الكويت: قانون جديد لمكافحة الإرهاب يفرض فحص الحمض النووي الإلزامي وينتهك الحق في الخصوصية الشخصية
نيويورك – هيومن رايتس ووتش
قالت هيومن رايتس ووتش اليوم الثلثاء (21 يوليو / تموز 2015) إن قانونا جديداً، يلزم جميع مواطني الكويت والمقيمين فيها بتقديم عينات من الحمض النووي للسلطات، ينتهك الحق في الخصوصية الشخصية وينبغي المسارعة إلى تعديله. وكان مجلس الأمة الكويتي قد قام في الأول من يوليو/تموز 2015 بتقديم هذا الشرط ضمن بنود قانون جديد لمكافحة الإرهاب.
والكويت هي البلد الوحيد الذي يشترط فحص الحمض النووي الإلزامي على مستوى جميع السكان.
وتأتي الموافقة السريعة على قانون مكافحة الإرهاب الجديد، ومخصصات "تمويله الطارئ" الذي يبلغ 400 مليون دولار أمريكي، ضمن استجابة مجلس الأمة الكويتي للتفجير الانتحاري بمسجد الإمام الصادق في يونيو/حزيران 2015 الذي أدى إلى مقتل 27 شخصاً وجرح 227.
وقالت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، سارة ليا ويتسن : "يمكن للعديد من الإجراءات أن تفيد في الوقاية من الهجمات الإرهابية، لكن الفائدة المحتملة لا تكفي لتبرير التعدي الجماعي على حقوق الإنسان. وقد تكون هناك فائدة في التقاط مقطع فيديو لكل شخص يستخدم المراحيض العامة، إلا أن هذا التطفل لا يكاد يتسم بالضرورة أو التناسب، مثله مثل الفحص الإلزامي للحمض النووي".
ومن شأن قانون الجمع الإلزامي لعينات الحمض النووي أن يلزم جميع مواطني الكويت والمقيمين الأجانب والزوار المؤقتين بتقديم عينات من الحمض النووي إلى قاعدة بيانات تحفظها وتديرها وزارة الداخلية. ويفرض القانون، الذي يغطي جميع مواطني الكويت البالغ عددهم 1,3 مليوناً، و2,9 مليوناً من المقيمين الأجانب، عقوبة السجن لمدة عام واحد وغرامة تصل إلى 33 ألف دولار أمريكي على أي شخص يرفض تقديم عينة الحمض النووي.
وقد قال جمال العمر، عضو مجلس الأمة: "لقد وافقنا على فحص الحمض النووي ووافقنا على التمويل الإضافي. ونحن مستعدون للموافقة على كل ما يلزم لتعزيز الإجراءات الأمنية في البلاد".
ولا تعد قواعد البيانات الخاصة بالحمض النووي مخالفة للقانون بطبيعتها، وقد تم تبريرها في بعض الأحيان بكونها من أدوات التحقيق المسموح بها. لكن ينبغي في آلية جمع الحمض النووي وحفظه أن تخضع لتنظيم متشدد، يتسم نطاقه بالضيق والتناسب مع تحقيق هدف أمني مشروع، في سبيل تلبية المعايير الدولية للخصوصية المكرسة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صدقت عليه الكويت.
أما أنظمة جمع الحمض النووي على غرار النظام الذي قننته الكويت فقد تم حظرها على أساس الحق في الخصوصية بموجب العديد من النظم القانونية المختلفة. فعلى سبيل المثال، قامت الغرفة الكبرى بالمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في 2008 بحظر جمع البصمات وعينات الخلايا وأنماط الحمض النووي وحفظها دون أجل مسمى. وكان من مسببات المحكمة الأوروبية، عند توصلها إلى هذا الاستنتاج، أن قواعد بيانات الحمض النووي الكاسحة عديمة التمييز تنتهك الحق في الخصوصية الشخصية. كما أضافت أن جمع الحمض النووي قد يلائم أمن الدولة ومنع الجريمة، ولكن فقط إذا خضع نظام الجمع لتنظيم مكثف عن طريق قانون معمول به، وإذا خضع للفحص الدقيق من قبل هيئة قضائية.
وقد توصلت المحاكم الوطنية الأمريكية إلى استنتاج مشابه، رغم أن الولايات المتحدة تحتفظ بأكبر قاعدة بيانات لجمع الحمض النووي في العالم. وفي القضية الأخيرة التي نظرتها المحكمة الأمريكية العليا، مريلاند ضد كينغ، وجدت المحكمة أن جمع أنماط الحمض النووي وحفظها من الأشخاص المدانين بجرائم العنف هو أمر قانوني، ولكن فقط في ظل توجيهات شديدة الضيق. وقررت المحكمة أن قواعد بيانات الحمض النووي لا تستثنى من سمة التعدي على الحق الطبيعي لأي شخص في الخصوصية إلا إذا خضعت لتنظيم وحفظ صارمين.
وينبغي تعديل مشروع القانون وتضييق نطاقه إلى حد كبير، خدمةً لمصالح الأمن الوطني الكويتي، وللتوافق مع التزامات الكويت بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وتقول تقارير إعلامية إن القانون يأتي في أعقاب عشرات الاعتقالات المرتبطة بالتفجير، وإلغاء حقوق السفر بالنسبة للأقلية عديمة الجنسية المعروفة بالبدون. كما تقول التقارير إن الحكومة تدرس قوانين أخرى "لمكافحة الإرهاب"، وإن السلطات الكويتية تطالب بعقوبة الإعدام لـ11 من المشتبه بهم في التفجير.
وتعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام في جميع الظروف بصفتها عقوبة لاإنسانية ولا يمكن التراجع عنها بطبيعتها. وقد ألغت هذه الممارسة أغلبية من بلدان العام، وفي 18 ديسمبر/كانون الأول 2007 تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بأغلبية كبيرة يدعو إلى فرض حظر عالمي على تنفيذ عقوبة الإعدام.
وقالت سارة ليا ويتسن: "من غير الواضح أصلاً ما إذا كان فحص الحمض النووي سيفيد بصفة خاصة، بالنظر لوفرة أنواع المعلومات المتعلقة بالمشتبه بهم في قواعد بيانات الشرطة. ثم ما هي الضمانات التي يمكن للحكومة تقديمها بحيث لا تقوم جهات ثالثة باختراق هذه البيانات الحساسة؟".