2006 عام الانتخابات
2006 عام انتخابات في البحرين، إذ ستجرى ثلاث معارك انتخابية: الأولى بلدية، والثانية نيابية، وانتخابات ثالثة ستكون مخصصة لاختيار 40 عضوا في برلمان الشباب، المكون من 80 عضوا، نصفهم سيتم تعيينهم "وهذا يستدعي وقفة خاصة".
لم يتم تحديد وقت المعارك المذكورة رسميا، بيد أنه يرجح أن تتم الانتخابات النيابية في أكتوبر/ تشرين الأول ،2006 وهو الشهر ذاته الذي تمت فيه انتخابات المجلس النيابي الحالي في .2002 وربما تتم الانتخابات البلدية في مايو/ أيار، إذا ما توقعنا أن السلطات تريد تفادي إجراء انتخابات في أشهر الصيف "يوليو/ تموز وأغسطس/ آب"، التي يهرب فيها كثير من الناس، فقراء وأغنياء، من أجواء الحر والرتابة، في وقت لن يكون إيجابيا أن تقل نسبة المشاركة عن 50 في المئة "النسبة في الانتخابات الماضية كانت في حدود 55 في المئة".
كما قد لا يبدو مناسبا إجراء الانتخابات في يونيو/ حزيران، وقت الامتحانات، إلا أن منتصف يوليو قد يكون خيارا قابلا للدرس، وقد يستدعي ذلك البدء في حملة إعلانات مبكرة لاقناع الناس بالبقاء في البلد، وهذا لن يكون سهلا، ويصعب أكثر مع الانجاز المتواضع للمجالس البلدية المنتخبة.
إلى ذلك، لا يبدو أن إجراء الانتخابات البلدية والنيابية في يوم واحد سهل من النواحي التقنية، وخصوصا لجهة الاختلاف في الدوائر الانتخابية، فبينما ينتخب المواطنون في كل محافظة من المحافظات الخمس، عشرة ممثلين في المجلس البلدي للمحافظة، فإن الدوائر يعاد رسمها في انتخابات المجلس النيابي لينتخب مواطنو المحافظة الشمالية 9 نواب، والوسطى 9 نواب، والعاصمة ثمانية نواب، والمحرق 8 نواب، فيما تخصص 6 مقاعد للمحافظة الجنوبية.
خيار تنظيم الانتخابات في يوم واحد يداعب بعضا من الراغبين في توجيه مزيد من الضغوط إلى المقاطعين، بهدف خلخلة مواقفهم، إذ كيف يمكن للجمعيات الأربع المقاطعة، إذا ما افترضنا استمرار خيارها في مقاطعة المجلس النيابي، أن تقاطع الانتخابات النيابية وتشارك في الانتخابات البلدية وهي ستنظم في يوم واحد، كيف ستبني خطابها، وكيف ستقنع جمهورها. وكيف ستطبق ذلك عمليا؟
على أن خيار المقاطعة في طريقه إلى الذبول، لأسباب كثيرة، بعضها يعود إلى غياب البرامج، بيد أن هذا الغياب تم أيضا في المشاركة. فالفشل عام هنا: فشل مشاركة ومقاطعة. بيد أن واقع الحال قد يرجح المشاركة، فها هي المقاطعات في الأردن "الاخوان المسلمين" والعراق "السنة" وفلسطين "حماس" انتهت إلى مشاركة... والقول ان الأوضاع هناك مختلفة، لا ينفي أن فكرة المشاركة هي الأصل، كما انها لا تعني أبدا الاعتراف بأن الواقع "شرعي" "من ناحية العدالة أو غيرها" أو على أحسن ما يكون، إلا بقدر ما له من قوة على الأرض. فأي واقع أكثر شرعية مما تم إبان غياب المؤسسة التشريعية منذ 1975 حتى الوقت الراهن، والذي يصعب حتى مساءلة الحكومة عنه، كما ينص قانون المجلسين، وهو نص على أي حال يحتاج إلى إعادة نظر، لكن ضمن أفق يدرك أن فتح الملفات دونه من المحاذير الكثير، وخصوصا إذا كان الهدف منه قتل "النواطير" الكثر الذين استأثروا بـ "العنب"، لا احتواء الماضي وبناء توافقات جديدة.
وإذا كان خيار المقاطعة مازال يراود البعض "على أقليتهم داخل مجالس الإدارات الرئيسية مثل الوفاق والعمل الديمقراطي"، فإنه خيار البعض أيضا داخل السلطة، التي يود فريق منها أن يبقى المقاطعون مقاطعين، أو أن تتفتت وحدتهم، وتتشظى مواقفهم، فيشارك البعض ويقاطع الآخر... ذلك أن المحافظين في السلطة جربوا مجلسا "أعرج" كالمجلس الحالي، وأزعجهم كثيرا، وأربك خططهم، ووضع بعض المطالب الشعبية على الأجندة، وهي المطالب التي اعتادت السلطات تأخيرها بدعاوى لا تصمد حين يحلل السياق المهترئ في اتخاذ القرار "كما يتضح في نموذج إهانة الناس في زيادة الرواتب"... ما يعني أن الحكم المطلق لم يعد مطلقا، وسيحد إطلاقه أكثر بوجود عناصر مؤثرة في المجلس المنتخب، ومن الأصلح لهذا الطاقم أن لا تصل هذه العناصر، وبالتالي من الأنسب أن لا تمهد الطرق لمشاركة المقاطعين في الحياة النيابية.
في كل الأحوال، فإن على السلطات أن تعلن منذ الآن الصورة التي ستكون عليها الإجراءات الانتخابية، بما في ذلك رسم الدوائر، كي تتاح لإدارة الجهاز المركزي للمعلومات فرصة كافية للإعداد، وكذلك للتجمعات السياسية التي عليها أن تحسم قرارها منذ الآن، واضعة نصب عينيها أن التعديلات الدستورية قد يكون حسمها مؤجلا حتى البرلمان المقبل، كما تؤشر إلى ذلك معطيات كثيرة