لا يَهمّنا ما يحدث!
هل نقول بأننا بخير في البحرين؟ هل نقول بأنّه تمّ «تطهير» الدراز من الإرهابيين؟ أم نقول هو سوء فهم أدّى إلى هذه الحوادث؟ أم نقول لا يَهمّنا ما يحدث، فرأينا غير مهم، وبالتّالي من لا رأي له لا يهمّه ما حوله!
لا والله يهمّنا ما يحدث داخل البحرين، ويؤلمنا هذا النزاع وهذا (الدم)، ففي النهاية إرهاصات ما يحدث من نزاع ستؤثّر علينا في المستقبل، وعندها سنتمنّى لو نرجع إلى المربّع رقم واحد، ألا وهو التوافق الوطني والمصالحة الوطنية، وإشاعة ثقافة التعايش والعدالة والسلام.
ما حدث في منطقة الدراز أمرٌ عصر القلوب والأفئدة، أو تعلمون لماذا؟ لأنّ هناك من فرح بالموت... فكيف نقبل من يشمت ويضحك على موت النّفس البشرية؟ لا نعلم أيّ قلوب هذه التي تستطيع الضحك والسخرية والفرح من هذه المشاهد!
أيضاً نسأل الجميع: ماذا بعد منطقة الدراز؟ ما هي الخطوة القادمة من أجل البحرين؟ هل هناك بوادر للمصالحة والتوافق والحوار؟ منذ بدء الخليقة والبشر يحاولون إدراك المصالحة، ومنذ قرون ونحن ندرس هذا المصطلح «المصالحة» سوسيولوجياً وسياسياً واقتصادياً، ومع تعقّد الحياة تعقّد هذا المصطلح إلى أبعد الحدود، ولكن ببساطة أليست المصالحة هي القبول ببعضنا البعض، والتعايش والقدرة على استمرارية الدولة من دون نزاعات ولا تقسيمات ولا تأزيم، وكذلك أليست المصالحة هي ما تؤدّي إلى وجود عقلية الانسجام والتكاتف؟
ليس هذا درساً سوسيولوجياً، فهناك علماء في البحرين يستطيعون شرحه أفضل منّي، وإنّما هو ذكرى لمن ينسى التاريخ ويزيد من إشعال النّار، ذلك المنافق الذي يدس السم في العسل، وهو أوّل الفارّين عندما نسقط! هؤلاء لا دين لهم ولا مذهب، وهؤلاء هم المرتزقة الذين يلعبون على الحبلين، فلا يهمّهم وطن ولا أبناء وطن! لا يهمّهم أحد إلاّ ذواتهم الأنانية المجبولة بالشرور!
هل تعتقدون بأنّه يوجد هناك مهزوم ومنتصر؟ إلى الذي سيجيب على هذا السؤال نقول له: تفكّر من المهزوم ومن المنتصر؟ فمن تراه بعينك مهزوماً قد يكون منتصراً والعكس صحيح، ومهما حدث هناك لغة الإحترام للأطراف المتنازعة، ولغة التفاهم أيضاً التي تؤدّي إلى السلم والسلام.
إلى الحاقدين الذين يحبّون الفتن ويعشقون التقسيم، نقول لهم كفى، لأنّ الهم همّنا جميعاً، والحزن حزننا جميعاً، ولا أحد يشعر بالمصائب إلاّ المخلص المحب الذي لا يريد أن ينافق، بل يريد قول كلمة الحق من أجل مصلحة وطنه وأهل وطنه جميعاً.