الهجمات الدامية في تونس تتطلب البحث عن نموذج سياحي جديد
تونس - أ ف ب
تحت وطأة الصدمة من الهجمات الجهادية الاخيرة التي اودت بأكثر من 30 شخصا الاسبوع الماضي، اصبحت تونس في حاجة الى اعادة تقديم نموذجها السياحي في ما يتخطى فكرة "الشاطئ والشمس" لجذب زوار جدد، بحسب ما يقول خبراء متخصصون في القطاع.
في ثلاثة اشهر، شهدت تونس هجومين داميين تبناهما تنظيم داعش واسفرا عن مقتل 59 سائحا اجنبيا، 21 منهم في هجوم متحف باردو في العاصمة في اذار/مارس، و38 في فندق على شاطئ في مرسى القنطاوي الاسبوع الماضي.
واضافة الى ما اثارته هذه الهجمات من مشاعر غضب، فقد شكلت ضربة قاسية للاقتصاد. والسياحة احد اعمدة الاقتصاد التونسي اذ تشغل 400 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر، وتساهم بنسبة 7 في المئة من اجمالي الناتج المحلي وتدر ما بين 18 و20 بالمئة من مداخيل تونس السنوية من العملات الاجنبية.
والاثر الاقتصادي للهجوم على مرسى القنطاوي قد يصل الى مليار دينار على الاقل (اكثر من 450 مليون يورو) عام 2015، وفقا لوزيرة السياحة سلمى اللومي الرقيق.
واضافت "اعتقد ان هذا هو الحد الادنى"، علما بان موازنة الدولة التونسية للعام 2015 تناهز 29 مليار دينار (13,3 مليار يورو).
ويبدو المستقبل على المدى القصير قاتما. فبعد الهجوم على شاطئ فندق امبريال مرحبا، تم ترحيل الاف السياح عبر وكالاتهم.
وأعلنت الوزيرة اجراءات "استثنائية" اتخذتها السلطات لدعم السياحة "في هذه الظروف الاسثنائية" منها خصوصا "اعادة جدولة" ديون مؤسسات سياحية و"منحها قروضا جديدة استثنائية" وإسناد "منحة" مالية لعمال المؤسسات الذين قد يحالون على "البطالة الفنية".
ويقول المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ان هذه الحلول لن تكون موضع اجماع لانها "في سياق محدد (و) على مدى قصير".
ولم تعد السياحة الشاطئية الجماعية التي تعتمد عليها تونس مربحة.
وقال نائب رئيس الاتحاد التونسي للفنادق جلال هنشيري ان "نموذج السياحة التونسية اثبت جدارته حتى بداية الالفية الحالية"، مشيرا الى نقص في الجودة العامة، سواء كان ذلك في الاستقبال او في البيئة.
واضاف ان السياحة ازدهرت في تونس في التسعينات، مع زيادة "سريعة وكبيرة" في قدرتها على الاستقبال، وبدأت البلاد بالاعتماد على السياحة الشاطئية.
واشار الى انه قبل الثورة التي اطاحت الرئيس الاسبق زين العابدين بن علي العام 2011، تم وضع تصور لاعادة هيكلة القطاع السياحي.
ولكن بعدما شهدت البلاد حراكا اجتماعيا وانتقالا سياسيا غلبت عليه الفوضى، ذهب التصور ادراج الرياح.
وكتبت صحيفة لا برس التونسية الصادرة بالفرنسية "اليوم، وفي ظل التهديدات الامنية، قد يكون من غير المناسب الاستمرار في دعم قطاع يحتضر ويتكبد خسائر. لذا على تونس ان تنقذ نفسها وتنتقل من نموذج سياحي قديم الى آخر مبتكر واكثر ربحا".
ويرى محللون وخبراء في القطاع الذي يمثل من 7 الى 8 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي ان على البلاد ان تقدم للسياح شكلا جديدا من العروض يتجاوز مجرد الاقامة في منتجعات وتغطية كل النفقات فيها.
ويقول استاذ الاقتصاد سامي سعودي انه يمكن لتونس ان تراهن على السياحة "البيئة والرياضية والعلمية والطبية".
اما كبير الاقتصاديين في مكتب البنك الدولي في تونس جان لوك برناسكوني فيعتبر ان "السياحة الطبية قد تعطي القطاع اندفاعة جديدة".
وتضاف الى كل ذلك سياحة المناطق. ويقول حسين بن غربال، احد الباعة في مدينة تونس، "منذ الثورة، نعمل مع العرب اكثر من عملنا مع السياح الغربيين. هناك جزائريون وليبيون ومغاربة ومصريون".
لكن هنشيري يؤكد ان سياحة الاطراف لن تكون كافية لتعويض التراجعات الاخيرة.
ويشدد الخبراء على ضرورة ان تطمئن السلطات السياح الذين علقت في ذاكرتهم مشاهد اعتداء سوسة، وان تثبت لهم قدرتها على ضمان سلامتهم.