حسين حبري استراتيجي الصحراء الذي قاد قمعا مروعاً في تشاد
دكار - أ ف ب
استولى رئيس تشاد الاسبق حسين حبري الذي كان خبيرا استراتيجيا بارعا في حرب الصحراء، على السلطة بقوة السلاح في 1982 وسرعان ما طبق نظاما قمعيا مروعا ساد سنوات حكمه الثماني.
ووصف حبري الذي ستبدأ محاكمته غداً الاثنين (19 يوليو/ تموز 2015) في العاصمة السنغالية دكار بتهم ارتكاب "جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب وجرائم تعذيب"، بانه "مقاتل الصحراء" و"زعيم حرب".
وتوازي مسيرته في سبعينات وثمانينات القرن الماضي التاريخ المضطرب لتشاد المستقلة التي كان ثالث رئيس لها.
ولد حبري في 1942 في فايا لارجو (شمال) وعاش في صحراء جوراب بين الرعاة البدو. وقد لاحظ ملموه ذكاءه بسرعة.
واصبح حبري نائب رئيس الادارة المحلية ثم انتقل الى فرنسا في 1963 ليتابع تعليمه في معهد الدراسات العليا لما وراء البحار. وبعد ذلك درس الحقوق في باريس والتحق بمعهد العلوم السياسية واستكمل ثقافته السياسية بالاطلاع على كتب فرانتز فانون وارنستو "تشي" غيفارا وريمون ارون.
وبعد عودته الى تشاد في 1971 التحق بجبهة التحرير الوطني لتشاد التي تولى قيادتها قبل ان يؤسس مع شمالي آخر هو غوكوني عويدي مجلس القوات المسلحة للشمال.
واعتبارا من 1974 بدأ اسمه يعرف في الخارج باحتجازه رهينة لثلاث سنوات عالمة الاتنيات الفرنسية فرنسواز كلوستر مما اجبر فرنسا على التفاوض مع المتمردين.
وبعد ذلك اصبح رئيسا للحكومة في عهد الرئيس فيليكس مالوم الذي قاطعه فيما بعد، ثم وزيرا للدفاع في عهد غوكوني عويدي رئيس حكومة الوحدة الوطنية التي شكلت في 1979.
وقام هذا القومي المعارض بشدة للزعيم الليبي حينذاك معمر القذافي الذي يؤيده عويدي، بمقاطعة حليفه السابق وبدأ حربا اهلية في نجامينا التي اضطر للانسحاب منها في نهاية 1980.
ومن شرق تشاد استأنف النضال ليقاتل نظام عويدي المدعوم من طرابلس، ودخل نجامينا منتصرا في 1982.
بعد عام واحد، استفاد عويدي من تدخل ليبي تصدت له قوات فرنسية زائيرية لمصلحة حكومة حبري.
وفرض حسين حبري نفسه بعد عدة وساطات ومعارك جديدة، لكن المواجهات استؤنفت في 1986 و1987.
واتسمت سنوات حكمه الثماني بقمع مروع. وكان يتم توقيف المعارضين -- الحقيقيين او المفترضين -- من قبل ادارة التوثيق والامن، وتعذيبهم وغالبا اعدامهم.
وقدرت لجنة للتحقيق باكثر من اربعين الفا عدد الذين ماتوا في المعتقلات او اعدموا في عهده، بينهم اربعة آلاف تم التعرف عليهم باسمائهم.
في نهاية 1990، غادر حسين حبري نجامينا بسرعة هربا من هجوم خاطف شنه متمردو ادريس ديبي (الرئيس التشادي الحالي) الذي كان احد جنرالات الجيش وانشق قبل 18 شهرا ثم اجتاح البلاد انطلاقا من السودان.
لجأ حبري الى دكار حيث عاش بهدوء لاكثر من عشرين عاما.
ويقول المحامي الاميركي ريد برودي كبير المحققين في هذا الملف في منظمة هيومن رايتس ووتش ان الدكتاتور السابق حرص على "افراغ الخزائن" قبل مغادرته تشاد وتمكن من بناء "شبكة حماية" له في السنغال.
وفي مذكراته التي نشرت في 2014، روى الرئيس السنغالي السابق عبدو ضيوف انه واجه صعوبات هائلة في اقناعه باعادة الطائرة التي الته الى دكار، الى الدولة التشادية.
وفي السنغال، خلع حبري لباسه العسكري ليرتدي عباءة ملونة. وقد لقي هذا المسلم الممارس للشعائر الدينية تقدير جيرانه الذين يؤدي الصلاة معهم وكان سخيا بمشاركته في بناء مساجد.
وفي صيف 2011 عندما اعلن الرئيس السنغالي عبد الله واد فجأة انه يريد ترحيله وتسليمه الى نجامينا، تظاهر سكان حي واكام تعبيرا عن تأييدهم لحبري واكدوا ان لديه زوجة واطفالا سنغاليين.
وفي نهاية المطاف، اوقف في 30 حزيران/يونيو 2013 في دكار واتهمته محكمة خاصة انشأها الاتحاد الافريقي بارتكاب "جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب وجرائم تعذيب". وقد اودع الحبس الموقت.