لماذا النرويجيون أسعد الشعوب في العالم؟
أذاعت القناة الألمانية (DW) تقريراً مصوّراً بعنوان «النرويج أسعد بلاد العالم ودولتان عربيتان من بين أتعسها».
وتصدر الدول الاسكندنافية قائمة الأسعد في العالم، حسب «تقرير السعادة العالمي» الصادر من الأمم المتحدة. وهناك نظريةٌ تتكلّم عن دور الجو في هذا المجال، حيث تقع تلك الدول في أقصى الشمال الكرة الأرضية، وتقع النرويج شمال غربي تلك الدول.
التقرير تضمن مقابلات خاطفة لمعرفة آراء النرويجيين في الموضوع، فردّت إحداهن بالقول: «لكن بلادنا باردة جداً». فالجو وحده ليس العامل الحاسم لتحقيق السعادة. أما الآخرون فأشاروا إلى جوانب أخرى اعتبروها السبب الأهم في تحقيق السعادة.
العامل الأول هو الحرية السياسية، فالكل يتمتع بفرصةٍ للتعبير عن رأيه بحرية، دون أن يُفتح له ملف خاص في جهاز الاستخبارات، ويتم التنصت على أجهزته واتصالاته، وتراقب تحركاته. كما أنه حرٌ في اختيار حكومته، فإذا أخطأت الحكومة وخربطت، حرمها من صوته في الانتخابات التالية، واختار حكومةً بديلة، دون أن تُسلّط عليه الأقلام المنافقة سمومها وأكاذيبها وافتراءاتها، فتشوّه سمعته حين يطالب بحقوقه، أو تتهمه بالخيانة والعمالة للخارج.
العامل الثاني ذكره مواطن نرويجي آخر، وهو العدالة الاجتماعية، فلا يشعر بأنه مظلومٌ في بلده، أو مسلوبٌ بعض حقوقه، أو يتعرّض للتمييز أو التهميش أو الحرمان من بعض الوظائف العمومية أو الاستحقاقات الدراسية، لمجرد انتمائه لهذه الجماعة العرقية أو تلك. فالقانون يطبق على الجميع، وخيرات البلد توزّع بالعدالة على الجميع دون تعالٍ أو عجرفةٍ أو تمييز. وهذا هو أحد أسباب شعور النرويجيين بأنهم أسعد شعوب العالم.
مواطنٌ آخر تكلّم عن الجانب الاقتصادي، فأشار إلى توفير التأمين الصحي والضمان الاجتماعي للشعب النرويجي، وكل ذلك يجري وفق القانون وتحت الرقابة الشعبية. فليس هناك أخبارٌ تهدّد بوقوع إفلاس اكتواري، وضياع أموال المشتركين؛ وهناك مظلةٌ تأمينيةٌ تشمل الجميع، دون حاجةٍ أو إذلال.
التقرير المصوّر تضمن لقطاتٍ لربة الأسرة وهي تعدّ الوجبة في المطبخ وتقدّمها لعائلتها. وفي لقطةٍ أخرى تخرج الأسرة إلى العراء، حيث تجلس على الأرض وتتناول المشروبات تحت الأشجار، وتترك أطفالها يلعبون بأحد القوارب عند الساحل. حياة بسيطة، قريبة من الطبيعة، ومن البحر والأشجار، وهو ما نفتقره كثيراً في بيئاتنا التي تزيد الخناق على رقاب السكان.
الأم النرويجية، كانت تتكلم بنبرةٍ كلها ثقة واطمئنان، وتقول إنها لا تقلق على أطفالها ومستقبلهم. فبلدها يسير على خارطةِ طريقٍ واضحة، تقوده إلى استمرار التقدم والتطور والازدهار، وهي لا تخشى من أن يتعرّض ولدها الشاب إلى ملاحقة أو سجن أو تعذيب، لأنه شارك في مظاهرة سلمية أو طالب بأحد الحقوق التي يضمنها له الدستور. فكل الحريات مصانة، والحقوق محترمة، وأرواح البشر مقدّسة، والقانون يُطبّق على الجميع دون تمييز. ويعلق المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة جيفري ساكس، بالقول: «الدول السعيدة هي التي يوجد بها درجة عالية من الثقة في المجتمع وتراجع انعدام المساواة والثقة في الحكومة».
لقد احتلت المراكز العشرة الأولى على مقياس السعادة بعد النرويج، الدنمارك وأيسلندا وسويسرا وفنلندا وهولندا وكندا ونيوزيلندا وأستراليا والسويد، وليس بينهم دولة عربية أو إسلامية واحدة ولله الحمد!