انتهاء الحقبة الإسكانية
ما كشف عنه عضو مجلس بلدي المحرق يوسف الريس من فشل المجلس البلدي بسبب ضعف الإدارة والمتمثل في جانب منه «السماح للإدارة العامة للتخطيط العمراني باعتماد المساحات الشاسعة التي دفنت شمالي منطقة البسيتين بتوزيع أراضٍ لوزراء ومسئولين مساحة الواحدة منها 6000 متر مربع، بينما كان نصيب وزارة الإسكان لا يتجاوز الـ 5 في المئة من إجمالي المساحة المدفونة»، يعيد للأذهان مقدار ما تم الاستيلاء عليه من أراضٍ كانت مخصصة أساساً للمشاريع الإسكانية أو الخدماتية المرتبطة بالمواطنين من شواطئ عامة ومنتزهات وحتى في بعض الأحيان مدارس حكومية لأبناء المناطق المختلفة في البحرين.
هناك الكثير من الأمثلة والشواهد التي لم تتم مناقشتها أو الإشارة إليها بعد انتهاء لجنة التحقيق الخاصة بأملاك الدولة من عملها في العام 2010 والتي خلصت إلى «وجود شبهة التعدي على بعض العقارات والأراضي التي كان مجموع مساحتها أكثر من 100 كيلومتر مربع».
تقرير لجنة التحقيق أشار حينها إلى التعدي على عقار عبارة عن أرض مدفونة في البحر بمساحة 21 كيلومتراً مربعاً حيث تم تمليكه لشركة خاصة، كما أشار إلى التعدي على أرضين غربي المدينة الشمالية مساحة الأولى 10 كيلومترات مربعة فيما تبلغ مساحة الأرض الثانية 15 كيلومتراً مربعاً.
كما أن مشروع «نورانا» يعد مثالاً واضحاً لقضية الاستيلاء على الأراضي المخصصة للمشاريع الإسكانية للمواطنين، ففي العام 2004 خصصت أرض تبلغ مساحتها 16 هكتاراً تتسع لقرابة 480 وحدة سكنية تخدم قرى كرانة وجدالحاج وباربار وجنوسان، هذه الأرض وبقدرة قادر تم شراؤها من قبل ملاك مشروع «نورانا» وحرم الأهالي من مشروعهم الإسكاني.
مع شح الأراضي في البحرين وارتفاع أسعارها بشكل لا يمكن لأي مواطن من الطبقة الوسطى فضلاً عن الطبقة الفقيرة امتلاك أرض صغيرة لبناء منزل العمر عليها، فإن أغلب الأراضي التي يتم الاستيلاء عليها بصورة سحرية هي أساساً مخصصة لمشاريع إسكانية، ما حدا برئيس مجلس بلدي المنطقة الجنوبية أحمد الأنصاري أن يدق ناقوس الخطر بشأن إمكانية الحصول على الخدمات الإسكانية في المستقبل حين أكد في تصريح له نشر في 27 فبراير/ شباط 2017 أن «المخططات التفصيلية لجميع المحافظات والتي اعتمدتها اللجنة العليا للتخطيط العمراني قد خلت من الأراضي المخصصة للمشاريع الإسكانية»، مؤكداً أن «ذلك أمراً يبعث على القلق حيال استمرار بناء المشاريع الإسكانية بما يتناسب مع الزيادة السكانية». الأخطر في الموضوع أن الأنصاري حذر في نفس التصريح من انتهاء الحقبة الإسكانية بعد الانتهاء من المشاريع الحالية.
فهل سيحظى الجيل المقبل بفرصة الحصول على خدمة إسكانية في المستقبل أم أن هناك من سيستولي على جميع المساحات المتبقية من هذه الأرض الصغيرة؟