العدد 1355 بتاريخ 22-05-2006م تسجيل الدخول


الرئيسيةالأعمدة
شارك:


أب بحريني مع ابنه يتعاطيان المخدرات!

بالأمس ذهبت إلى «وحدة المؤيد للتأهيل من المخدرات والكحول»، وذهلت لما رأيته، هناك شباب في عمر الزهور يملأون القاعة، وبعضهم يقف عند الباب ينتظر الدخول، أو المسكنات، وبعضهم ينتظر فرصة (ذهبية) للحصول على سرير في هذه الوحدة. أسرّة الوحدة تبلغ 16 سريراً والطابق العلوي «كما هو الوعد» يهيئ الآن لوضع 10 أسرة، مع العلم أن الطابق العلوي مهيأ إلى 20 سريراً، فنتمنى من الحكومة النظر في هذا الأمر، لأن الكثير من هؤلاء الشباب يريد الرجوع عن هذا المرض، لكن عدم وجود المكان المناسب قد يضطره إلى الانتكاسة، والعودة للمخدرات. أقول بملء الفم، يا نواب ويا حكومة ويا تجار، إذا أردتم إنقاذ شباب البحرين، فلنعمل جادين لبناء مركز تأهيل ضخم، فيه كل مستلزمات النجاح، ويتوافر على كل الشروط العلمية لإنجاحه، كما في مستشفيات الأمل الأربعة في السعودية. لقد ذهبت إلى الوحدة يوم أمس، فهالني ما رأيته. شباب في عمر الزهور ضائعون، ليس لهم أحد سوى بعض الأخوة العاملين هناك، الذين مازالوا يعملون من أجل انتشال هؤلاء الأبناء مما هم فيه.

تفاجأت وأنا أسمع خبراً قمت بتوثيقه، أنه في البحرين ومن منطقة معينة يوجد أب يتعاطى المخدرات هو وأبنه أيضاً. فالأب يسير برفقة ابنه في الشارع والطريق، وفي كل مكان، بحثاً عن هذه المادة القاتلة! وسجلت أكثر من حال (وسأقوم بتوثيقها) الأب يتعاطى والابن أيضاً. هي لم تصل إلى مستوى الظاهرة، ولكن السؤال: كيف نعمل لإحتواء هذا المرض الذي يفتك بشبابنا وأبنائنا؟. بقيت 3 ساعات مع هؤلاء الشباب وأنا أسمع وأرى صوراً مؤلمة تحكي عن واقع مؤلم يجب أن يستنفر كل المجتمع وقبلهم الدولة، لإيجاد استراتيجية مدروسة وفق برامج علمية لاستيعاب هؤلاء المرضى، وأيضاً لمنع سقوط أي شاب بحريني في هذه الحفرة القاتلة. مالفت انتباهي وجود شباب متعافين يواظبون على الحضور للمركز كي يعظوا المرضى، ويقدموا لهم تجربتهم في الخروج من هذا المرض. قال لي أحدهم: «سيد أنا تعافيت بشاهدة الطبيب وأنا متزوج ولي أبناء والحمد لله، أصبحت إنساناً، سليماً، لكني أحتاج إلى وظيفة». آخر قال: «أنا أصبحت سليماً منذ فترة طويلة لكن المجتمع قاسٍ إلى الآن يتعاطى معي بأسلوب وحشي متخلف». المجتمع لا يرحم، كثير من الانتكاسات.

تحدثت لبعض الشباب بسبب (تعيير المجتمع) لهم. إذا الله قبل توبة عبده، فلماذا هم لا يقبلون التوبة؟ الآن ما هو معروف وفاة 4 بحرينيات بسبب المخدرات، أما نسبة اللاتي يتعاطين المخدرات فلا يوجد إحصاء، ولكنهن في ازدياد لعدة عوامل: «غياب البيئة السليمة دينياً وأسرياً واقتصادياً، تفكك الأسرة، عدم مراقبة الأبناء، الفقر». الأدهى من ذلك أن هناك شخصاً قدم ابنته مقابل الحصول على المخدرات. مرض الادمان مرض خطير جداً، يفتك بالشباب. بعض الشباب البحريني يتعاطى الحشيش وليس الهيروين، ولكن من يستخدم الأول قد يقوده إلى الثاني. البعض قد يسأل: لماذا نحتاج إلى مركز ضخم للتأهيل؟، أنا أسأل سؤلاً واحداً: ألا نحتاج إلى جناح للنساء المتعاطيات؟ وجناح للمراهقين تحت 21 عاماً؟ وجناح لمرضى النج أي في (الإيدز)؟ هل يوضع المدمن مع شديدي الادمان في مكان واحد؟ هل يوضع الطفل أو الشاب مع من يكبرونه سناً؟ العلماء يتحدثون عن أهمية (البيت الوسط)، مابين المركز والمنزل الحقيقي ليمارس فيه المتعافى تدريباً ليندمج في الحياة. هل هذا موجود؟ عوائل بحرينية تتصدع وتنهار في قرانا ومدننا فما هو الحل؟ أتمنى من التجار توقيف التبرع لبناء المساجد، ففي البحرين مئات المساجد يكفي ذلك. نريد تبرعات لبناء مراكز لتأهيل المدمنين والمعوقين والمتخلفين عقلياً ولأطفال التوحد. لو كل عائلة كبيرة قامت ببناء وحدة كوحدة المؤيد، فإننا سنسيطر على الكثير من الظواهر المخيفة، أو الظواهر التي تتطلب موقفاً إنسانياً. تذكروا الأم التي فقدت 3 من أبنائها. تذكروا البحرينية التي ماتت بسبب المخدرات فتركت طفلها ذا الـ 3 سنوات، تذكروا الأب الذي يتعاطى هو وابنه. تذكروا الشباب الذين يلقون على الشواطئ، والأماكن المهجورة. ما هو الحل؟ الحل أن تقدم الحكومة أرضاً وموازنة لبناء مركز ضخم يحوي 100 سرير مع كادر طبي وإداري وإرشادي مهيأ، مع دعم التجار أيضاً. إن انتشار المخدرات يهدد كل شيء، الأمن الاجتماعي وغيره. وعلى ذكر التبرع قبل فترة بسيطة ذهبت امرأة أجنبية مسيحية إلى مستشفى السلمانية، لعيادة المرضى، وتقديم باقات الورد والهدايا. اخبروها أن هناك امرأة عاملة وزوج معاق ليس له يدان، وهي تعيش مع زوجها و 4 بنات وابن في غرفة. تأثرت هذه المسيحية وطلبت لقاء الزوج المعوق. ذهبت لهم في بيتهم، هناك شاهدت المنظر المأسوي، كل الأسرة تبيت في غرفة. بكت هذه المسيحية بكاء شديداً، وقالت: أيعقل أن يكون فوق هذه الأرض رجل وبهذه الظروف مع أبنائه يسكن في غرفة واحدة ولا يوجد من يساعدهم؟هذه المسيحية قامت بتأجير شقة له لمدة عام، إذ تكفلت بسداد الأجرة مع تأثيث الشقة.

السؤال: أين تجارنا «مع تقديرنا للعاملين منهم»؟



أضف تعليق