هذه حصيلة الأسبوع الأول من رمضان!
قبل أن ينتهي الأسبوع الأول من شهر رمضان المبارك، كانت حصيلة التفجيرات التي نفّذتها الحركات الإرهابية جاوزت مئات القتلى والجرحى والمصابين، في عدد من دول العالم، أغلبها دول عربية وإسلامية.
آخر وأكبر عملية انتحارية نفذها هذا التيار، في العاصمة الأفغانية كابول، حيث ذهلنا ونحن نتابع نشرات الأخبار مساء الأربعاء، من حجم الدمار والخراب الذي خلّفته، وعدد الضحايا الذي تجاوز 100 قتيل وأكثر من 400 مصاب، أغلبهم من المدنيين تعيسي الحظ، ممن تزامن عبورهم في تلك الساعة مع لحظة تنفيذ الجريمة.
العملية تمت في عاصمة دولة، كل سكّانها من المسلمين، وحين أقدم الانتحاري على عمله كان يقصد عمداً إيقاع أكبر عددٍ من القتلى والجرحى، ولا تدري هل كان ذلك للانتقام من الحكومة الأفغانية أم من القوات الأميركية؟ وهل هناك دينٌ أو شريعةٌ أو فلسفةٌ في العالم، تبيح مثل هذا العمل؟
التفجير الذي تم بشاحنةٍ في الحيّ الدبلوماسي، ألحق دماراً كبيراً بعددٍ من السفارات، من بينها الألمانية والفرنسية والأميركية والإماراتية والتركية واليابانية والبلغارية والمصرية. والمفاجأة أن حركة طالبان التي أعلنت شن هجوم الربيع قبل فترة، تبرأت من الهجوم وأدانته، بينما تبناه تنظيم «داعش».
الخسائر البشرية كبيرة جداً بلا شك، فهي في حدود الخمسمئة، بين قتيل وجريح، ودائماً ما تدفعني مثل هذه الأرقام إلى التفكير بأسى وحزن، في مصير الأسر التي فقدت عائلها في مثل هذه العمليات الإجرامية، وكم تخلّف من الأرامل والأيتام، وكيف سيكون مصيرهم وخصوصاً الأطفال. ومن الجانب الآخر كم من المصابين سيتعافى، وكم منهم سيقضي نحبه بفعل الإصابات البليغة، وكم منهم سيبقى على قيد الحياة، ولكن مع إعاقة دائمة، كأن يفقد سمعه أو بصره أو يصاب بالشلل بقية حياته.
في اليوم نفسه شهدت بغداد عملية انتحارية مشابهة في مدينة هيت غرب العراق، أوقعت العشرات بين قتيل وجريح. وقبلها بـ 24 ساعة تم تفجير سيارة ملغومة في حي الكرادة ببغداد، أوقع 17 قتيلاً و60 جريحاً، حيث استهدف شارعاً مكتظاً بالمارة بعد ساعة الإفطار، فسقط عدد كبير من الأطفال كانوا بصحبة ذويهم للتسوق والألعاب، لا تدري ما هو ذنبهم ليموتوا هم وغيرهم، بهذه الصورة الوحشية.
التفجيرات لم تقتصر على دائرة الدول العربية والإسلامية في شهر الرحمة والبركة، وإنّما تجاوزت إلى دول أخرى، حيث مدّ «داعش» ظلّه إلى جنوب الفلبين، ليعلن قيام «إمارة» هناك. وهو ما استدعى قطع الرئيس الفلبيني زيارته إلى موسكو والعودة إلى بلاده، ليطلق عملية عسكرية أوقعت حتى الآن عشرات القتلى، أغلبهم من المدنيين المسلمين الذين لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
وتسأل: ما هو هدف هذه الحركات المتشددة التي تنشر الإرهاب في كل مكان؟ وإلى أين يريدون قيادة المنطقة؟ ومن الذي يدفع الثمن غير المدنيين والأبرياء؟ وإلى متى سيستمر هذا المسلسل العبثي من القتل وتدمير بلدان هي أصلاً تعيش في آخر الركب وتعاني من مشاكل اقتصادية وسياسية عميقة؟ وكيف سيكون حالها إذا تمكن هؤلاء من الوصول إلى سدة الحكم فيها؟
عبث في عبث، ومستقبل كالح ينتظر هذه الشعوب إذا استمرت هذه اللعبة التي تأتي ترجمةً حرفيةً لمشروع الفوضى الخلاقة الذي بشّر به السادة الأميركان.