ماذا تريد فرنسا في سورية؟
دويتشه فيله
بعد أن أعلن الرئيس الفرنسي أولاند نيته توجيه ضربات جوية ضد مواقع تنظيم "داعش" في سورية، أكد وزير الدفاع بحكومته أن هذه الهجمات ستبدأ في "الأسابيع القادمة"، ما يدفع إلى التساؤل عن أسباب تحرك فرنسا داخل سورية.
أكد وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان في تصريحاته التي أطلقها صباح اليوم الأربعاء (16 سبتمبر/ أيلول 2015)، أن فرنسا ستبدأ بشن هجمات جوية في سورية خلال "الأسابيع المقبلة" بمجرد أن يتم تحديد أهداف معينة.
وتأتي هذه الخطوة بعد أن كشف الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند قبل أسابيع عن رغبته في توسيع نطاق الهجمات التي تقوم بها المقاتلات الفرنسية على تنظيم "داعش" ليشمل سورية بعد العراق، إذ تشارك باريس في الهجمات الجوية التي يشنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد التنظيم منذ نحو العام.
واستقبل الرأي العام الفرنسي القرارات الرئاسية الجديدة بمباركة صامتة، على الأقل بالنظر إلى نتائج استبيان للرأي قامت به مؤسسة (إي.إف.أو.بي) لصالح صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" والذي نشرت نتائجه يوم الأحد الماضي، ويقول إن نحو 56 في المائة من المستطلعة آراؤهم يؤيدون التوغل البري بمشاركة جنود فرنسيين في سورية، وذلك في إطار تحالف دولي.
أزمة اللاجئين وزحف داعش
لكن الرئيس الفرنسي، مستبعدا خيار التدخل البري، شدد على أهمية الضربات الجوية، بعد تحديد الأهداف بواسطة طلعات جوية استطلاعية بدأت منذ الثامن من الشهر الجاري.
وبإمكان الرئيس الفرنسي إصدار مثل هذا القرار دون الحاجة إلى تزكيته من قبل البرلمان.
وقد انتظر رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس إلى أن اطلقت الطائرات الاستطلاعية بالفعل، لكي يعلل الأسباب التي دفعت الحكومة إلى اتخاذ مثل هكذا قرار. وحسب فالس، فإن أزمة اللاجئين والزحف المتواصل لمقاتلي "داعش" على الأرض السورية، هما الدافعان الرئيسيان لقرار تمديد المشاركة الفرنسية في التحالف لتشمل الأراضي السورية.
وشدد فالس على أن الفوضى باتت سيدة المشهد السوري، وأن الآلاف من السوريين يفرون من بطش داعش، مضيفا أن فرنسا مهددة بالتعرض لهجمات إرهابية خاصة من الجهاديين العائدين من سورية.
وحسب الأرقام الرسمية، فإن 491 فرنسياً يقاتلون في العراق وسورية إلى جانب الإرهابيين، فيما لقي 133 منهم حتفهم هناك. وأشار فالس أيضا إلى أن مأساة اللاجئين هي محصلة للقمع والبطش الذي يمارسه نظام الأسد، إلى جانب همجية وإرهاب تنظيم "داعش".
جدل حول الأسد بفرنسا بيد أن فالس أراد من خلال تصريحاته تفادى التطرق إلى أن الضربات الجوية ضد داعش ورقة يستغل نتائجها النظام، وذلك حتى لا يجد نفسه مجبرا على تقديم خطة لتفادي هكذا نتيجة.
ولهذا السبب، تجنبت الحكومة الفرنسية ولوقت طويل خيار الضربات الجوية.
وفي إطار الجدل الدائر في فرنسا حول إمكانية معالجة الأزمة السورية، تدعو المعارضة وعلى رئسها حزب "الجمهوريون" برئاسة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي إلى إحياء الحوار مع الرئيس السوري باعتباره أهون الشرّين مقارنة مع تنظيم "داعش"، وهو ما سيسهل حسب رأيهم التفاوض مع روسيا حليفة الأسد للوصول إلى حل سياسي للأزمة.
لكن الموقف الحكومي، وإلى غاية اللحظة، يصر على إبعاد الأسد، باعتبار أن لا مكان له في سورية ولا اتفاق معه لكونه "أصل البلاء" حسب فالس.
ومن منطق حزب "الجمهوريون"، يتساءل رئيس كتلة الحزب عن جدوى الضربات الجوية "ما هي أهدافها؟ أيريد فرانسوا أولاند الإطاحة بالأسد أم دحر داعش؟"، مؤكدا على ضرورة تكاثف الجهود الدولية وإلا فإن الضربات لن تأتي أكلها. خيار التدخل البري مستبعد بقوة من قبل رئيس الحكومة الفرنسية فالس، لكنه لم ينف أنه في حال "عرضت دول الجوار قوات برية، فإن فرنسا ستشارك أيضا من أجل تحرير سورية من همجية داعش".
في المقابل يقول أستاذ العلوم السياسية دومينيك مواسي، إن فرانسوا أولاند يقف حائرا أمام ما يحدث في سورية تماما مثل نظرائه الأوروبيين.
والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا قرر أولاند التحرك عوض الاكتفاء بالفرجة كما هو حال رئيس وزراء بريطانيا دفيد كاميرون؟ الغارات الجوية المزمع إطلاقها لاحقا هي تأكيد على أن باريس "تقوم بعمل ما"، يقول الخبير مواسي.
كما أن أولاند يواجه ضغطا من المعارضة داخل بلاده التي تطالب بإنهاء الفوضى في سورية، حتى تقل أعداد النازحين، في وقت يشدد حزب "الجمهوريون" والحزب القومي بزعامة ماري لوبان على صد الأبواب أمام اللاجئين.