50 عالماً ومفتياً يضعون من القاهرة "ميثاق شرف" ضد فتاوى الإرهاب والتطرف
الوسط - المحرر السياسي
في ما عده مراقبون بأنه "محاولة من الدولة المصرية للرد على إرهاب جماعة الإخوان المسلمين وفتاوى التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتهم (داعش)، بعد أن أصبحت الفتوى سلاحاً مشرعاً في تبرير العنف وإراقة دماء الأبرياء"، يضع 50 عالماً ومفتياً من دول عربية وإسلامية "ميثاق شرف" ضد فتاوى الإرهاب والتطرف وضد ظاهرة تصدي غير المتخصصين للفتوى، ويدشنون مركزاً دولياً لتفنيد فتاوى التكفير، وذلك في مؤتمر إسلامي عالمي تنظمه القاهرة الأسبوع المقبل، برعاية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
وقال مفتي مصر، شوقي علام، لصحيفة "الشرق الأوسط": "نسعى خلال المؤتمر لتفكيك الفكر التكفيري والحد من عمليات القتل والترويع والعنف"، مضيفاً: "سوف يتم الإعلان خلال المؤتمر عن إنشاء أمانة عامة للإفتاء في العالم يكون مقرها القاهرة، تعقد لقاءات دورية للمفتين، ليتم فيها تبادل الرؤى العلمية وإصدار كلمة واحدة بشأن القضايا المشتركة التي تستحق إصدار فتوى موحدة بشأنها".
ويعقد في القاهرة يوم الاثنين المقبل، ولمدة يومين، مؤتمر "الفتوى.. إشكاليات الواقع وآفاق المستقبل"، الذي تنظمه دار الإفتاء المصرية، بحضور رئيس مجلس الوزراء المصري إبراهيم محلب، وشيخ الأزهر أحمد الطيب، وعدد كبير من وزراء مصر وعلمائها، وعلماء من المملكة العربية السعودية والإمارات والأردن وفلسطين والمغرب والجزائر وموريتانيا ولبنان والعراق وسلطنة عُمان وإندونيسيا وماليزيا وباكستان والهند وروسيا وكازاخستان، كما يضم المؤتمر عدداً من المفتين الرسميين بالدول.
وتطلق دار الإفتاء على تنظيم "داعش" اسم "دولة المنشقين عن (القاعدة) في العراق والشام"، ودشنت الدار من قبل صفحة على "فيسبوك" للرد على شبهات التنظيم. كما أفتت بأن ما يقوم به "داعش" من ترويع للآمنين وتدمير للممتلكات العامة والخاصة ونهبها لا يمت إلى الإسلام بصلة.
وتشهد مصر، منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي إلى جماعة "الإخوان" التي أعلنتها السلطات "تنظيماً إرهابياً"، فتاوى من أعضاء التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة تبيح التفجير والقتل وأعمال العنف والترويع المسلح، وتقول السلطات المصرية إنها "مستمرة في تنفيذ واستكمال خارطة طريق المستقبل، التي حددتها ثورة 30 يونيو (حزيران)، حتى ينعم الشعب بالخير والنماء والاطمئنان".
وأكد مفتي مصر أن "المؤتمر العالمي للإفتاء خطوة جديدة على طريق مواجهة الفكر بالفكر"، لافتاً إلى أن دار الإفتاء تتبنى وسطية منهجية معتدلة تتصدى للتشدد وتواجه المرجعيات الدينية المتطرفة التي تكتوي بها الأمة الإسلامية، موضحا أن "المؤتمر يأتي كمحاولة لاسترجاع تلك المرجعية لمصر بلد التدين المعتدل، وللتواصل مع الأقليات المسلمة في دول الغرب التي تتجاذبها أفكار متعددة يرصدها مرصد الإفتاء بالدار ويقوم بتفنيدها".
وأوضح علام: "سوف نسعى في المؤتمر الإسلامي لتفكيك التكفير لنقضي على فكر التفجير"، مضيفاً: "لقد استشعرنا في دار الإفتاء الخطر من انتشار الأفكار والفتاوى الشاذة، وأخذنا على عاتقنا تصحيحها بشكل علمي دقيق".
من جانبه، قال مستشار مفتي مصر، إبراهيم نجم إن "الفتوى أصبحت سلاحاً مشرعاً في تبرير العنف وإراقة الدماء وزعزعة استقرار المجتمعات... وهي ظاهرة خطيرة لها آثار سلبية على الأفراد والمجتمعات"، موضحاً أن المؤتمر يهدف إلى التعاون مع الجهات والهيئات والمؤسسات العلمية الدولية التي تعمل في مجال الإفتاء لتوحيد الرؤى والجهود في هذا المجال بهدف ضبط إيقاع الفتوى والتصدي لفتاوى التكفير والتفجير.
وأضاف نجم لـ "الشرق الأوسط": "نأمل أن يكون المؤتمر حدا فاصلا بين عصر فوضى الفتاوى الذي تتسبب في زعزعة استقرار المجتمعات وأدى إلى التطرف، وعصر الفهم الدقيق لطبيعة الدور الإفتائي وما يكتنفه من ضوابط يمكنها مع التطبيق أن ترتقي به إلى أعلى مستوياته وتسهم في عجلة البناء والتنمية".
في غضون ذلك، حذرت دار الإفتاء من أن تنظيم "داعش" بدأ يولي وجهه نحو دول آسيا الوسطى والقوقاز وشرق آسيا، مضيفة في تقرير لها أمس أن "التنظيم بدأ يتبع إستراتيجية جديدة في تجنيد أتباع له من خارج الشرق الأوسط، والتوجه إلى مناطق أخرى أكثر أمانا له، يستطيع من خلالها استقطاب عدد آخر من الأتباع، يوجههم كيفما يشاء باسم الدين والحمية للإسلام والمسلمين".
وتابعت دار الإفتاء: "تلك الأجزاء من العالم تتميز ببعض الخصوصية التي يستطيع التنظيم بسهولة استقطاب أعضاء جدد يقاتلون تحت لوائه، نتيجة لغياب فكرة التنظيم عنها، ونتيجة لتقدير مسلمي تلك المناطق للعرب، بالإضافة إلى كثرة عدد المسلمين في هذه الدول"، لافتة إلى أن "كل هذا العناصر مجتمعة تضمن محضناً جيداً لتفريخ أعضاء جدد للتنظيم الإرهابي".