هل تحفزنا التجربة اليابانية لإصلاح وضعنا الرياضي؟
هل قرأ المسئولون عن الرياضة في البحرين أو سمعوا بالتجربة اليابانية ومشروعهم الكبير الذي يكمن في رؤية 2050 بطموحات الفوز بكأس العالم. وهذا الطموح لم يأت صدفة أو عن طريق العشوائية بل جاء وفق دراسة علمية من قبل اتحاد الكرة السابق سباروكوابيشي الذي قام يفكر طويلاً وسأل نفسه عدة أسئلة منها هل بإمكان اليابان الفوز بكأس العالم؟ وهل سنبقى بهذا الحال لا نتخطى الآسيوية؟ والتأهل إلى كأس العالم فقط هل نعده إنجازاً من دون أن تكون لنا يد في البقاء مع الأبطال الكبار الذين حققوا بطولة كأس العالم؟
كلها أسئلة مشروعة ولكن لم يطلق صرخته نعم نحن قادرون من دون أن تكون حساباته على الطريقة العلمية وبالتالي بدأ من العام 2002 وقام بتشكيل لجان لزيارة مناطق مختلفة في اليابان منها (47 محافظة) وقعت عليها الدراسة في كل مجالات الحياة وليس فقط الرياضية، أي أنهم قاموا بدراسة الإنسان الياباني في هذه المناطق دراسة واقعية غير مستعجلة من أناس أكاديميين واختصاصيين حملوا معهم الملف الكبير بعنوان «الحلم قوة الإنجاز» واستمرت الدراسة لنحو ثلاث سنوات، وعند العام 2005 وبعد ظهور النتائج تم وضع آلية محددة وفق هذه الدراسة تأكد منها أن اليابان بإمكانه الفوز بكأس العالم في العام 2050. وفقاً للواقع الموجود. رئيس الاتحاد الياباني السابق عندما أطلق هذه الرؤية في المشروع الكبير يعلم بأنه لن يبقى لذلك اليوم وحتى الرئيس الحالي «اكوارا» هو أيضاً راحل عن هذه الحياة. والجيل الحالي ومن سيأتي بعده أيضاً لن يكون أحد منهم في ذلك العام إن كانوا موتى أو هم على قيد الحياة وبالتالي قد يكون الجيل الثالث أو الرابع حسب الدراسة العلمية اليابانية هم من سيحملون الراية نحو فالفوز بكأس العالم. ولكن هل أن هذه النظرية تبقى نظرياً فقط؟ لا... فالخطوات الموضوعة تنتقل من الفوز بكأس آسيا إلى التقدم في مراتب في كأس العالم حتى يصل المنتخب إلى المباراة النهائية أو قبل النهائي وفق هذه الدراسة.
الدراسة والرؤية توجد قاعدة كبيرة من اللاعبين الموهوبين ويصل عددهم إلى 5 ملايين لاعب سيبدأ معهم من الصغر وستبقى هذه الاستراتيجية تتداول من جيل إلى جيل ومن يأتي في الرئاسة يواصل ما قام به سلفه حسب الرؤية الموضوعة حتى يصل الأمر إلى العام 2050 للفوز بكأس العالم.
أين نحن من هذا التنظيم الرائع والعقلاني في تلك الأرض التي تفكر وتفكر وتنتج بعيداً عن العشوائية. قد يقول قائل أين أنت وطموحات اليابان وأين أنت من الفوز بكأس العالم؟! هذا ليس بحلم وإنما خرافة تسوقها لنا لنكون مثل اليابان... أبداً لم يخلد في بالنا أن نصل لما فكر فيه اليابان ولا أقول إننا يجب أن نفكر بكأس العالم... هذا أمر مستحيل جداً في ظل ما نعانيه من سوء البنية التحتية وتهالك الموازنة المعدومة وبالتالي لن نفكر أبداً في ذلك. نحن نريد إصلاح الوضع الرياضي حسب إمكاناتنا... وإنما جلبت هذا الأمر لكي يكون محفزاً لنا في التفكير والابتكار والسرعة في علاج الأخطاء والوقوف عند الإخفاقات من دون تفرج.
الآن الكل يعلم ويدري من أكبر سلطة رياضية في البحرين أن البنية التحتية معدومة والموازنة لا توجد لا للأندية ولا لاتحاداتنا الرياضية وما هو موجود مجرد «ترقيع» في بناء الأندية والملاعب الكروية والصالات الرياضية حتى يقال إن لدينا الأندية والملاعب ولكن كل ذلك في العلم الحديث لا يعد بنية تحتية تنقل منها إلى عالم الاحتراف.
نحن سقنا التجربة اليابانية كمثل إذ بدأت بالدراسة العلمية ثم انتقلت إلى النتائج والمطلوب... هل نحن بدأنا بدراسة أي أمر مطلوب ووضعنا رؤيتنا حسب هذه الدراسة أم أننا دائماً نقف مكتوفي الأيدي ونقوم بتسيير مهامنا بعشوائية وعدم تركيز لأننا بعيدون عن مثل هذه الدراسات لتجاهلنا كوادرنا الوطنية الاختصاصية واللجوء لمن يطبل ويصفق لنا نفاقاً ومصلحة دون أن ننظر للمصلحة الوطنية الأكبر. ها نحن خرجنا من الملحق العالمي مرتين ولكن هل فتحنا الملف لمعالجته بالصورة السليمة؟... هل هناك خطوات تنقذنا من الهاوية؟ وبعدها سقطنا في بحر الخليج ولم نحرك ساكنا واليوم نعيد الكرة بسقوط آخر مريع في آسيا وسنبقى كذلك نغمض العيون وكأننا لا نرى ونسد الآذان وكأننا لا نسمع حتى تهدأ النفوس ويتواصل العمل العشوائي بلا نهاية.
الجمعية العمومية لاتحاد الكرة المكون من الأندية هي أيضاً حالها حال الاتحاد من السبات العميق ولا تحرك ساكناً في غفوة طويلة ولم تحركه هذه السقطات الهائلة ولم يطلب يوماً من الأيام عقد جمعية عمومية استثنائية لمناقشة كل الأمور المتعلقة بالكرة البحرينية. وكل الأندية تحمل السلبية تجاه الأمر عندما يتم الطلب منها من قبل الاتحاد بالأفكار والابتكارات ولكن محلك سر. نأمل ونطمح بأن تحرك التجربة اليابانية حسب إمكاناتنا المسئولين في الهرم الرياضي لعلاج ما يمكن علاجه والحل لا يحتاج إلى معجزة ولا فلاسفة تستفيد مهم من بلدان بعيدة ولا قريبة والعلاج إصلاح البنية التحتية بصورة سليمة وليس نفس ما نراه حالياً وإيجاد الموازنة الكافية لسد العجز المالي والانتقال إلى الاحترافية في كل شيء حتى يصل بنا ذلك إلى نظام الاحتراف وطموحات الفوز بالبطولات الإقليمية والقارية... ولكن البداية لابد من إصلاح الوضع الرياضي المحلي في مسابقاته وبعدها نفكر في المنتخبات الوطنية في استراتيجية مستقبلية تسير حسب خطوات علمية على مدى قريب وبعيد بطرق علمية وبجلب الكوادر الوطنية العاملة والمختصة.