العدد 1027 بتاريخ 28-06-2005م تسجيل الدخول


الرئيسيةالأعمدة
شارك:


القراءة السلفية للرقابة

في الأصل، فإن الجهات والمؤسسات الحكومية وشبه الحكومية، وتلك التي تتلقى دعما من الدولة، أو تساهم فيها الحكومة بجزء من رأس مالها تخضع لرقابة المؤسسة التشريعية مادام المال العام يمول نشاطها أو جزءا منه، وأية محاولة للتهرب من هذه الاستحقاقات بدعاوى قانونية أو ضغوطات سياسية هي شبيهة بتدخل الحكومة في التشريع، مستفيدة من نص المادة "92" من الدستور، وتفسيرها بسوء نية.

وخلاف ما يرى النائب فريد غازي، فإن المادة "50" من الدستور تفتح الباب واسعا لمجلس النواب إذا أراد أن يفعل دوره الرقابي على هذه المؤسسات، مادام يقر موازنتها، وقروضها، ويتأثر بأنشطتها مصالح البلاد والعباد.

وتنص هذه المادة في فقرتها "أ" على أن "ينظم القانون المؤسسات العامة وهيئات الإدارة البلدية بما يكفل لها الاستقلال في ظل توجيه الدولة ورقابتها، وبما يكفل لهيئات الإدارة البلدية إدارة المرافق ذات الطابع المحلي التي تدخل في نطاقها والرقابة عليها"، وفي فقرتها "ب" على أن "توجه الدولة المؤسسات ذات النفع العام بما يتفق والسياسة العامة للدولة ومصلحة المواطنين".

النص يشير بصراحة إلى أن الدولة مسئولة عن المؤسسات العامة، وعليها العمل لضمان اشتغالها ضمن مصلحة المواطنين، ما يلزم مجلس النواب "وليس هذا خيارا بل واجب" بأن يقوم بدوره لتحقيق المصلحة العامة، كما على الحكومة أن تؤدي دورها في ذلك.

السؤال الذي تكرر طرحه يتعلق بآليات سؤال الأجهزة التي لا يرأسها وزير مختص، مثل مركز البحرين للدراسات والبحوث، والمؤسسة العامة للشباب والرياضة، والهيئة الوطنية لحماية البيئة والحياة الفطرية، وجامعة البحرين، وكذا الشركات الكبرى مثل "بابكو" التي تملكها الحكومة بالكامل، و"ألبا" التي تملك الحكومة فيها أكثر من ثلاثة أرباع أسهمها.

القراءة التقليدية للرقابة في مجلس النواب، تنطلق من فهم قاصر للمادة "66" من الدستور، والتي تنص في فقرتها "أ" أن "كل وزير مسئول لدى مجلس النواب عن أعمال وزارته"، وهو ما يفسره النواب في عدم إمكان مساءلة الجهات الحكومية التي لا تتبع وزيرا، وتلك لعمري قراءة شبيهة بالقراءة السلفية للنصوص، تتجاهل مقاصد الشرع وتغمض العين عن واقع الحال.

وسبق لمجلس النواب أن تراجع عن مطالبته بكف يد الوزير المختص عن هيئتي "التقاعد" و"التأمينات" بعد الفضائح التي كشفتها لجنة التحقيق النيابية، بحجة أن "استقلالهما" قد يعني أن الحكومة غير مسئولة عن الهيئتين، وبالتالي لا يمكن محاسبتها عما يجري فيهما، ما حمل المجلس المنتخب على أن يعيد سلطة مجلس الوزراء إلى الهيئتين "كاملة غير منقوصة"، على رغم ما جرته هذه السلطة من ويلات.

في الواقع، ومهما كانت النصوص غير وافية ومفصلة، فلا يبدو مقنعا البتة أن تكون الهيئتان - مثلا - اللتان تديران ملايين الدنانير، لا تخضعان لرقابة المؤسسة التشريعية إذا لم يرأس مجلس إدارتيهما وزير... إذ بغض النظر عمن يرأس الهيئتين، ومن تتبعان، فإنهما ستظلان تحت طائلة الرقابة البرلمانية، ومن دون تردد يجب على النواب أن يستدعى مدير عام أية هيئة لمساءلته عن أي تجاوز... وهذا ينطبق على المؤسسات الأخرى، فكما يستدعي مجلس النواب أو الشورى رئيسة جامعة البحرين ليسألها رأيها في قانون التعليم العالي، فإن من حق المجلسين محاسبة الرئيسة على تطبيق القانون، وكما من واجب المجلسين أن يجتمعا برئيس الجهاز العقاري أو رئيس الجهاز المركزي للاحصاء لإقرار موازنة كل جهاز، فإن من واجبهما متابعة ما إذا كانت هذه الأموال تصرف في مكانها...

وإذا كان من صلاحيات مجلس النواب أن يوافق على قرض لـ "ألبا" مقداره 200 مليون دولار لتطوير الخط الخامس، فإن من واجبه، وليس من حقه فقط، أن يتأكد من أن هذا القرض وضع في محله، وعلى مجلس النواب أن يسن عرفا باستدعاء المسئولين التنفيذيين عن الشركات للتباحث معهم، ومساءلتهم عن أية أخطاء يقومون بها



أضف تعليق