المعارضة السورية تنتظر قرارًا أردنيًا لإعادة فتح معبر نصيب
لبنان معزول برًا بسبب سوريا.. والخسائر فاقت 150 مليون دولار
الوسط - المحرر السياسي
تتفاقم أزمة التصدير اللبنانية مع مرور عدة أشهر على إقفال معبر نصيب السوري الحدودي مع الأردن، الذي يشكل البوابة الاقتصادية البرية الوحيدة للبنان باتجاه دول الخليج وبعض الدول العربية. ويأتي هذا الوضع في ظل لا مبالاة حكومية للتخفيف من الأعباء المالية الضخمة التي يتكبدها المزارعون وأصحاب الشاحنات الذين وجدوا أخيرا بالشارع ملجأهم الوحيد لرفع الصوت والضغط باتجاه دعم عملية تصدير المنتجات عبر البحر، وفق ما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط اليوم الأحد (28 يونيو/ حزيران 2015).
ومع سريان الشلل الحكومي على المشهد اللبناني في ظل إصرار وزراء تكتل «التغيير والإصلاح» الذي يرأسه النائب ميشال عون ودعم وزراء حزب الله لمطلبهم بوجوب تعليق البحث في أي ملف داخل مجلس الوزراء حتى إتمام التعيينات الأمنية وتعيين صهر عون، قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز، قائدا للجيش، عُلّقت كل البنود التي كانت طارئة على جدول أعمال الحكومة وأبرزها أزمة التصدير. وكان قد تم الاتفاق في وقت سابق على إقرار الحكومة مبلغ 21 مليون دولار لدعم تصدير المنتجات اللبنانية وخصوصا الزراعية منها عبر البحر، إلا أنه بسبب تعذر التئام مجلس الوزراء تقرر تعليق كل الإجراءات التنفيذية للحل.
وزير الاقتصاد آلان حكيم اقترح أخيرا تأمين المبلغ من خلال الهيئة العليا للإغاثة في حال وجود قرار حقيقي بحل هذه الأزمة ليصار بعدها لإتمام الإجراءات اللازمة من خلال الحكومة، إلا أن طرحه هذا لم يلق حتى الساعة تجاوبا من قبل المعنيين. وللعلم، يصدّر لبنان برا إلى الأسواق العربية الخضار والفواكه ومواد غذائية ومعلبات وحبوبا ومربيات وآلات ومعدات كهربائية. وبلغت صادرات لبنان عام 2014، وفق إحصاءات رسمية، أكثر من 920 مليون دولار إلى دول مجلس التعاون الخليجي وقرابة 256 مليون دولار إلى العراق. وتتصدّر المملكة العربية السعودية والإمارات والعراق قائمة الدول المستوردة من لبنان.
وحول الأزمة المتفاقمة تحدث الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان عن «خسائر بلغت نحو 150 مليون دولار تكبدها الاقتصاد اللبناني نتيجة توقف عملية التصدير برا»، لافتا إلى أن «حجم التصدير عبر البر يبلغ سنويا 450 مليون دولار، وهو ينحدر بشكل دراماتيكي وسيظل كذلك في حال لم يتم اللجوء إلى خيار التصدير بحرا، علما أن تكلفته أكبر تماما كما الوقت الذي تستلزمه العملية».
وحذر أبو سليمان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من «تضرر مجال التصدير في المدى البعيد أيضا حتى ولو أعيد فتح معبر نصيب، باعتبار أن الأسواق العربية التي اعتادت الاستيراد من السوق اللبنانية ستبحث عن بديل إذا بقيت الأمور على ما هي عليه». وأردف: «المطلوب تعاطي الحكومة جديا مع الأزمة، كما تحرك المجتمع الدولي والدول المعنية بالأزمة السورية لدعم لبنان وعملية التصدير بحرًا، باعتبار أن المشكلة التي نحن بصددها نتيجة مباشرة للوضع في سوريا، وتمامًا كما يجري دعم اللاجئين السوريين هكذا يتوجب دعم لبنان والاقتصاد اللبناني».
قطاع الزراعة يؤمّن راهنًا نحو 6 في المائة من الدخل الوطني ويشغل ما بين عشرين إلى ثلاثين في المائة من اليد العاملة، ويمثل نحو 17 في المائة من قيمة الصادرات. ويبلغ الموسم الزراعي ذروته خلال الصيف وتحديدا في شهري أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) المقبلين.
ولقد نفّذ المزارعون والمصدّرون وأصحاب الشاحنات المبردة يوم أمس السبت اعتصاما على طريق شتورا - بيروت الدولي، طالبوا خلاله بضرورة إيجاد عبارات لنقل الإنتاج الزراعي والصناعي، وإعفائهم من رسوم الميكانيك لثلاث سنوات. وتوجه عمر العلي، رئيس نقابة الشاحنات المبرّدة، إلى المعتصمين قائلا: «إن لم يلتئم مجلس الوزراء ويقر دعم الصادرات الزراعية والصناعية في البحر وفك الحصار عنكم، فأنتم أمام كارثة ثانية، واعلموا أن بعض الوزراء هم أعداؤكم. لذلك أيها السائقون عليكم نصب الخيم أمام بيوتهم لحثهم على الذهاب إلى مجلس الوزراء والاجتماع من أجل إقرار الملفات الساخنة التي تهم مصالحكم، وإلا فهم المسؤولون عن أي عطل وضرر معنوي ومادي يصيبكم».
بدوره، طالب عمر الخطيب، رئيس نقابة أصحاب الأشجار المثمرة، بكلمته، رئيس الحكومة بـ«إيجاد الحلول السريعة لتسريع تصريف الإنتاج الزراعي وإلى تحمل المسؤولية مع المزارعين المتضررين ودعم التصدير الجوي والبحري ومؤازرة أصحاب الشاحنات المبردة وتقديم المساعدات اللازمة كي لا نصل إلى حركات تصعيدية أكبر لا تحمد عقباها».
أما على الجهة السورية، ومع احتدام المعارك بين قوات المعارضة وعناصر النظام في مدينة درعا، بأقصى جنوب البلاد، فتعطلت الإجراءات التي كانت قد اتخذتها الكتائب المسلحة مع سيطرتها على معبر نصيب في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لإعادة تفعيل المعبر. وكانت القوى الثورية والعسكرية في محافظة درعا قد توافقت على إعادة تشغيله بعد ضبطه ونشر الحواجز العسكرية لحمايته ومن ثم وضعه تحت «إدارة مدنية» يشرف عليها مجلس محافظة درعا الذي بدأ مباشرة بتجهيز الكوادر القادرة على إدارة المعبر في حال بادر الأردن إلى فتح حدود معبر جابر على الجانب المقابل.
وحتى الساعة، لا مؤشرات تدل على قرار أردني أو إقليمي بإعادة تفعيل المعبر، وهو ما أشار إليه أبو أحمد العاصمي، عضو المجلس العسكري المعارض، لـ«الشرق الأوسط»، لافتًا إلى أنّه «بمقابل تعاون كل الفصائل المقاتلة لإعادة تشغيل المعبر وتأمين احتياجاته إداريا وأمنيا وعسكريا، لا يبدو أن هناك نية أردنية لإعادة الأمور إلى نصابها». وتابع العاصمي: «إقفال المعبر كارثة اقتصادية على لبنان والأردن قبل أن تكون كارثة على سوريا، وبالتالي الفائدة ستكون عامة بإعادة تشغيله». ورجّح العاصمي أن «يغدو الوضع على المعبر مختلفًا بعد تحرير مدينة درعا... عندها فقط ستقتنع الدول المحيطة بضرورة التعاون مع قوى المعارضة لإعادة تشغيل نصيب وسترضخ لفكرة أن الحدود لن تعود يوما إلى قبضة النظام».