الأوقاف المصرية تعتزم التعاقد مع شركات حراسة لتأمين المساجد
الوسط - المحرر السياسي
تعتزم وزارة الأوقاف المصرية التعاقد مع شركات حراسة لتأمين وحماية المساجد، بهدف التصدي لدعاة التشدد والتطرف والإشراف على صناديق التبرعات، بحسب مصادر مسؤولة بالوزارة ، حسبما أفادت صحيفة الشرق الأوسط اليوم السبت (25 يوليو/ تموز 2015).
وبينما أثار القرار الذي أصدره وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة، حالة من الجدل والسخط بين الأئمة والدعاة الرسميين وغير الرسميين، خاصة وأنها المرة الأولى في تاريخ المساجد في البلاد، قال قيادي في حزب النور، إن «الأوقاف خرجت عن دورها الدعوي إلى دور رجل الشرطة.. ونطالب بإلغاء القرار فورا».
وسبق أن استعانت الجامعات المصرية بشركات حراسة خاصة خلال العام الدراسي المنصرم، بعدما تصاعدت أعمال العنف والتخريب على يد طلاب ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها الرئيس المعزول محمد مرسي. وأكدت المصادر المسؤولة في الأوقاف، أن «شركات الحراسة على المساجد سوف تساعد الأئمة على التفرغ للجانب الدعوى، فضلا عن الحفاظ على مكتبات المساجد من الكتب التي يتم إدخالها للمساجد وتدعو للتشدد والتطرف.. وسيكون لهم زي مدني وعمل محدد يختلف بطبيعة الحال عن مهام جنود وزارة الداخلية».
وأضافت المصادر التي تحدثت مع «الشرق الأوسط» أمس، أن «الوزارة تهدف من ذلك مساعدة وزارة الداخلية في تأمين المساجد، فضلا عن ضبط بعض المتشددين من دعاة الإخوان المحسوبين فعليا على الأوقاف والموجودين في المساجد، للقضاء على التحريض على العنف».
ويرى مراقبون أن «السلطات المصرية تحاول إحكام قبضتها فعليا على المساجد، التي باتت مراكز للدعاة المتشددين من بعض الجماعات المتطرفة، رغم تأكيدات قيادات الأوقاف بأن المساجد تحت سيطرتها». والأوقاف التي تشرف على نحو 198 ألف مسجد في مختلف ربوع البلاد، تؤكد أنها خاضت منذ عزل مرسي عن السلطة صيف العام قبل الماضي، معارك لبسط سيطرتها على المنابر. لكن المراقبين أكدوا أن سبب قرار الأوقاف الآن هو «وجود غير أزهريين ما زالوا يعتلون منابر المساجد من الجماعات المتشددة، للتحريض على أعمال العنف والقتل ضد الشرطة والجيش».
وسبق أن وضعت الدولة المصرية، إجراءات استثنائية على المساجد منذ سقوط حكم جماعة الإخوان قبل ما يزيد على العامين، كما قصرت إلقاء الخطب والدروس في المساجد على الأزهريين، وعمدت إلى توحيد موضوع خطبة الجمعة، ومنع أي جهة غير الأوقاف من جمع أموال التبرعات أو وضع صناديق داخل المساجد أو في محيطها.
وأكدت المصادر المسؤولة في الأوقاف أن «محافظات مصر ما زال بها عدد من الدعاة والقيادات التابعين للإخوان يستغلون أموال المساجد التي يتم جمعها عن طريق التبرعات في دعم وتمويل مسيرات وعنف الإخوان.. وأن شركات الحراسة سوف تحد من ذلك بإشرافها على هذه الصناديق». وأعلنت الحكومة المصرية رسميًا الإخوان «جماعة إرهابية» بعد إدانة قادتها في عمليات عنف مسلحة، قتل خلالها المئات من الأشخاص بينهم عناصر تابعة للجيش والشرطة.
وسبق أن أسست وزارة الآثار شركة خاصة للحراسات لتأمين المساجد الأثرية والتاريخية بالتعاون مع الأوقاف، لحماية المساجد التي تتعرض دائما للسرقة، بعدما تعرض منبر مسجد قايتباي الأثري (شرق القاهرة) لحادث سرقة حشوات المنبر المصنوعة من العاج والأبنوس.
وأضافت المصادر المسؤولة نفسها في الأوقاف أن «الوزارة سوف تنفق على شركات الحراسة من أموال هيئة الأوقاف.. وسنبدأ في تطبيقها بالمساجد الكبرى»، موضحا أن «الشركات خطوة إيجابية جدا وأنها ستحافظ على المساجد وتحميها أيضا من السرقات التي تتعرض لها بين فترة وأخرى».
في غضون ذلك، هاجم مشايخ في حزب النور (الذي يضم دعاة غير رسميين) والجماعة الإسلامية، قرار الأوقاف بوضع حراسات على المساجد، مؤكدين أن «هذا الإجراء يفتقد للدقة والموضوعية»، وعدوا القرار غير قابل للتطبيق على جميع المساجد خاصة في المحافظات.
وقال إسماعيل الجن، عضو الجماعة الإسلامية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «قرار الأوقاف لن يمنع من استغلال البعض للمساجد في خدمة جماعات إسلامية أو تيارات دينية بعينها»، موضحا أن مواجهة استغلال المساجد يكون من خلال وضوح الرؤية لدى الأوقاف وليس بتعيين حراسات خاصة، والتي لن يكون لها أي جدوى في حماية المساجد، مؤكدا ضرورة وجود استراتيجية كاملة تمنع أي جماعة من استغلال المساجد.
بينما قال قيادي من حزب النور، أكبر الأحزاب الدينية التي تضم دعاة غير رسميين، لـ«الشرق الأوسط»، إن «وزارة الأوقاف خرجت عن دورها الدعوى إلى دور رجل الشرطة»، ونطالب بإلغاء القرار فورا، أو طرحه للحوار المجتمعي خاصة من قبل الأئمة والمشايخ.. فهو يفتقد للدقة والموضوعية».
في المقابل، أشاد رئيس تيار الاستقلال، أحمد الفضالي، بقرار وزير الأوقاف بتشديد الإجراءات على المساجد، موضحا أن هذه الخطوة من شأنها أن تمنع الأئمة من استغلال منبر المسجد والدعوة في خدمة أهداف ومصالح شخصية وسياسية، مؤكدا أن الحراسة الخاصة ستعمل على وقف سيل الخطب التحريضية، والتصدي لدعوات التكفير والتعصب، وقطع الطريق على من يريدون تسميم أفكار وعقول الشباب.