اللاجئون مكسب أم عالة على سوق العمل الألمانية؟
دويتشه فيليه
من بين التحديات التي تنتظر ألمانيا أمام تدفق آلاف اللاجئين عليها، دمجهم في سوق العمل. وبينما يعتبر البعض اللاجئين مكسباً للاقتصاد الألماني، يتخوف آخرون من أن يتسببوا في ارتفاع البطالة وانخفاض الأجور.
بالنسبة لمديري الشركات الصناعية الألمانية، من الواضح أن اللاجئين الذين يتوافدون حاليا بمئات الآلاف على بلدهم يشكلون فرصة كبيرة أمام الاقتصاد الألماني في المستقبل.
ففي أحسن الأحوال، يمكن أن يكون استقبال هؤلاء اللاجئين "أساسا لتحقيق المعجزة الاقتصادية الألمانية القادمة، كما كان الحال بالنسبة لملايين العمال المهاجرين الذي جاؤوا إلى ألمانيا في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وساهموا بشكل كبير في النمو الاقتصادي للجمهورية الاتحادية" على حد قول الرئيس التنفيذي لشركة دايملر ديتر زيتش المتخصصة في صناعة السيارات. بدورهم دعا كبار مديري الشركات الصناعية الألمانية لتقديم المزيد من المساعدة للاجئين، كماتياس مولر الرئيس التنفيذي لشركة بورشه، وكلاوس إنجل رئيس شركة المواد الكيميائية "إيفونيك"، إضافة إلى فرانك أبيل الرئيس التنفيذي لمؤسسة بريد ألمانيا.
الخبراء لا يتوقعون تأثيرأ كبيرا على المدى القصير ويتوقع الباحثون في المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية أن يسجل الاقتصاد الألماني في العام المقبل تراجعاً طفيفاَ بحوالي ربع نقطة مئوية بسبب أعداد اللاجئين، وذلك بسبب الأموال التي سيتم إنفاقها لإدماج هؤلاء اللاجئين وعلى برامج التدريب والتعليم. وبالإضافة إلى ذلك، فإن اللاجئين سيحصلون على مساعدات مالية، سيقومون بدورهم بإنفاقها على متطلباتهم، وهو ما يمكن اعتباره بمثابة "خطة إنعاش اقتصادي مصغرة". من جانبه لا يتوقع توماس باور، نائب رئيس معهد شمال الراين وستفاليا للبحوث الاقتصادية في مدينة إيسن، حدوث تأثير كبير للاجئين على النمو الاقتصادي منذ البداية. غير أن الاقتصاد الألماني يمكن أن يستفيد على المدى الطويل "إذا نجحت ألمانيا في دمج اللاجئين بنجاح في سوق الشغل"، يضيف باور في مقابلة مع الدويتشه فيله.
لكن إدماج اللاجئين في سوق العمل الألمانية يمثل تحديا كبيرا، حسب ما خلصت إليه دراسة قام بها معهد بحوث سوق العمل (IAB) . وحسب نتائج الدراسة التي شملت عينة عشوائية، فإن 55 في المائة من طالبي اللجوء في ألمانيا يمكن أن يمكن أن يحصلوا على فرص شغل في المستقبل. أما النسب الباقية فهي لا تتوفر على كفاءات عالية. فحوالي ثلثي اللاجئين الجدد لا يتوفرون على شهادة تدريب مهني في بلدهم الأصلي. "نسب قليلة فقط من اللاجئين ستنجح في الاندماج في سوق الشغل" ويحذر كارستن لينمان، رئيس اتحاد الشركات المتوسطة التابعة للكتلة المسيحية بالبرلمان الألماني، من أن غالبية اللاجئين الذين يأتون إلى ألمانيا "ليس لديهم حظوظ للاندماج في سوق العمل على المدى القصير وحتى المتوسط". وحسب توقعات كارستن لينمان من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، فإن نسبة قليلة فقط هي التي سيكون باستطاعتها الاندماج بسرعة داخل سوق العمل. "فحق اللجوء لا يمكن أن يحل مشكلة اليد العاملة"، يضيف لينمان في مقال نشره في إحدى الصحف المالية الألمانية.
ولتسهيل الاندماج في سوق العمل يقترح معهد بحوث سوق الشغل عددا من التدابير منها تكثيف دروس تعلم اللغة الألمانية، وتسريع إجراءات الشهادات المهنية، إضافة إلى تقديم برامج خاصة باللاجئين في مجال التعليم والتدريب داخل المدارس والمدارس العليا. ولكن ماذا يحدث بعد اندماج اللاجئين في سوق العمل؟ هل سترتفع نسبة البطالة أو الأجور إلهزيلة؟ تتوقع وزير العمل الاتحادي أندريا ناهليس ورئيس وكالة العمل الاتحادية، فرانك يورغن ايز، أن ترتفع نسبة البطالة في البداية.
أما على المدى الطويل، فيتوقع معهد بحوث سوق العمل (IAB) أن ادماج اللاجئين لن تكون له آثار سلبية على سوق العمل في ألمانيا. ففي حالة دمج 220 ألف شخص (من بينهم 20 في المائة ذوو شهادات جامعية أو شهادة تدريب مهني) في سوق العمل، فإن البطالة سترتفع بنسبة 0،07 في المئة فقط.
كما أن مستويات الأجور ستظل ثابتة، وفقا لتوقعات المعهد. وبدوره يطمئن توماس باور، نائب رئيس معهد شمال الراين وستفاليا للبحوث الاقتصادية في مدينة إيسن، الألمان قائلا: "نحن نعلم من خلال الأبحاث حول الهجرة أنه حتى التدفقات الكبيرة للمهاجرين يكون لها تأثير ضئيل فقط في سوق العمل". فجل الدراسات التي تم القيام بها لا تسجل أي تأثير سلبي للهجرة على البطالة. "المهاجرون لا يأخذون وظائف السكان المحليين، كما أن الأجور لا تتأثر سلبا بسبب المهاجرين، وبعض الدراسات أظهرت أن التأثير على الأجور يكون أحيانا إيجابيا" يضيف توماس باور.