عندما يتحول المدير إلى تمساح يأكل الموظفين
كي نفكر في ثقافة الانجاز لابد أن نبحث عن المعذبين في الأرض وهم كثر. كيف نحارب الفقر؟ كيف نطعن المخدرات في الخاصرة؟ كيف نزرع رمحاً في رقبة الإدمان؟ وكيف نزرع أملاً في عيون الأمهات المعذبات اللاتي ابيضت أعينهن من دمع الألم، وتشققت شفاههم وأيديهن وقلوبهن من الحزن؟ كيف نصنع دولة الإنسان بلا تمييز ولا تعصب ولا كراهية؟ كيف نجعل للقانون هيبة بأن لا تعصف به لا طيور صغيرة ولا كبيرة؟ كيف نحول السجون إلى مستشفيات؟ وكيف نبني المدارس مكان الزنزانات؟ الدولة الحديثة لا تقوى إلا بالاهتمام بالطبقات المتآكلة من الناس. الثورة الفرنسية جاءت بمبادئ العدل والأخاء والسلام واحترام الإنسان، لكن ما نشهده الآن من طبقية واحتقانات لدى كثير من الشباب الفرنسي واندلاع أزمة البطالة، إضافة إلى احتقان الأماكن المحرومة التي يستوطنها الأفارقة العرب، والتمييز الشوفينيني الذي يمارس ضدهم يعكس تآكل الكثير من هذه الشعارات، قبل الديمقراطية يجب الاعتراف بإنسانية الإنسان أولاً. وهذا ما دعا إليه الفيلسوف ابن الهيثم لإقامة نظام انساني وكذلك ابن رشد.
في البحرين الحكومة تستطيع استيعاب كل الشباب البحريني عندما تدمجهم في العمل، وتنتشلهم من كابوس البطالة، اضافة إلى ذلك تقوم بتوفير فرص عمل مناسبة لهم.
ليس ذلك مستحيلاً ولا يحتاج إلى معجزة ولا إلى مصباح علاء الدين، نحتاج إلى إصلاح السوق، ومحاربة الفساد، وتنفيذ مشروعات اقتصادية غير معبأة بالأجانب، كما يجب مراقبة الشركات التي تستعبد الطبقة العاملة من المواطنين.
إن كثيراً من العمال البحرينيين الذين يعملون في الشركات لا يستطيعون أن يبنوا مستقبلاً بهكذا راتب، كيف يقترضون؟ كم ستمنحهم المصارف؟ كثير من الاتصالات التي تصلني من المواطنين تشكو قلة القروض المخصصة من بنك الإسكان. آلاف أو خمسة عشر ألفاً بل حتى ألفاً لا تبني بيتاً. إذاً تبقى المشكلة عالقة تحتاج إلى خاتم سليمان يراه المواطن في المنام، ربما يصنع له عشاً.
هذه المرة تم توزيع كعكة الترقيات بالعقلية القديمة ذاتها، وهي فاقعة تماماً مثل البيوت الصفراء التي تذكرك بأيام النبلاء في بريطانيا. وهنا نحتاج إلى مشاهدة فيلم (القلب الشجاع) لنفهم كيف تكون المعايير؟ طبعاً القضية تحاج إلى تفاصيل سأذكرها لاحقاً.
طبقة العمال في الكهرباء دائماً هم الحلقة الأضعف، الوزارة وفرت ألبسة واقية لهم، لكنها إلى الآن لم تمنحهم علاوة خطر، يا وزارتنا العزيزة علاوة الخطر ليست شيئاً كبيراً على هؤلاء الفقراء المعدمين، إنهم مثل عمال المناجم في روسيا يقطعون الذهب أو يخلقون الطاقة من العدم إلا أنهم أقل حـظوة ساعة توزيع الغنائم. شركة بحرينية أخرى نتيجة قساوة وتخلف رب العمل يضغط بشكل مرعب على المواطنين ما أدى إلى سقوط موظفة وجلب الأسعاف لها، هل هذه ضريبة ليبرالية متوحشة أم عقلية تذكرك ببعير في الربع الخالي؟
حين يخصى فكر الإنسان قد يمارس كل جنونه على بني البشر، تراجع العقل التنويري في الغرب فنمت الهتلرية والاستالينية. مازلت أؤكد أن هناك عقليات في بعض وزاراتنا ترفض دخول رياح الإصلاح، أنا لا أريد الحديث في العموميات، وسأتحدث لاحقاً بلغة الأرقام.
هذه العقليات هي التي تعمل على هدر الوطن، وترسخ الإحباط واليأس في قلوب الموظفين، ثم تذهب لترقص أمام الصحافة، والأضواء والإعلام أنها مع المشروع الإصلاحي. مدير فشل في مصرف فجيئ به إلى شركة بحرينية للحكومة نسبة كبيرة فيها راح يرعب الموظفين، ويزرع أهله في كل مكان إلى درجة أعتقد الموظفون أن الأهل اتخذوها مزرعة خاصة.
لابد أن نوصل إلى المسئولين في الدولة ما يقوم به هذا البعض. الشباب البحريني هو وقود النهضة البحرينية الحديثة، فلابد أن نحافظ عليه، ونوفر له كل الدعم المادي والمعنوي، لهذا أرى لزاماً متابعة سلسلة مقالات تتحدث عن هؤلاء الشباب، ولا يمكن أن ننسى زمالة المدمنين المجهولين وما تقوم به من دور كبير في البحرين للشباب الذهبي العائد من مستنقع الادمان إلى الاغتسال بمطر التوبة والارتماء بحضن الوطن. إن الزمالة تقوم يومياً بدور الجندي المجهول. أوصي الآباء الذين يعانون من أبناء مدمنين التواصل بي لتوصيل ابنائهم إلى هذه الزمالة عل ذلك يخفف من آلامهم وأوجاعهم، ونتمنى من لجنة مكافحة المخدرات العمل لبناء مركز تأهيلي نموذجي لهذه الطبقة المهدورة والمنسية. هناك آلام يعيشها الكثير من التائبين من الإدمان، مشكلة قساوة المجتمع. بعض الشركات ترفضهم لأنهم كانوا متعاطين سابقاً، بعض الأسر البحرينية ترفض تزويجهم ولو تيقنوا من صلاحهم وتخلصهم من المرض، بعض طبقات المجتمع تقسو عليهم وترفضهم وتنبذهم على رغم توبتهم. هل تعلمون أن ذلك قد يسبب انتكاسة لهؤلاء؟ شخص بحريني تاب وتمنى من المجتمع تشجيعه إلا أنه تفاجأ الشراسة التي عومل بها إلى درجة أصيب بالانهيار ثم رحل عن الدنيا