نساء من فصيلة دراكولا!
المرأة في كل الحضارات والأديان السماوية والأرضية، رمز للعطاء والمحبة والرحمة والخصوبة والحنان وحب الحياة.
من هنا تعتبر المرأة الجانحة للعنف أو المعبّرة عن الرغبات الجامحة في القتل نموذجاً شاذاً عن الخِلقة والفطرة والطبيعة البشرية. مثل هذه النماذج الشاذة تصبح مخلوقاتٍ خطرةً على المجتمع، لأنها تتحوّل إلى مسوخ. ولأن تاريخنا القديم والحديث لا يخلو منها سنمر مرور الكرام على بعض هذه المسوخ.
أحد هذه النماذج نقتطفه من التاريخ القديم، حيث تنقل كتب السير أن امرأةً اشترطت على عاشقها أن يقتل من تكرهه آنذاك بالسيف، بشرط أن يكون سيفاً مسموماً، لتلَغ في الدم أكثر، مع «ثلاثة آلاف (درهم) وعبدٍ وقِينةٍ». فهي كانت شخصية جشعة بشعة، تريد إلى جانب القتل، أن تعيش مرفّهةً بين صويحباتها تتمتع بالمال والجاه. وللقارئ أن يتخيّل مهراً يُقدّم لامرأةٍ في صندوق خشبي مزخرف، يسيل منه الدم! ولذلك كان يُضرَب بها المثلُ في اللؤم والشؤم!
يجب الاعتراف أمانةً، بأن مثل هذا النموذج الشاذ نادرٌ جداً في كل الدول والحضارات، العربية منها والأجنبية، ونادراً ما نقرأ في التاريخ قصصاً عن النساء من صِنف «دراكولا»! والصورة الغالبة التي تركتها النساء عبر التاريخ، أنهن محبّات عاطفيّات، ولم ينلْ منهن المجتمع واحداً من المليون مما ناله على أيدي الرجال الدمويين.
في السابع من شهر شوال، من العام 1426هـ، (9 نوفمبر/ تشرين الثاني العام 2005) وقعت حادثة دموية، كانت بطلتها امرأة اسمها ساجدة عطروس الريشاوي، شاركت في سلسلة هجمات انتحارية على فنادق العاصمة الأردنية (عمّان)، وبينما نجح زوجها في التنفيذ فشلت هي لعدم تفجُّر الصاعق الموصل بالحزام الناسف، فأصابها الذعر وولّت هاربةً من موقع الحدث، ولكن تم إلقاء القبض عليها ببيت زوج شقيقتها.
في شريط فيديو بثه التلفزيون الرسمي، اعترفت الريشاوي بأنها دخلت الفندق مع زوجها حيث كانت تُقام حفلة عرس فيها أطفال ونساء ورجال، ما يعني العمل مع سبق الإصرار والتنفيذ، رغم أنها أمٌّ لثلاثة أولاد. وقد أسفر التفجير عن مقتل 62 وجرح أكثر من 100، بينهم مصطفى العقاد مخرج فيلمي «الرسالة» و «عمر المختار». وقد حُكم عليها بالإعدام وظلّت في السجن عشرة أعوام، حتى قامت «داعش» بإسقاط طائرة أردنية، والقبض على الطيار الشاب معاذ الكساسبة، وإعدامه حرقاً، ما أثار سخط الشعب في الأردن ودول العالم الأخرى. وقامت السلطات الأردنية يومها بإخراجها من السجن وإعدامها شنقاً، لتهدئة غضب الرأي العام، وذلك في فبراير/ شباط 2015، علماً بأنّ تنظيم «داعش» حاول قبل ذلك مبادلتها بالطيار الأسير.
حتى على المستوى العالمي، من الصعب أن تعثر على نماذج نسائية دموية من هذا النوع. فإيفا براون عاشت إلى جانب أدولف هتلر، لكن صورتها لم تتلوّث بالدم، وبقيت في صورة الشابة الجميلة العاشقة. وكلارا بياتشي التي رافقت موسوليني حتى اليوم الأخير في حياته وقُتلت معه، لم يُذكر لها دورٌ دمويّ في سياساته ضد الدول والشعوب الأخرى، وبقيت في الأخير امرأةً عاديةً كبقية النساء.
كل هذه النماذج النسائية البائسة، سواءً مَن كانت مصابةً بداء الحقد والكراهية، أو مجرد عاشقات لرجال عنيفين، لم تدعُ أيٌّ منهن، إلى إزالة مُدنٍ وقرى بأكملها، أو هدم بيوتٍ على رؤوس أصحابها، لتشفي غليلها حين يسيل الدم من أنيابها كالعقارب وأفاعي الرمال!