النائب على حق
لفت انتباهي في عملية التصويت على إسقاط عملية استجواب أحد الوزراء الثلاثة تعليق النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالهادي مرهون أن استجواب أي وزير يأتي لصالحه، وكان الواجب عدم التصويت على الامتناع عن استجوابه.
هذا الكلام يحمل كل الصدق وهو نابع من المحبة لا من رغبة في التشفي والميل إلى إحراج الذين طالبت لجنة التحقيق في المجلس باستجوابهم لسبب بسيط هو ان المواطن يجب أن يطمئن إلى أن ما حدث ربما لا يد لهم فيه ولا داعي لأن يظل الشك يطاردهم وخصوصا الأبرياء الذين تورطوا في غفلة منهم ولم يكن وراء ما حدث أمر متعمّد، فإبقاء أي منهم من دون استجواب يعني إبقاء عيون المواطنين تطاردهم وهم أبرياء. ولهذا فان النائب مرهون كان معه كل الحق بتصريحه بأن استثناء أي منهم من الاستجواب لا يأتي لصالحه.
وفي الحقيقة، نحن نثق باستقامة وزرائنا، وإن مجرد بناء فيلا جميلة أو مسكن لافت للنظر لهذا الوزير أو ذاك ببضعة ملايين لا يعني أن هذا من مال الشعب، فربما ورثوه عن آبائهم وأجدادهم، وقد يكون الوزير شخصا نشطا تمكن من خلق ثروة بعرقه وجهوده الخاصة وهو خارج الوزارة، وكما تقول الآية الكريمة: «إن الله يرزق من يشاء بغير حساب».(آل عمران: 37). وحسمت هذه الآية قول كل نائب، عدا مرهون الذي أراد بمطالبته عدم استثناء محاسبة أي منهم ليخرج الوزير نظيفا... طاهرا كيوم ولدته أمه، وليظل أمام الشعب مسئولا يستحق الثقة ويستحق الاعتزاز به فهو صاحب راية بيضاء لا تهزه الريح وانه فوق الشبهات، من دون الاعتماد على طوق النجاة (المادة 45) من الدستور الجديد.
فالأعضاء الذين اعتمدوا على التصويت وبرأوا الوزير ربما استندوا إلى الآية الكريمة في التصويت بعدم الاستجواب، وربما كانوا ينطلقون من وجهة نظر شرعية، فمحاسبة أي وزير على ما يملك من مال أو عقار يساوي عدة ملايين فيه تجاوز لما أعطاهم الله سبحانه وتعالى، الذي يعطي بغير حساب. ولهذا كانت هناك شخصيات وقفت خلف العناصر الدينية ودعمتها لدخول المجلس إدراكا منهم بأنهم أكثر وعيا وإدراكا من العلمانيين لأنهم يريدون محاسبة أعضاء أعطاهم الله من عنده، لذا توقعت أن يرفض بعض الوزراء إلغاء استجوابهم ليثبتوا براءتهم أمام الشعب