الأعياد الوطنية ماذا تعني؟
قبل بضعة أيام احتفلت البحرين بيومها الوطني، وقبلها احتفلت كلّ من قطر والإمارات بيومهما الوطني، وهكذا تفعل دول العالم، وإن كانت هذه الدول تختلف فيما بينها في تحديد سبب ذلك الاحتفال، وأيضاً في طريقة التعبير عن ذلك الفرح الذي يفترض أن تشعر به تلك الشعوب، لأن الاحتفال يفترض فيه أن يكون موجّهاً للشعوب مثل ما هو موجّهٌ للحكام.
دولة البحرين اتخذت يوم السادس عشر من ديسمبر من كل عام يوماً وطنياً لها، وهذا اليوم من العام 1971 هو اليوم الذي تم فيه اختيار الديمقراطية طريقاً للحكم والإدارة في البحرين، وهنا يجب الإشارة إلى أن الشعب البحريني بكل أطيافه رفض التبعية لإيران، وآثر بلده وعروبته وحكامه على أية تبعية للأجنبي مهما كانت المبررات أو الاغراءات.
والبحرين معروفة منذ آلاف السنين؛ فقد عرفها الإغريق باسم جزيرة «تايلوس»، بينما عرفت قبل الإسلام باسم «أوال»، وهو اسم لصنم كان على شكل رأس ثور يقع في جزيرة المحرق، وكان يعبده أقوام من بكر بن وائل ومن تميم، وذلك بحسب بعض المصادر الإسلامية. كما كانت البحرين بحكم موقعها المتميز، محطة تجارية مهمة بين الهند وأفريقيا، وكذلك في سواحل الخليج والعراق، وهذه المكانة تركت آثاراً إيجابيةً على واقع البحرين الحالي.
البحرين وبعد استقلالها، حقّقت تقدماً جيداً في كثير من المجالات العلمية والصحية والاقتصادية، وكذلك البنية التحتية على تنوعها، بل إنها فاقت مجموعة من دول الخليج في بعض المناحي الثقافية والحقوقية ومنظمات المجتمع المدني، وهذا يحسب لها ويعبّر عن وعي شعبها وتطلّعه إلى حياة كريمة وهانئة.
السؤال الأهم في مسألة الاحتفالات بالأيام الوطنية هو: ماذا تعني هذه الأيام للشعوب؟ ومنها الشعب البحريني بطبيعة الحال.
الذي أظنه أن الشعب -أي شعب- لا يمكنه الاحتفال سواء بيومه الوطني أو غيره، ما لم يكن في وضع جيد من معظم الوجوه، لأن الاحتفال يعني الفرح، والفرح لا يدخل القلوب الحزينة التي لا ترى وجهاً للفرح، وأيضاً الشعوب التي تعاني من التهميش أو الاضطهاد أو محاربتها في لقمة عيشها أو غير ذلك من مناحي التضييق التي تعاني منها بعض الشعوب. ولهذا فإن على الحكام أن يدركوا هذه الحقيقة وهم يحتفلون بالأيام الوطنية، لأنها موجهةٌ أصلاً للشعوب التي يتوقع منها أن تتذكر ماضيها وحاضرها والفارق بينهما، وتتذكر نعم الله عليها فتحتفل بذلك، وتحمد الله عليه، وتعمل بجدٍ على المضي قدماً في طريق الإصلاح وتحقيق الخير لبلدها.
ولكن هل هذه المعاني موجودة لدى شعب البحرين كله؟ الواقع يقول: إن هناك من الشيعة من لا يرى مبرراً للفرح أو الاحتفال، والسبب في ذلك كما يقولون: إنهم فقدوا بعض حقوقهم الأساسية، وأنهم يلقون معاملة تختلف عن المعاملة التي يلقاها إخوانهم السنّة في كثير من الأشياء، وبالتالي فإن من مقتضيات عيدهم الوطني أن يجدوا معاملةً مغايرةً لما ألفوه في الفترات الماضية.
اليوم الوطني يعني التحام كافة طبقات الشعب وأطيافه المتنوعة في بوتقة واحدة، وأن يجد الجميع معاملةً واحدةً، وفوق هذا أن يحظى الجميع بعيش كريم وتعليم وصحة تتناسب مع احتياجاتهم بكل تنوعاتها، وما دامت الدولة قادرة على تحقيق ذلك فمن حق شعبها عليها أن تقوم بكل ما تقدر عليه من أجلهم.
البحرين بلد طيب وجميل، وهو يستحق العيش بفرح دائم سواء في عيده الوطني أم في سواه، وتمنياتي للشعب ولملكه بعيش كريم وفرح لا ينقطع.