وحدة التيار الديمقراطي خيار أم ضرورة (2) أسئلة مشروعة
على رغم أن الحديث يدور حول تشكيل تيار وطني تقدمي يضم جميع القوى السياسية والشخصيات المستقلة المؤمنة بالفكر التقدمي، فإنَّ البعض، يرجع الأمر مرة أخرى إلى الواقع السياسي وما هو حاصل الآن من تحالف ست جمعيات مختلفة في جبهة وطنية من أجل تحقيق مطالب مجمع عليها.
من حق الجميع أن يطرح ما هو مؤمن به، ويوجه الأسئلة مهما تكن هذه الأسئلة محرجة، فلا يمكن مصادرة الرأي المخالف، بشرط أن يكون ما يطرح من مواقف وآراء في محيط النقاش العلمي ودحض الحجة بالحجة دون اتهام المخالفين بالعمالة والخيانة.
من أهم الأسئلة المشروعة والتي لا يمكن التهرب من الإجابة عليها، ما جاء في أحد التعليقات على المقال قبل الأخير عن «تحالف القوى المعارضة»، إذ تساءل أحد المعلقين عن «دور القوى اليسارية في التقريب بين أبناء الوطن ودعم الوحدة الوطنية، وأين هي ترجمة عبارة دعم الوحدة الوطنية على الأقل بين اليسار نفسه؟ وما هو نوع التنسيق بين وعد والتقدمي والقومي، وهل يوجد بينهم تحالف حتى يتحالفوا مع القوى الطائفية؟».
بداية يجب أن أشير إلى معارضتي الشديدة لوصف جمعية الوفاق بـ «القوى الطائفية»، فحتى وإن كانت (الوفاق) مشكلة من طيف واحد، فإن ذلك لا يعني بالضرورة أن يكون حراكها طائفيّاً، كما لا يمكن وصف أية حركة حتى وإن كانت دينية أوتوماتيكيّاً بالرجعية. إن الحكم على ذلك يتطلب فهم موقفها من الصراع السياسي والاجتماعي الحاصل في كل بلد على حدة، وفي كل مرحلة تاريخية من تاريخ النضال الشعبي، كما يتطلب تحديد موقفها من الصراع الدائر بين التقدم والتخلف، وتحليل شعاراتها وما ترفعه من مطالب، وما تقدمه من تضحيات.
الخطأ الفادح الذي يرتكبه من يعارض التحالف مع الوفاق، هو التعميم الأعمى، والتحجر في الإيمان بمقولات تاريخية، تمت مراجعتها كثيراً في العديد من الدراسات الفكرية الحديثة، وتم تطويرها.
وبعيداً عن الحكم على النوايا، والرجم بالغيب، فإن «الوفاق» لم تطرح في أي وقت من الأوقات شعار «الدولة الدينية»، بل العكس، لقد كانت الشعارات المرفوعة تصب في مسار تقدم المجتمع وليس العودة إلى الخلف.
وأما عن دور القوى اليسارية في التقريب بين أبناء الوطن ودعم الوحدة الوطنية، فإن دخول الجمعيات اليسارية في التحالف السداسي يعتبر ضماناً لعدم انحراف المطالب الشعبية إلى مطالب فئوية أو طائفية، كما أنه أعطى دفعة قوية ومصداقية للمطالب الشعبية سواء في الداخل أو الخارج. وجعل من القوى المعارضة ممثلة للجميع، وتم التأكيد على ذلك حين تم تشكيل وفد الجمعيات السياسية المعارضة في الجولة الثالثة من حوار التوافق الوطني والذي ضم مختلف فئات وطوائف المجتمع، من السنة والشيعة والعلمانيين والمرأة.