العدد 4518 بتاريخ 19-01-2015م تسجيل الدخول


الرئيسيةالأعمدة
شارك:


أهي حرب على الرسول أم حرب على المسلمين؟

الرسوم المسيئة لنبي الاسلام (ص) التي نشرتها الصحيفة الفرنسية «شارلي إبيدو» وما تبعها من قتل بعض صحفيي ورسامي الصحيفة، أثار تساؤلات كثيرة حول هذا الحدث ومسبباته وآثاره، سواء في عالمنا العربي والإسلامي أم في عالم الغربيين والأميركان، كما كانت هناك مواقف متباينة منه وأيضاً عند الغربيين وعند الاسلاميين.

الغالبية العظمى من المسلمين أدانت تلك الرسوم وعدوها عملاً عدوانياً مسيئاً لكل المسلمين؛ وقلة شاذة لا خلاق لها بررت تلك الفعلة بنفس تبرير حكومة فرنسا الكاذب وهو حرية التعبير المكفولة للجميع. ومع أن هؤلاء الشذاذ يعرفون كذب ذلك التبرير كما تعرفه حكومة فرنسا سواء بسواء وشواهد ذلك كثيرة، إلا أن حقدهم على الإسلام والمسلمين هو الذي دفعهم للوقوف إلى جانب أولئك المسيئين لجناب رسولنا الكريم، وأيضاً المسيئين لديننا ولنا أيضاً.

أصوات عاقلة ومنصفة خرجت من فرنسا ومن غيرها تنتقد تلك الرسومات وبقوة، وترى هذه الأصوات أن رسوم الصحيفة هي السبب المباشر لكل ما حدث؛ وهذا كما قالوا ليس مبرراً للقتل ولكنه تفسير لما حدث. بابا الفاتيكان كان واحداً من هؤلاء؛ فقد انتقد إهانة الأديان وقال: «إن حرية التعبير حق أساسي لكنها لا تعني إهانة معتقدات الآخرين»، وقال أيضاً: «لا يمكن استفزاز أو إهانة معتقدات الآخرين أو التهكم عليها، وينبغي أن يتوقع المرء رد فعل على هذا الاستفزاز»، وأضاف: «لو سب أحد أمي فلينتظر مني لكمة وهذا أمر طبيعي»!

أما الفيلسوف الفرنسي مايكل أونفري وفي مقابلة مع قناة BFMTV قال: «لماذا نقتل المسلمين في مالي كما قتلناهم قبلا في شمال أفريقيا وعندما يدافعون عن أنفسهم نتهمهم بالإرهاب؟ لماذا نذهب إلى بلدان المسلمين ونتدخل في شئونهم لأنهم لم يتبعوا منهج فرنسا؟ وهل نستطيع فعل ذلك في الدول القوية مثل ألمانيا أو اليابان أو كوريا؟ ولماذا لم تقل الحكومة للصحافيين: توقفوا عن الإساءة لرسولهم في حين قالت لنفس الرسامين لما رسموا عن شعار اليهودية إنه فعل مخجل وعليكم الاعتذار لاسرائيل؟ إننا عنصريون ونحن شعب منافق».

أما المفكر الفرنسي الشهير إدجار موران فقال: «هل كان ضرورياً إفساح المجال للهجوم على العقائد الإسلامية والمساس بمكانة نبيهم، وهل حرية التعبير تتيح ذلك؟». أما رئيس وزراء فرنسا الأسبق دومينيك دوفلبان، وهو مفكر وشاعر، فقد أعطى انطباعاً بأن ما جرى كان معداً لترتيب حروب قد تكون كارثيةً مستقبلاً، وقال: «ان التدخل العسكري الغربي في العالم العربي هو السبب فيما جرى».

هذه ردة فعل بعض الغربيين على الحادثة، وهي أفضل بكثير مما قاله بعض المنتسبين للإسلام، أما ردة الجانب الرسمي فقد كانت واضحة؛ فقد استنكرت هيئة كبار العلماء في السعودية تلك الرسوم، وقالت على لسان أمينها العام فهد الماجد» «إن واجب العالم أن يصنع الاحترام المتبادل والتعايش البناء ولن يكون ذلك بإهانة المقدسات والرموز الدينية». كما استنكرت رابطة علماء المسلمين ودعت إلى التوقف عن تلك الأعمال المشينة. وممن استنكر أيضاً الأزهر والديوان الملكي الأردني ودار الفتوى بالأردن، وعدد من الجمعيات الإسلامية في مختلف بلاد العالم.

الاستنكار الشعبي كان واضحاً، لكن هذا الاستنكار جوبه بالعنف ومن دول شاركت في مظاهرات تستنكر ما حدث في الصحيفة! وكأن هذه الدول تعطي إشارات أنها مع الإساءة للرسول، وهذا يولد حقداً في نفوس شبابها كما يوجد شعوراً بالقهر والاحباط لديهم، وكل ذلك قد يقود إلى العنف بكل أنواعه. ففرنسا التي ذهبوا إليها تحمي شرطتها المتظاهرين مع الصحافيين، بينما هم يقمعون من يعبر سلمياً عن حنقه مما فعله أولئك الأوباش ضد رسوله الكريم.

عندما تسمح فرنسا بالإساءة لرسولنا، ألا تعرف أنها سمحت بالإساءة لكل مسلم على وجه الأرض؟ أولا تعرف أيضاً أنها عادت كل المسلمين دون استثناء؟ وعندما يقولون إننا لا نعادي المسلمين وإنما الإرهابيين فقط فهل سيصدقهم أحد؟ وإذا كان البابا يقول أنه سيصفع من شتم أمه فماذا سيقول المسلمون وهم يعتقدون أن رسولهم أحب إليهم من أمهاتهم وآبائهم والناس أجمعين؟ وإذا كان الغربيون لا يعادون الإسلام كما يدّعون، فلماذا يلصقون أي عمل إرهابي بالمسلمين كافة ولا يفعلون ذلك إذا كان مرتكب الحدث نفسه غير مسلم؟

أبويعرب المرزوقي في مقال له تحت عنوان «الإرهاب ليس لنا»، قال: «التقرير السنوي لوضع الإرهاب وتوجهاته في الاتحاد الأوروبي الذي أعده مكتب الشرطة الأوروبية (يوروبول) قال إن عدد الهجمات الإرهابية في أوروبا في عام واحد بلغ 249 هجوماً، منها 160 هجوماً نفّذته الجماعات الانفصالية، و45 هجوماً نفذته جماعات فوضوية ويسارية، وأما المحسوبون على الإسلام فنفذوا 3 فقط! أي حوالي 1 % فقط! فهل سمعنا عن نسبة الإرهاب إلى الدين المسيحي؟

وأتساءل: لماذا لم يتهموا الدين اليهودي بالإرهاب وقد قتل الصهاينة آلاف المسلمين؟ وأيضاً قتل وشرد البوذيون آلاف المسلمين الروهنجيين فهل قيل إن البوذية تمثل الإرهاب؟ فلماذا فقط الإسلام هو المتهم دائماً والمسلمون هم الذي يجري التحذير منهم؟ أليس هذا كله يؤكد أن الحرب ليست على الإرهاب بل هي على المسلمين ودينهم؟

العنف لا يولد إلا العنف، والإرهاب يقود إلى إرهاب مماثل، فأوقفوا إساءاتكم للمسلمين بكل أنواعها وعندها لن تجدوا منهم إلا المحبة والاحترام.



أضف تعليق



التعليقات 1
زائر 5 | كلام يحتاج الى اضافة 3:21 ص فرنسا تسجن كل من يتعدى على السامية،فلماذا لا تسجن كل من يتعدى على الاسلام...معايير مزدوجة....لم تذكر في مقالك ما فعله السفهاء من داعش والنصرة وغيرها في تشويه الدين الاسلامي في محاولة لخلق حالة من الكره والغضب ضد الاسلام؟ الدين الاسلامي ليس فيه من يكفر الآخر ويقتل ويسبي ويقطع الأعناق ويرتمي في أحضان الصهاينة....اصبح البعض من يدعي الحكم بالدين الاسلامي اكثر صهيونية من بني صهيون....اعرفتهم؟ رد على تعليق