدف مهم لسياسات التنمية أن يساعد على انحسار الصراع والعنف على المدى الطويل".