200 شاب من أصل لبناني يزورون وطنهم لتوطيد علاقته مع بلاد الاغتراب
الوسط - محرر المنوعات
غادر 200 شاب وشابة يتحدرون من أصل لبناني وآتيين من 22 دولة أميركية وأوروبية لبنان، بعدما أقاموا في ربوعه على مدى 10 أيام بدعوة من الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم بالتعاون مع وزارة السياحة في لبنان، بحسب ما نقلته صحيفة الشرق الأوسط اليوم الثلثاء (4 أغسطس/ آب 2015).
هدف هذه الزيارة التي حملت عنوان «lebolution» هو توثيق العلاقة ما بين لبنان والمغتربين، وحثّ الشباب المتحدّر من أصل لبناني على التعرّف إلى بلده الأم عن كثب. وقد استغرق التحضير والتنظيم لهذه الزيارة نحو العام، من خلال لقاءات وتجمعات قامت بها نسرين اسبر (رئيسة المجلس العالمي للشبيبة) في مختلف دول الاغتراب.
جال الوفد الذي يقوم معظم أفراده بزيارة لبنان لأول مرة، في مختلف المناطق اللبنانية فقصدوا جبيل وصيدا وصور وطرابلس، وعرّجوا على إهدن وبعلبك وبلدة فتقا في كسروان وغيرها حيث تبادلوا الأحاديث بينهم وبين شباب لبنان المقيم.
وفي حديث مع نسرين اسبر للصحيفة، فقد أكدت أن هذا النوع من الزيارات سبق وحصل في سنوات ماضية، إنما عدد الشبّان الذي يزور لبنان حاليا كان الأكبر نسبة إلى غيره. وعن كيفية انخراط هؤلاء الشباب في كنف لبنان رغم عدم إلمام غالبيتهم بتقاليده وعاداته ومعالمه الأثرية أجابت: «لقد فوجئنا بحماسهم لهذه الزيارة منذ البداية، لا سيما أننا لم نخترهم شخصيا، بل هم من سجّلوا أسماءهم في مراكز خاصة في دول الاغتراب، وطالبوا بأن يكونوا من ضمن هذا الوفد».
وأضافت: «يمكن القول إن لبنان كان اللغة الأساسية الذي تواصلوا فيها مع أهله، فعدم إجادتهم العربية أو جهلهم لأي تفاصيل أخرى عنه، لم تشكّل عائقا فيما بينهم وبين أهله على السواء، لا بل استمتعوا في تبادل الثقافات بين بلادهم الاغترابية ووطنهم الأم، إلى حدّ أن بعضهم كابن عمي مثلا يعيش قصة حبّ وهو يفكّر في العودة إلى لبنان تكرارا».
أما أمين عام الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم طوني قديسي فقد أكد من جهته، أن وزارة السياحة بشخص وزيرها ميشال فرعون، إضافة إلى تجمّع رجال الأعمال في لبنان ساهموا في نجاح هذه الزيارة التي استمرّت على مدى أيام متتالية. وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أبدى هؤلاء الشباب تجاوبا كبيرا مع اللبنانيين المقيمين، فكانوا سفراء فوق العادة للبلدان التي ولدوا فيها، وأمضوا برنامجا كاملا متكاملا، تخلله تبادل الثقافات الاجتماعية والفنية والإنسانية».
وكانت زيارة الوفد إلى مدينة طرابلس واحدة من أكثر الزيارات التي لفتت اللبنانيين والتي أقيمت تحت شعار «يوم السلام في طرابلس»، فجالوا في شوارعها وتعرّفوا إلى أزقتها وأصروا على جمع شمل أهالي طرابلس، الذين شرذمتهم حرب مناطقية ما بين باب التبانة وجبل محسن. هناك وفي شارع سوريا في التحديد رسموا جدارية السلام، فطبعوها ببصمات أياديهم حول شعار الجيش، للإشارة إلى تلاقي أبناء المنطقتين المذكورتين بسلام.
وقدموا هدية تذكارية لرئيس بلديتها عامر طيب الرافعي في مركز رشيد كرامي الثقافي البلدي، وهي كناية عن أرزة لبنانية وخريطة لبنان كتب عليها «نحن نحبّ لبنان».
وكما في طرابلس كذلك في إهدن، جال الشباب المتحدر من أصل لبناني على معالمها، وقدموا لرئيس بلديتها شهوان الغزال معوّض هدية تذكارية هي كناية عن قبعة مكسيكية (sombrero) مشغولة بالفضّة، صممها شباب الوفد وترمز إلى أميركا اللاتينية التي جاء منها معظم أفراد الوفد. ولطبع زيارتهم هذه بلفتة إنسانية أصيلة، تؤكّد صلة الدم بينهم وبين وطنهم لبنان، فقد شارك شباب الوفد في حملة تبرّع للدم أقيمت في بلدة فتقا في منطقة كسروان نظمتها جمعية (عطاء دون حدود)، فأخذوا صورا تذكارية وهم يقومون بها رافعين شعارات تبرز تعلّقهم في وطنهم الأم وبينها «أنا لبناني أصيل».
وطالبت (رئيسة المجلس العالمي للشبيبة) شركة طيران الشرق الأوسط (MEA) نسرين اسبر، في اللقاء الذي جمع الوفد بتجمّع رجال اللبنانيين في مطعم «عنب» في بيروت، إلى ضرورة تأمين رحلات مباشرة من دول أميركا اللاتينية إلى لبنان، التي تضم أكبر جالية لبنانية في العالم، لتشجيع المغتربين لزيارة لبنان ولو مرة واحدة في السنة. وقالت: «هذه اللفتة في حال حصولها ستعود بإيجابيات كثيرة على اللبنانيين المغتربين والمقيمين معا وعلى اقتصاد لبنان بشكل عام».
وكان للصحيفة لقاءات مع بعض الشباب المتحدرين من أصل لبناني، وبينهم خوسيه فرّة، الذي تعود أصوله اللبنانية إلى بلدة ريفون في منطقة كسروان، فقال: «كلمة سعادة وحدها لا تكفي لوصف شعورنا تجاه لبنان، فلقد اجتاحنا الحماس منذ اللحظة الأولى لوصولنا أرضه، وأنا كما غيري من أصدقائي المشاركين في هذا الوفد قررنا العودة إلى لبنان مرات أخرى ولا أستبعد استقراري فيه في المستقبل»، وأضاف: «لقد خسرت والدي منذ نحو ثلاث سنوات، هو الذي كان يحدثني دائما عن لبنان، واليوم عندما تصل إلى «تشيلي» من حيث أتيت، سأروي لوالدتي بالتفاصيل مجريات هذه الزيارة، لعلّ أبي ومن العالم الآخر الذي هو فيه اليوم، سيفرح هو أيضًا في سماعها».
أما ريتا حكيم من كندا، التي انتخبت ملكة جمال المغتربين لعام 2013، فقد أكدت أنها ستدعو أصدقاءها لزيارة لبنان، وأنها شخصيا تعتز بجذورها اللبنانية والتي تعود إلى بلدة غوسطا الكسروانية.
«تعرّف إلى لبنان» كان العنوان الرئيسي لزيارة وفد الشباب المتحدّر من أصل لبناني إلى بلدهم الأم، الذي نتج عنه مواقف مؤثّرة كثيرة من قبلهم. فان أنطونيو ابن الـ22 ربيعا والآتي من البرازيل لم يتوانَ عن القول: «أنتم تعيشون في الجنّة وعليكم الحفاظ على لبنان، لأنكم لن تعرفوا قيمته الحقيقية إلا عندما تغادرونه للعيش في بلد غيره».