النظام السوري والأكراد في الحسكة: تنسيق غير معلن في مواجهة «داعش»
صحيفة الشرق الأوسط (20 يوليو 2015)
على الجبهة الجنوبية لمدينة الحسكة السورية، يستريح جنود وسط طقس حار قبل استئناف القتال ضد تنظيم داعش، بينما يتخذ مقاتلون أكراد في حي قريب من مدرسة نقطة انطلاق لعملياتهم ضد العدو نفسه: التنسيق بين الطرفين واضح، ولو غير معلن .
وشن «داعش» هجوما في 25 يونيو (حزيران) على جنوب المدينة، وتمكن من السيطرة على بضعة أحياء. ومنذ ذلك الوقت تدور معارك ضارية بينه وبين القوات النظامية على جبهة، بينما تتصدى له وحدات حماية الشعب الكردية على جبهة أخرى منفصلة. وتمكن الأكراد خلال الأيام الماضية من تضييق الطوق على مقاتلي «داعش»، بدعم من الغارات الجوية التي ينفذها الائتلاف الدولي بقيادة أميركية.
داخل مبنى من طبقة واحدة محاط ببراميل وسواتر ترابية في حي غويران، قال ضابط كبير وهو يتفقد جنوده لوكالة الصحافة الفرنسية «لم يعد لـ(داعش) أي وجود هنا.. بقيت لهم منطقة صغيرة هي مقبرة غويران عند أطراف الحسكة». وأكد الضابط رافضا الكشف عن هويته وجود تنسيق مع المقاتلين الأكراد. وقال «ما كان لينجح الحصار على الدواعش لولا الأسلحة التي أعطيناها للأكراد. زوّدناهم بكل شيء تقريبا.. هناك ثلاث دبابات بكامل طواقمها من الجيش عند الأكراد».
وروى جندي طالبا عدم ذكر اسمه أنه سبق له أن ذهب مع خمسة من رفاقه «إلى جبهة مع الأكراد حيث شاركنا في القتال على سلاح المدفعية.. أمضينا ستة أشهر نقوم بعمليات الإسناد البعيد لعناصر المشاة الأكراد». لكن في الجانب الكردي على بعد نحو 600 متر، ينفي المقاتلون أن يكونوا حصلوا على أسلحة من الجيش السوري علما أن كل أسلحتهم من صنع روسي وشبيهة بأسلحة الجيش، بحسب ما لاحظ مراسلو الصحافة الفرنسية.
وقال مقاتل في مدرسة في حي معروف تجمع فيها عناصر وحدات حماية الشعب، إن ا«لأسلحة غنمت من مراكز عسكرية سيطر عليها الأكراد بعد انسحاب القوات النظامية منها».
وعلى الرغم من التهميش الذي كان يشكو منه الأكراد في سوريا قبل بدء النزاع العام 2011، انسحبت القوات النظامية في 2012 من المناطق ذات الغالبية الكردية، مما أوحى بوجود اتفاق ضمني بين الطرفين، مما أسهم في إقامة «الإدارة الذاتية» الكردية في مناطق واسعة في شمال البلاد.
ويقول المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «تنظيم داعش يحاول حاليا فتح طريق إمداد من الجهة الجنوبية الغربية لمدينة الحسكة لإيصال الإمدادات والذخائر والآليات الثقيلة إلى القسم الجنوبي، حيث بات محاصرا بشكل شبه كامل من قوات النظام والمقاتلين الأكراد».
وفر من الأحياء الجنوبية للحسكة التي تشهد معارك متواصلة، أكثر من 120 ألف شخص، بحسب أرقام الأمم المتحدة.
على بعد نحو ثلاثة كيلومترات من خطوط التماس، تعود الحركة إلى أسواق المدينة الرئيسية في فترات الهدوء. وتحمل أحياء عدة في المدينة آثار التفجيرات والقصف. فرع الأمن الجنائي شبه مدمّر بعد استهدافه بعملية انتحارية تسببت بمقتل رئيس الفرع العقيد زياد خليل في 26 يونيو . كما بدت آثار القذائف على جدران الأبنية، وعلامات خلفتها الآليات الثقيلة في الشوارع وفوق الأرصفة.
في فضاء المدينة، تتناوب طائرات الائتلاف الدولي والجيش السوري على التحليق، مما يوحي بأن التنسيق لا يقتصر على قوات النظام والأكراد.
ويقول مسؤول في وحدات حماية الشعب الصحافة الفرنسية «هناك تواصل بين النظام وقوات التحالف عبر وسيط كردي من أجل تنسيق طلعات الجو. يتصل أحد الطرفين بالمنسق ليبلغه بأن هناك طلعة جوية قادمة طالبا إخلاء الجو، فيبلغ الوسيط الكردي الطرف الآخر بالأمر». ويضيف «لا يمكن أن تحلّق طائرتان في المجال الجوي نفسه حتى لا تصطدما».