ميثاق الشرف يأتي على دماغ من؟
«حلف الفضول» الذي سبق حلف الأطلسي بقرون طويلة بين القبائل في العصر الجاهلي أتى بالخير للضعفاء الذين لم يكن لهم حول ولا قوة، واتفق أصحاب الحلف على مناصرة المظلوم وعدم إعطاء الظالم القوي المجال لفرض طغيانه على أولئك الفقراء و«الغلابة»، وهذا الحلف الذي ظهر قبل الإسلام وعلى رغم تسمية عصره بالجاهلية فإنه كان يراد منه فرض العدالة وتحقيق المجتمع المستقر.
أما عن ميثاق الشرف فيا ترى هل يريد أصحاب الصحف أو رؤساء التحرير بهذا الاتفاق الدفاع عن مسيرة الصحافة السليمة أم يراد به تضييق الخناق على الصحافيين؟ والخوف أن يأتي هذا الميثاق على دماغ الصحافيين البسطاء الذين لا سند لهم ولا من يدافع عنهم فليس لدينا قبائل عصر الجاهلية أو شخص نستند إليه، وأرجو أن يخيب ظني في أن هذا الميثاق قد يأتي على دماغ الصحافيين البؤساء بأن يتم الاتفاق على محاصرتهم بحيث لا يقبل بالصحافي أحد إذا ما اختلف مع الصحيفة التي يعمل فيها ليصبح عاطلا ما يتسبب في مشكلات نفسية له، وخصوصا أن الصحافي لابد أن يكون صاحب حس مرهف، أرجو أن أكون مخطئا خصوصا في بلد فيه وزارة الإعلام تحارب الصحافيين وتعتبرهم آفة عليها وعلى الوطن، في وطن على رغم إعلان الديمقراطية فيه، فإن قانون الصحافة متخلف إذ يذيل كل مخالفة بحسب تقييم الوزارة بإيداعه في السجن وكأنه مجرم أو قاتل. واستطاعت نقابة الصحافيين المصريين بالتفاهم مع الحكومة إلغاء عقوبة السجن، لكن ديمقراطيتنا لم تبلغ بعد ديمقراطية مصر طبعا، فعلينا تحمل منظر السيف المسلط على رقابنا إلى أن يرحمنا الله ليتم تغيير هذا القانون الجائر الذي وعد بعض المسئولين مرارا بأن يعيدوا النظر فيه.
أما أولئك الذين وثقنا بهم بأنهم سيواصلون مسيرة المطالبة بإقامة نقابة جادة للصحافيين فمازالوا يراوحون في مكانهم، لماذا لم يأتنا أي خبر من عندكم؟ عسى المانع خيرا «كما كان يقول آباؤنا عند كتابة رسائلهم التقليدية»؟!
كم أتمنى أن أكون قد شططت بخيالي بعيدا بشأن ميثاق الشرف لرؤساء تحرير الصحف، أرجو ذلك على رغم أننا في زمن رديء جدا يجعل عظامنا نحن هي الهشة