التربية الجنسية في الإسلام هل هي ثقافة محظورة؟
المنامة - رجاء الملا
التربية الجنسية في الإسلام هي شكل من أشكال التوعية والتثقيف التي تمد الفرد بالمعلومات العلمية والخبرات السليمة والمتعلقة بأمورالتربية الجنسية في الإسلام بحسب ما يسمح به نموه الجسمي والعقلي والاجتماعي، ومواجهة مشكلاته الجنسية مواجهة واقعية، والتغيرات الجسمية التي يتفاجأ بها أبناؤنا على حين غفلة، والابتعاد عن التعلم الاعتباطي الكيفي عن طريق أحد أصدِقاء السوء أو عن طريق التجارب الخاطِئة التي يقع فيها أولادنا عندما نبتعد عنهم، مما يؤهله لبلوغ التوازن النفسي والاجتماعي وفي مستقبل حياته الجنسية والإنجابية وتؤدي إلى الصحة النفسية السليمة، وكل ذلك يتم في إطار التعاليم الدينية والأخلاقية نحو المسائل الجنسية.
والتربية الجنسية السليمة ينبغي أن تنطلق من الأسرة عن طريق الأبوين وفي سن ما قبل البلوغ ثم تستعمل في المؤسسة التربوية بطريقة متناسقة مع جملة المواد المبرمجة في الدراسة كما يشترط لسلامتها أن تكون التربية الجنسية وقائية وقائمة على الشرعية المسبقة وقادرة على إعلاء الدوافع الجنسية.
من موضوع التربية الجنسية، قمت بإجراء استطلاع حول هذه التربية في المجتمع وأهميته لكل مرحلة عمرية فكان هناك من الناس يرون ضرورة تعليم التربية الجنسية للأبناء، بينما يرى آخرون عكس ذلك.
فهل يمتلك المربون الوعي الكافي والثقافة اللازمة لتربية أبنائهم تربية جنسية سليمة؟، وماهو رأي الإسلام في التربية الجنسية؟، وماهي نظرة المجتمع للتربية الجنسية؟ هذه الأسئلة وغيرها سيتناولها هذا التحقيق الصحافي الآتي:
إخصائية إرشاد نفسي وتربوي صفية يوسف تقول عن التربية الجنسية: «التربية الجنسية في الإسلام تعني تهذيب غرائز الإنسان الجنسية والمتعلقة بالشهوة والغرائز الطبيعية الفطرية حتى تسير في مسارها المعتدل بلا إفراط ولا تفريط».
واضافت «لا ينبغي أن يعتقد الأبوان حرمة الحديث عن القضايا المتعلقة بالجنس، وتعليم الأولاد الاتجاهات الصحيحة في ذلك بل هو جائز، وربما كان واجباً في بعض الأحيان إذا ترتب عليه حكم شرعي».
وذكرت يوسف أنه «على خلاف الكثير من النظريات والثقافات الأرضية البشرية نجد أن الإسلام يبدأ تعليماته التربوية لتربية سلوك الإنسان وتهذيب غرائزه قبل أن تنعقد نطفته وقبل أن يولد، فيركز على شخصية الزوجين قبل اختيار شريك الحياة، ووقت انعقاد النطفة (أي وقت الزواج ومكانه) بالإضافة إلى طعام الأبوين وسلوك المرأة أثناء الحمل وبعد الولادة وما تسمعه وما تشاهده وما تأكله أثناء النفاس والرضاعة».
وبينت أن «المراحل التربوية في الإسلام عموماً تنقسم إلى عدة مراحل، والوسائل تتغير بحسب المرحلة العمرية للطفل». مستدركة في ذلك «وجود ثلاث مراحل تربوية، هي: قبل انعقاد النطفة، وتعني، كما قلنا هناك، وسائل يختارها الأبوان منذ الزواج وانعقاد النطفة والحمل والرضاع، وهي توجد في الثقافة الإسلامية، والأحاديث تحت مسمى آداب المعاشرة الجنسية، وهي في الحقيقة مطلوبة من الأبوين لكن هدفها هو المولود القادم لتهذيب غرائزه وسلوكه».
الحديث مع الأبناء
أم محمد «ربة منزل» قالت: «لأول مرة اسمع في حياتي أن لمرحلة (قبل انعقاد النطفة) تأثيراً على المولود يحتم على الزوجين أخذه في الاعتبار، وأن الجنس له تربية، فمن الحشمة عدم التحدث مع الأبناء في هذه الأمور، بل ربما قاد التحدث مع الأبناء حول هذه الأمور إلى فتح عيونهم وعقولهم على أمور لم يكونوا يتعرفون عليها».
وترى أن «الفترة المناسبة للحديث مع الأبناء حول التربية الجنسية هي مرحلة البلوغ التي تصاحبها تغيرات جسمانية ونفسية تحتاج إلى توجيه المربي».
وتواصل صفية يوسف عن المراحل التربوية، وتذكر المرحلة الثانية منها، فتؤكد «ضرورة ألا يترك الطفل لوحده مع آخرين مثل الشغالة بالبيت، وأن نقوم بتعليمه بعدم السماح لأي شخص غير والدته بلمس أماكن بجسمه، وعدم السماح لأي شخص بتغيير ملابسه».
وتابعت «كما يوجه الطفل ما بين (4 و7 سنوات) إلى ألا يخرج من المنزل لوحده، وان يتم تعليمه بألا يرافق أي شحص إلا بعلم والديه، وتوعية الطفل للفروق الجسدية بين الذكر والأنثى، وعدم السماح لهما التعري أمام بعضهما».
وذكرت «بما أن هذه المرحلة قد يحدث فيها ما يسمى (بالجنس اللعبي غير المقصود) بين الأطفال كنوع من اللعب والفضول، فإننا نجد الإسلام ينصح بتدارك ذلك، وتعزير الحدث حتى لا يقع في الخطأ مرة أخرى».
وقالت يوسف، عن المرحلة الأخيرة من التربية وهي مرحلة البلوغ، فتقول: «هنا يبدأ الوالدان قبل البلوغ بتعليم الأبناء، فتقوم الأم بتعليم بناتها عن الدورة الشهرية وما يصحبها من تغيرات. كما يقوم الأب بشرح إلى أبنائه علامات البلوغ وغيرها من الأمور التي تصاحبهم في الفئات العمرية».
وتابعت «يجب تكثيف التوعية الجنسية للجنسين؛ لأن الغريزة والرغبة الجنسية تبدأ في الظهور خلال هذه المرحلة، فيجب على الأبوين تعليم كل ذلك لأبنائهم أو إلحاقهم بالدورات والورش التثقيفية المتعلقة بها في المراكز المتخصصة».
وافادت «يجب أن يرتقي التثقيف الجنسي في مرحلة الشباب وما بعده، وذلك عبر الإرشاد سواء من أهله أو متخصصين، وتكثيف الدورات التدريبية بالتربية الجنسية».
مريم حبيب (أم لولدين وطفلة صغيرة) تقول: «موضوع التربية الجنسية مهم جدّاً، لكن يتطلب الجرأة في الحديث مع الأبناء».
وأضافت «بصراحة كنت أتحدث إلى أبنائي في أمور جنسية بسيطة، لكن بعدما كبروا تخوفت أن تصيبهم مشاكل وخصوصا في المدرسة، فتعمقت قليلاً في إرشادهم، وبقيت أمور كنت أخجل من التحدث فيها فطلبت من خالهم المقرب توضيحها لهم».
أخطاء الوالدين في التربية الجنسية
صفية يوسف تقول: «إن أكثر الأخطاء شيوعاً هي عدم مراعاة الآداب في المعاشرة الجنسية، وعدم التثقيف التدريجي للأطفال بالمعلومات الجنسية وعدم الإجابة على أسئلة الأطفال المتعلقة بالأمور الجنسية أو إجابتها بشكل خاطئ، وعدم اتخاذ أساليب وقائية لتثقيف الأطفال والأحدا ث والمراهقين والشباب قبل وقوع الأخطاء الجنسية وترك الأطفال يشاهدون برامج البالغين أو البرامج المثيرة في الوسائل المختلفة».
واضافت «للأسف فإن التربية الجنسية القائمة لدينا إما على الكتمان أو على التهتك والابتذال وعدم إجابة أسئلة الأطفال المتعلقة بالأمور الجنسية أو إجابتها بشكل خاطئ والتعامل مع أخطاء الأطفال والمراهقين بشكل قاس أو مبالغ فيه بدلاً من جعلها تجربة يستفيد منها الحدث أو الطفل».
وعن تأثير النفسية على الأبناء من جانب التربية الجنسية، قالت يوسف: «من الضروري أن يرد الوالدان على اسئلة الطفل بصورة صحيحة تناسب عمره فمثلاً عندما يسأل الطفل أبويه كيف جئت إلى هذه الحياة؟ فعلى الأبوين أن يتحدثا مع أبنائهم بكل صدق وصراحة، فلن يضر الأبوين شيء، لكن المشكلة إذا تقدمت سن الطفل فتتوسع الأسئلة وإذا سأل والديه ولم يتلق الإجابة أو تم الرد هذا عيب وحرام، فالطفل لن يهدأ بل سيصبح فضوليا يبحث عن إجابة مقنعة ويتأثر نفسياً».
الإحساس بمرحلة مبكرة
أخصائية في علم النفس التوافقي زينة قميحة، قالت: لعل القول بوجود ميل فطري لدى الأطفال لاكتشاف أجسادهم فكرة ليست جديدة تماماً لدى الكثير من الآباء، لكن الجديد ما يؤكده علماء النفس من أن إحساس الطفل بجسده وأعضائه التناسلية يبدأ في مرحلة مبكرة جدا لا تتجاوز الشهر الثامن عشر من ولادته».
واضافت «هنا تكمن عدة تساؤلات عن كيف نتعامل مع الأطفال، وكيف نتعامل مع المراهقين والشباب، وكيف نوصل هذه المعلومات إليهم، فهي جزء من صحة الإنسان العامة وجزء أساسي من حياته، ويرتبط تحقيق ذلك بشرط محدد مثل توافر إيصال المعلومات الأساسية حول الوجوه البيولوجية والنفسية، وحول النمو الجنسي والتكاثر الإنساني وتنوع السلوك الجنسي، واضطراب الوظائف والأمراض الجنسية».
وتابعت «يجب السعي نحو تنظيم وضبط العلاقات الجنسية وما يرتبط بها من تأثيرات على باقي العلاقات الاجتماعية، فالتربية الجنسية للطفل تبدأ من عمر ثلاث سنوات تقريباً، من خلال تعريف الطفل بأعضائه الجنسية، وكيفية الاعتناء بها ونظافتها، وتعريفه بارتباط الجنس بالإنجاب. إذاً يجب تثقيف الطفل طبعاً بأسلوب بسيط وواضح، والرد على أسئلة الطفل بإجابات واضحة وليس من الضروري أن تكون تفصيلية جدًّا، لكن يجب أن يلقى إجابة عن كل سؤال».
وافادت قميحة «إن التهرب من أسئلة الطفل أو انتهار الطفل حينما يسأل سؤالاً من هذا القبيل، يحدث أثرًا سيئًا في نفسية الطفل فيما بعد. وبحسب الأخصائي النفسي فيفان جاماتي، فهو يقول - الولد الذي يفقد ثقته بأهله هو بمثابة ولد يتيم -، لذلك يجب على الآباء والأهل ألا يتهربوا من الإجابة على بعض الأسئلة المحرجة، وألا يبالغوا في الأمر والنهي أو تصوير الفعل الجنسي كأمر محظور، ويقتضي الأمر مراقبة الطفل من بعيد للبرامج التلفزيونية التي يشاهدها ولا ينبغي السماح له بمشاهدة الأفلام الإباحية في مرحلة الطفولة لما تسبب له من اضطرابات نفسية، نتيجة عدم استيعابه وإدراكه حيثيات السلوك الجنسي لدى الراشدين».
وذكر أن «الأطفال الذين يتعرضون للتحرش الجنسي فإن التأثير الأول هو لفت نظر الطفل إلى الجنسانية في عمر مبكر، أي اعتراض التدرج الطبيعي في النمو والنضج الجنسي لهذا الطفل، فتنشأ عن ذلك آثار شتى تتراوح ما بين القلق والتوتر إلى مختلف أنواع الانحرافات الجنسية من الاستمناء إلى المثلية الجنسية إلى الهوس الجنسيّ إلى التحويل الجنسي، أو البرود الجنسي يصاحب ذلك تدهور في النشاط العقلي والأداء الأكاديمي للطفل، وكل ذلك تبعا لكيفية التعامل مع صدمة التحرش وعلاجها حال وقوعها».
وقال: «إن الحديث عن التربية الجنسية، يفتح نا بالضرورة على مجال التحليل النفسي، والذي ميز فيه «سيغموند فرويد» في كتابه « محاضرات تمهيدية في التحليل النفسي»، بين الجنسية والتناسل. فالسلوك الجنسي يبدأ مع الإنسان منذ ولادته عبر مختلف أنواع السلوك، في حين أن التناسل يتميز بالقدرة على الإنجاب».
وعن أهم أغراض التربية الجنسية للمراهق، تقول قميحة :»ضبط الغريزة الجنسية وتنظيمها، ثم إخضاعها لإرادة الفرد التي تتماهى مع قيم وثقافة المجتمع».
وأضافت «لعل عملية تهذيب الغريزة الجنسية تبدأ في سن مبكرة، إذ ينبغي التدخل في الحياة الجنسية للأطفال قبل البلوغ، ولابد للوالدين من أن يكثفوا الثقافة إلى أبنائهم في مرحلة البلوغ، فعلى سبيل المثال، عادة ما تكون الفتيات اللواتي لم ينلن قسطا من التربية الجنسية في أسرهن، ولا تعين التغيرات التي تطرأ على أجسادهن ووظيفة هذه التغيرات وآثارها، قد يتعرضن لبعض المعلومات من خلال المشاهدات أو الصديقات أو التلفاز، وغالبا ما تكون هذه المعلومات مضخمة أو لا تفي بالغرض».
وتابعت «عندما تجد الفتاة نفسها في هذا الموقف للمرة الأولى فالصدمة تكون ردّ الفعل الأوليّ، ويختلف التعامل مع الصدمة في مرحلة لاحقة تبعاً إلى شخصية كل فتاة وظروفها».
واضافت «لكن لاتقتصر التربية الجنسية للمراهق والمراهقة على تقديم معلومات لها علاقة بجسده، إذ لها غاية أسمى من ذلك، وهي التهيؤ للحب أي الإعداد للحياة ولنمو الكائن، إنها ترتبط بمنحه الأسس الصحية والسليمة لتكوين أسرة منسجمة». مستذكرة في الموضوع نفسه، «يبدو النمو الجنسي من منظور علم النفس كتطور في النضج يحصل من خلال تعاقب فترات ليصل إلى هدفه بعد أن يكون مر بمرحلة التجربة والخطأ، ومن الطبيعي أن تقود هذه المراحل الفرد نحو الحب الناضج، والزواج وتكوين الأسرة، وأن يركز على أهمية الحب والتفاعل بين الزوجين الذي يسبق العلاقة الجنسية».
الشذوذ
الاخصائي في علم الاجتماع في جامعة البحرين محمد منصور أجاب بأن هذا «موضوع اجتماعي مهم للغاية، فلابد أن نحرص على أن تكون تربية الأبناء منذ الصغر تربية صحيحة تقوم بها المؤسسات الاجتماعية المنوط بها مسئولية التنشئة الاجتماعية وهي الأسرة (الوالدان) أولاً ثم المدرسة والإعلام والبيئة المحيطة ثم مؤسسات المجتمع الأخرى، كالمراكز الدينية والتعليمية والمؤسسات المختصة في الشئون الأسرية».
واضاف «لذلك، إذا أردنا تقديم تربية جنسية صحيحة بمنظور أسلامي صحيح، فلابد من تكاتف كل هذه المؤسسات مع بعضها بعضاً، فكل مؤسسة تقوم بدورها الصحيح والسليم، لكن الخطورة في مجتمعاتنا تكمن في وجود اختلافات فكرية حول الفهم الصحيح لمفهوم التربية الجنسية في الإسلام. فالمجتمع في غالبيته يرى أن هذه التربية لا يجب التطرق لها، فضلا عن تعليمها في المناهج الدراسية، بل وينظر إلى الوالدين اللذين يعلمان أبناءهما التربية الجنسية بحسب المرحلة العمرية التي يمرون بها ينظر إليهم نظرة سلبية مقيتة».
وأضاف منصور «من هنا تبرز أهمية توعية المجتمع، وخصوصاً مع التطور التكنولوجي والإعلامي والانفتاح على وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، بضرورة التربية الجنسية السليمة الموافقة والمنبثقة عن الإسلام للجيل الصاعد بحسب المرحلة العمرية للأبناء وبحسب النضج الجسدي والعقلي والانفعالي والنفسي، كل ذلك يتم عبر اتفاق مجتمعي بين أساتذة علم النفس وأساتذة علم الاجتماع وأساتذة الدين والمدارس والأسرة ووسائل الإعلام على مبادئ عامة ينطلق منها، بحيث عندما يصل الأبناء إلى مرحلة الزواج تتكون لديهم صورة صحيحة وممارسة سليمة لأسس التربية الجنسية التي تلقوها خلال مراحل عمرهم المختلفة. فينتج المجتمع الراقي والمثقف الذي نطمح اليه دوما».
مناهج التربية الجنسية في المدارس
عباس علي (مدرس) يقول: «أنا أوافق وبشدة على أن تحتوي المناهج الدراسية في المدرسة على منهج التربية الجنسية؛ لأن الكثير من أفراد المجتمع ليست لديهم ثقافة كافية وخاصة الآباء والأمهات. فيجب منذ الصغر أن يتم تثقيف الأبناء على أسس التربية الجنسية السليمة».
ووافقته الرأي اختصاصية صعوبات تعلم بوزارة التربية فاطمة حميد الملا، اذ تقول: «على رغم أن غالبًا ما يقف معظمنا محتاراً أمام سؤال ابنه أو ابنته، عندما يتساءل من أين أتيت؟. فأعتقد أنه من الجيد أن يكون هناك منهج يثقف الطلبة من جانب إسلامي ضيق يكون في الحدود العامة فقط، ولكن كثقافة جنسية من الصعب تدريسها لجميع المراحل إلا إذا روعي فيها أن تكون من وضع اختصاصي علم النفس والتعليم الذين يعرفون الخصائص النفسية للطلاب والتلاميذ. فيتم تدريسه بشكل مبسط جدا، وذلك لعدم ضمان عواقب هذا النوع من التثقيف».
بينما عارضت الرأي معلمة اللغة العربية آمنة الملا، اذ قالت: «إن هذه الأمور هي من مسئولية الأسرة، فأنا ضد تدريسها في المدارس بتفصيل معمق وتبقى المسائل الحساسة في الموضوع يديرها الوالدان».
دور الإعلام
المحاضرة في جامعة البحرين تخصص إعلام هبة مسعد قالت إنه «على رغم أهمية التربية الجنسية في الإسلام، فإن الإعلام العربي لم يتعامل مع هذا الموضوع التعامل المطلوب، فمازال قسم كبير من الإعلام يعتبر التربية الجنسية شيئا معيبا لا يصح الحديث عنه، ولايزال الإعلام مقصراً في توعية الوالدين والمجتمع بالتربية الجنسية الصحيحة وهذا يعتبر خطأً كبيراً؛ لأن دور الإعلام يقتصر على إلقاء الضوء على بعض المشاكل، ومن المفترض أن يقوم بالتثقيف، وبالتالي فإن وسائل الإعلام للأسف لا تتعرض لأية قضية مّا إلا عند وقوع مشكلة أو قضية معينة تعد بمنطق الإسلام أو بحكمه مخالفة إلى الإسلام أو خارجة عن الأطر المسموح بها في المجتمع».
واضافت «الفرد لا يتعرف على شيء إلا عندما تقع المشكلة، وحتى التعليم في جانب التربية الجنسية عند الإناث والذكور يتم تلقيه من مصادر غير مسئولة لا تهتم برأي الدين ولا تضمن المعرفة الصحيحة».
وتابعت «من المفترض إن الإعلام يلقي الضوء على هذه القضية ويعتبرها نوعاً من أنواع التعليم، فيتم توجيه الشخص فيها من المهد إلى اللحد».
وقالت مسعد: «لابد أن اشير إلى زواية مهمة، وهي التكنولوجيا المتقدمة في عصرنا الحالي، وهي الإنترنت والتطبيقات المجانية التي توجد في الهواتف فهي سلاح ذّو حدين، فالأنترنت مواقعه مباحة من دون رقيب ولا حسيب، وهي في الأعم الأغلب لاتراعي رأي الإسلام، وللأسف فإن الأبناء يأخذون معلوماتهم من تلك الشبكة العنكبوتية التي تنقل ثقافات بعيدة عن الإسلام، وغالباً مَّا تقوم معلومات خاطئة لا تمثل رأي الإسلام وتفتح عقل الشاب والشابة على أمور محظورة تدمر حياتهم إلا إذا كانت مواقع رسمية تصدر عن حكومات أو جهات تشريع وبعض المؤسسات المرخصة شرعاً التي تصدر الفتاوى وفق الإسلام، ولابد أن تكون مشرعة بشكل رسمي».
وعن تكتم الوالدين واتجاه الأبناء لتلقي معلوماتهم من مصادر ملوثة، تقول مسعد: «من الضروري أن تكون هناك حملات مكثفة في أنحاء البحرين تقوم بتوعية وتثقيف الوالدين كيف ومتى يتم تعليم الأبناء التربية الجنسية وفق الإسلام، ويجب أن يكون المجتمع منفتحاً حول قضية التوجيهات التربوية الإسلامية في مجال الجنس، فهي أوامر ربانية يجب الالتزام بها وهي ضرورية للإنسان مثل الأكل والشرب».
وأضافت «نحن نحتاج إلى تأهيل أنفسنا ومجتمعنا لهذه المواضيع الحساسة والمهمة، فالكبت الجنسي قد يولد الإنفلات، ونركز على ارتباط هذه القضية بالإسلام، فالقضية فيهاعقاب وجزاء في يوم القيامة، كما أن الوالدين هما المحاسبان على تربية أبنائهما وتنظيم أوقاتهم بما لا يدع مجالا للفراغ، والتشديد على أن تكون التربية الجنسية وقائية وقادرة على إعلاء الدوافع الجنسية وتحويلها باتجاه النشاطات الاجتماعية والفنية والرياضية المفيدة، وفي حال تطبيق التدريس للتربية الجنسية في المدارس يتم ذلك على ايدي متخصصين من مختلف المجالات ما يحقق المجتمع المتوازن الذي يطمح إليه الجميع حيث تسود العفة والطهارة والثقافة في مجتمعٍ راقٍ».