ديغول والمدير الفاشل
رياح الإصلاح دخلت بعض قلاع الوزارات والمؤسسات، لكن بعض الوزارات والمؤسسات مازالت عصية على الإصلاح شيمتها قهر الموظفين فما لهوى القرارات عليها أمر ولانهي. مازال بعض المديرين ورؤساء الأقسام في بعض وزاراتنا يعبثون بالغلابة من الموظفين، يعيشون بعقلية أمن الدولة، يرعبون الموظفين ويريدون أن يجلدوهم كل صباح. هذا اذا كرهوهم أما إذا أحبوهم أرسلوا لبعضهم رسائل غرام وربما فاضحة كما يبعث قيس إلى ليلى العامرية. لو كل مدير اكتشف انتهاء صلاحيته وقدم استقالته لأصبحنا بخير.
لو كل مسئول في وزاراتنا قدم استقالته ساعة شعوره بالإفلاس لأصبحنا بخير وأنزل الله علينا من سمائه عسلا ولبنا.
يقول هاشم صالح وهو يتحدث عن ديغول: «رحم الله الجنرال ديغول الذي ترك السلطة بملء إرادته العام بعد أن انقذ شرف فرنسا أثناء الحرب العالمية الثانية كما هو معلوم. إنه كان يقول: «لا يمكن للمرء أن يكون رجل الاعاصير الكبرى ورجل الحماقات السياسية الدنيئة في آن معاً! أيها السادة، بدءاً من هذه اللحظة سأستقيل من كل وظائفي في الدولة وأعتزل العمل السياسي. ديغول لم يستغل الدولة، رجع إلى قريته وعاش كأي إنسان عادي، بل باع بعض صحون بيته لإكمال مصروف البيت! ذات يوم زار ابنه الاميرال فيليب ديغول الصين فقال له أحد القادة: «شخص مثل والدك لا يظهر في التاريخ إلا كل قرن أو قرنين على الأقل».
للأسف في بعض مؤسسات القطاع الخاص، وبعض الوزارات مسئولون يجلسون على رقبة الوزارة أو المؤسسة لتعذيب خلق الله، وقطع أرزاق الفقراء، وهناك بعض المؤسسات تتعاطى مع الموظفين كعبيد. تصلنا في الصحافة مواقف لمسئولين مازالوا يتعاطون مع خلق الله كأنهم عبيداً أو صعاليك، بلا إنسانية ولا ضمير وطني. هؤلاء هم الذين يزرعون الإحباط في قلوب المجتمع، ويشعرونه بأن التحديث وشعارات التغيير ليس باستطاعتها فتح الآفاق المسدودة في مثل هذه المؤسسات. إنهم يكرسون الشعارات الديماغوجية الكاذبة. هؤلاء هم من يعملون على تخريب العلاقة بين الإصلاح والمجتمع. أنا أعلم أن هؤلاء لا يمكن أن يتركوا كراسيهم كما يفعل ديغول، ولكن أيضاً لا يمكن تحمل أساليبهم في التعامل مع المواطنين. وزارة العمل يجب عليها النظر لبعض المؤسسات التي تتعامل مع الموظفات البحرينيات كأنهن رقيق رخيص. والحكومة لن تقصر ساعة معرفتها لما يجري على الموظفين من بطش هذا المسئول. يجب النظر لمثل هؤلاء المسئولين الفاشلين، والانكشاريين، ممن يقمعون أبناءنا. لهذا يجب النظر إلى ما يجري في هذه المؤسسة، وما يمارسه بعض هؤلاء المسئولين. لابد من توصيل الشكوى، لأني على يقين أن الدولة لا تعلم بهذه الأساليب، ولو علمت لن ترضيها هذه الممارسات التي لا تخدم سمعة مؤسسة عريقة لها ثقلها. أكثر من مرة يتم جلب سيارات الإسعاف بسبب بطش مثل هؤلاء المسئولين بالموظفين. إلى متى يتم الصمت على مثل هؤلاء؟ متى ستدخل رياح الإصلاح إلى هذه المؤسسة، وكيف تدخل وهناك عقول قروسطية، تخرج من داخلها أتربة وغبار من التاريخ؟
الإصلاح في هذه المؤسسات يكمن عندما تعتمد القانون منطقا، والمعايير العلمية أسلوبا، والمساواة منهجا. ليس من العدل أن توفر كل الامتيازات الحريرية للأجنبي، والمواطن تجلب له سيارة الإسعاف.
قضية ظلم بعض الموظفين من قبل المسئولين المتحجرين يجب نقاشها في البرلمان والصحافة وحتى عبر برامج القناة الإعلامية. أما بالنسبة لمجلس الإدارة فيجب توصيل صوت هؤلاء الموظفين الغلابة المقموعين بسبب هذا المسئول للمجلس وبوضوح، فهو مازال يتعاطى مع المؤسسة وكأنها ملك خاص.
أما بالنسبة لاميل (الفضيحة)، أو أية وثيقة إدانة، فيجب تجهيزها لتوصيلها إلى مجلس الإدارة، وحبذا كتابة تقرير علمي يثبت فيه أي تجاوز يتم التأكد فيه من مخالفته للقانون، ويجب أن تكون عيون الموظفين في حال مراقبة مستمرة حتى يتم إيقاف هذا اللهو واللعب برقاب الناس.
إن المشكلة التي تتكرر في أكثر من مؤسسة هو عندما يعطى شخص فاشل في مؤسسة منصبا حساسا، فإنه يفرغ كل عقده السيكولوجية على خلق الله، ويريد الانتقام من موظفيه. المرأة البحرينية يجب ألا تكون ضحية هذه العقد. نتمنى من المجلس الأعلى النظر لما يقع على رؤوس الموظفات البحرينيات من ظلم وجور، ولو من باب الدفاع عن حقوق المرأة. وللحديث تكملة. إننا لا يمكن أن نصبح مثل نيرون... نرى روما تحترق ونحن نضحك