تركيا تشن غارات جوية جديدة على مسلحين متشددين بينهم الأكراد في العراق

اسطنبول - د ب أ

شنت تركيا هجمات جوية جديدة اليوم السبت (25 يوليو/ تموز 2015) ضد مسلحين أكراد في شمال العراق مما يلقي بظلال كثيفة من الشك على وقف لإطلاق النار ظل صامدا إلى حد كبير منذ عام 2013 مع حزب العمال الكردستاني.

وتعتبر موجتا الهجمات الجوية هي أول ضربات ضد القواعد الرئيسية في كردستان العراق خلال فترة تبلغ حوالى ثلاثة أعوام. وقال حزب العمال الكردستانى الذي يسعى للحصول على مزيد من الاستقلال الذاتي للأقلية الكردية التركية إن الغارات الجوية تعني أن وقف اطلاق النار "بلا معنى حقيقي".

وتأتي الموجة الجديدة من الهجمات التركية اليوم السبت ،و التي قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو عنها أنها ستستمر ، في أعقاب الموجة الاولى من الهجمات التي شنتها تركيا على مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في شمال سورية التي بدأت في وقت مبكر من يوم أمس الجمعة لتدخل أنقرة فجأة الصراع على جبهتين.

وقال داود أوغلو الذي يرأس حكومة تسيير أعمال منذ انتخابات الشهر الماضي "العمليات ستستمر ما دام التهديد ضد تركيا مستمر". ورفض أوغلو التخلي التام عن عملية السلام.

وقالت وسائل إعلامية تابعة لحزب العمال الكردستاني إن الغارات الجوية على كردستان استمرت حتى ما بعد ظهيرة اليوم السبت وتضمنت القصف وأصدر الحزب بيانا دعا فيه الأكراد إلى "تعزيز الكفاح على الفور".

وتثير الهجمات التي قال داود أوغلو انها أصابت مخابئ ومخازن لحزب العمال الكردستاني تساؤلات أيضا حول وضع ميليشيا "وحدات حماية الشعب" الكردية في سورية وهي حليف أمريكا ومنظمة شقيقة لحزب العمال الكردستاني وهو القوة الرئيسية على الأرض في شمال سورية التي تقاتل داعش وحققت نجاحات مؤخرا ضد المتطرفين بالقرب من الحدود التركية.

وقال هاوارد ايزنشتات الاستاذ المساعد في تاريخ الشرق الأوسط في جامعة سانت لورانس بولاية نيويورك "لا اعتقد أن الولايات المتحدة ضحت بوحدات حماية الشعب... مازالت الكرة في ملعب الوحدات. انها هي التي تقوم بالقتال الفعلي".

ونبه إلى أن التفاصيل الكاملة للاتفاقات في الآونة الأخيرة بين أنقرة وواشنطن لم تكشف بعد.

ومن جانبه ،أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو أيضا إعلانا أمريكيا بأن تركيا ستسمح لائتلاف ضد تنظيم الدولة الاسلامية تقوده أمريكا باستخدام أراضيها لشن غارات جوية ضد المتشددين لكنه شدد على أنه لم يتم بعد فتح قواعد جوية.

وأكد جاويش أوغلو أن كل الخطوات التركية تتخذ بتنسيق مع الولايات المتحدة زميلتها في عضوية حلف شمال الأطلسي (ناتو).

ومن جانبها، وجهت إيران انتقادا للهجمات التركية على مواقع لتنظيم الدولة الإسلامية داخل الأراضي السورية باعتبارها مسلكا منفردا من تركيا وجاءت دون التنسيق مع السلطات في سورية.

وشددت مرضية أفخم المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية في تصريح لوكالة "إرنا" الإيرانية للأنباء اليوم السبت على "ضرورة التعاون الشامل بين الحكومات لمواجهة الإرهاب بشكل فاعل وبالترافق مع احترام السيادة الوطنية للدول".

وأضافت أفخم أن مواجهة الارهاب يجب أن تتقيد بالمبادئ الأساسية للحقوق الدولية ، وخاصة احترام السيادة الوطنية.

وأوضحت أفخم أن إيران ترحب بالتعاون الدولي لمواجهة الإرهاب "لكنها تذكر أيضا بضرورة التنسيق الكامل مع الدول التي تعد ضحية لهذا الإرهاب، مشيرة إلى أن المواجهة الحقيقية للإرهاب تتحقق فقط عن طريق تجفيف مصادر التمويل المالي له".

وتقصف الولايات المتحدة وحلفاؤها داعش في سورية والعراق منذ عشرة شهور. وتحصل القوات المتحالفة على دعم من مقاتلين على الأرض من وحدات حماية الشعب أو ما يعرف باسم البشمركة. وكانت قوات التحالف تأمل أن تنضم تركيا الى القتال في نهاية المطاف.

ولكن الحكومة التركية ترى أمورا متشابهة بين داعش وحزب العمال الكردستانى رغم أن احداهما جماعة دينية متشددة والأخرى منظمة يسارية علمانية وتخوضان حربا ضد كل منهما الاخرى في العراق وسورية.

وتضغط واشنطن على أنقرة لاتخاذ دور أكثر فعالية في القتال ضد تنظيم الدولة الاسلامية الذي يسيطر على مساحات واسعة من الاراضي في العراق وسورية.

وتواجه تركيا انتقادات شديدة بسبب ما يزعم من غض الطرف عن المقاتلين الاجانب ومن بينهم متطرفون إسلاميون يعبرون من تركيا إلى سورية ثم يعودون إليها مرة أخرى. وتركز أنقرة بشكل أساسي على دعم المتمردين الذين يقاتلون الرئيس السوري بشار الاسد.

ودفع تفجير انتحاري أودى بحياة 32 شخصًا يوم الاثنين الماضي وقع في اجتماع لشباب مؤيدين للأكراد في مدينة "سوروج" جنوب شرق البلاد تركيا إلى ان تتخذ موقفا ضد داعش تمثل في الضربات الجوية التي شنتها أمس الجمعة.

واشتبكت داعش أيضا في معارك عبر الحدود أول أمس الخميس مع الجيش التركي تمخضت عن مقتل جندي واحد.

وأعلن حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بأنه منظمه إرهابية مسؤوليته عن قتل ضابطي شرطة تركيين اتهمهما بالتواطؤ مع داعش في هجوم سوروج.

وتتصاعد المخاوف الأمنية وسط المواطنين الأتراك بما في ذلك احتمال شن داعش لمزيد من الهجمات.

وقال الزعماء الأتراك الذين يقدمون الغارات الجوية باعتبارها إجراء لتعزيز الأمن إن الشرطة اعتقلت ما يقرب من 600 شخص في الأيام القليلة الماضية من داعش وحزب العمال الكردستاني.

ودعا الحزب الديمقراطي الشعبي وهو الحزب الرئيسي للأكراد في تركيا إلى مظاهرة مؤيدة للسلام غدا الأحد في اسطنبول لكن حاكم المدينة حظر المظاهرة. وأغلقت تركيا عددا من المواقع الاخبارية للأكراد على الانترنت.

وهناك مخاوف متنامية من أن تؤدي الأحداث في الاونة الأخيرة الى تهميش الأكراد المعتدلين في تركيا الذين يفضلون عملية السلام ومن بينهم الحزب الديمقراطي الشعبي.

وتوقفت عملية السلام الى حد كبير منذ آذار/مارس عندما أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان انه لا توجد قضية كردية لحلها مما اثار غضب كثيرين في الأقلية الكردية.

وتصاعدت الاضطرابات بالفعل في الأيام القليلة الماضية في المناطق الكردية من البلاد بما في ذلك وقوع هجمات على مراكز الشرطة.