العدد 2095 بتاريخ 31-05-2008م تسجيل الدخول


الرئيسيةالأعمدة
شارك:


تبعات التجنيس ومركز البحرين الحقيقي في تقرير الأمم المتحدة الإنمائي

منذ أن صدر أول تقرير عن التنمية البشرية العام 1990 والكثير من البلدان النامية تتقدم إلى الأمام في مجالات الصحة والتعليم والدخل الفردي. أما البحرين فإن الحكومة نفسها أقرّت بأن مستوى المعيشة انخفض بصورة كبيرة بالذات في العام 2007. والحكومة أيضا أقرّت بأن ما جاء من أرقام في تقرير التنمية البشرية للعام 2007/2008 والتي تظهر مدى التقدم الذي أحرزته المملكة في مجال العناية بالبشر أرقاما غير دقيقة، وإن البحرين تراجعت عدّة درجات كما سيتضح من السطور الآتية. أما كيف أقرّت الحكومة بكل ذلك؟ فهذا يرجع لكون الوزير الشيخ أحمد عطية الله أكدّ وجهة نظر الحكومة من أن عدد السكان الحقيقي في سنة 2007 هو مليون و 47 ألف نسمة وهذا يعني أن الرقم الذي اعتمدته الأمم المتحدة لعدد السكان ألا وهو 743.5 ألف نسمة غير دقيق، وبالتالي فإن كل ما ترتب على هذا الرقم من نتائج لا تعدو كونها نتائج مغلوطة.

ومن أهم هذه النتائج، مستوى المعيشة الذي تراجع كثيرا جدا. ومستوى المعيشة يُقاس بمتوسط نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي، وبما أن متوسط نصيب الفرد يمثل ثلث العلامة التي على ضوئها تنال الدولة مركزها وترتيبها من بين دول العالم في تقرير التنمية البشرية الصادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، ولكون متوسط نصيب الفرد في العام 2007 بناء على عدد السكان الحقيقي (مليون و47 ألف نسمة) هو بالضبط 15253.46 ألف دولار سنويا، وهو أقل بنسبة 29 في المئة عن الرقم الذي تم تزويد الأمم المتحدة به ألا وهو 21482 ألف دولار سنويا للفرد الواحد، فإن البحرين تراجعت في مجال التنمية البشرية إلى الوراء بدرجات عدة. لقد فاق متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي في سلطنة عمان حظ الفرد في البحرين، فوصل إلى 15602 ألف دولار سنويا، بينما عمان حتى وقت قريب تأتي بعد البحرين بدرجات كثيرة، وكذلك تفوق متوسط دخل الفرد في السعودية على الفرد في البحرين إذ بلغ 15711 ألف دولار سنويا. الجدير ذكره أن تقرير التنمية البشرية للعام 2006 يظهر أن متوسط نصيب الفرد في البحرين يأتي مباشرة بعد الإماراتي، متفوقا على كل الدول الخليجية الأخرى.

وباختصار، إذا افترضنا صحة مؤشر الإنجاز الخاص بالتعليم وهو كما جاء في التقرير 0.864 ومؤشر العناية بالصحة (العمر المفترض عند الولادة) وهو 0.837 وأضفنا لهما مؤشر نصيب الفرد من إجمالي الدخل المحلي وهو في الحقيقة لا يزيد عن 0.843 وليس كما جاء في التقرير الأممي ( 0.896) . الرقم الجديد تم استنتاجه وفقا لعدد السكان الصحيح الذي أتحفنا به الوزير الشيخ أحمد بن عطية الله، وبالتالي من خلال متوسط جمع المؤشرات الثلاثة فإن مؤشر التنمية البشرية في البحرين هو 0.848، وهذا يعني أن مرتبة البحرين الحقيقية هي 48 على مستوى دول العالم وليس 41 كما يظهر في تقرير التنمية البشرية 2007/2008 ( راجع جدول رقم 1 في التقرير نفسه). لقد تراجعت البحرين عن السابق كثيرا، سواء على مستوى مرتبتها من بين دول العالم أم على مستوى مؤشر التنمية البشرية نفسه. ولكن الأخطر ليس مسألة المركز من بين دول العالم، وإنما التراجع في مستوى التنمية البشرية ذاته، إذ كان مؤشر التنمية البشرية في العام 2006 يبلغ 0.859 وفي سنة 2007 هبط إلى 0.847..فهل من آذان تصغي لمثل هذه المصيبة؟

ونعتقد أن للتجنيس دورا في حصول مثل هذا التراجع الكبير، لأن زيادة عدد السكان غير المنتجين ممن تم تجنيسهم بعشرات الآلاف والكثير منهم تم توظيفهم في القطاع العسكري، وهو قطاع غير منتج، قلّل متوسط نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي مقارنة مع الزيادة في عدد السكان وذلك نتيجة تقاسم الناتج المحلي الإجمالي بين السكان مع مشاركة «المواطنين الجدد» الذين لم يسهموا في تحقيق شيء منه.

وللعلم فإن مركز البحرين الجديد الذي تم الكشف عنه هنا والمخالف لما جاء في التقرير الأممي بمرات، مبني على افتراض صحة أرقام الحكومة التي قدّمتها للأمم المتحدة فيما يتعلق بالعناية بالصحة والتعليم، أما إذا اتضح أيضا أن هذه الأرقام غير دقيقة، فأمر آخر.

* ملاحظة: مؤشر متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي يتم حسابه وفقا لمعادلة لوغاريتمات مذكورة في تقارير التنمية البشرية.



أضف تعليق