البحرين تنزف
لم تكن الأخبار في البحرين خلال اليومين الماضيين أخباراً سارة، لأنَّ روح الإنسان جُبلتْ على النفور من مشاهد الموت، وفطرتْ على التوق إلى النظر لمشاهد الخير والسلام. وبالتأكيد ليس من شيم أهل البحرين من يأنس بأخبار الموت، ويطرب لأنباء الدماء، وتناقل صور نزف الجراح، لذلك تصبح تلك الأنباء والمشاهد ثقيلة على القلب، أيّاً كان الشخص الذي تنزف دماؤه من جراحه.
العرض الذي قدَّمه رئيس الأمن العام طارق الحسن في المؤتمر الصحافي أمس كان أيضاً يدمي قلب أيِّ مواطن يعشق وطنه، ولعلَّ الأكثر إيلاماً أنَّ ما حدث حول منزل الشيخ عيسى قاسم في الدراز وراح ضحيته خمسة أرواح... كان بالإمكان تلافيه من الأساس، ومن قبل الجميع.
اعتدنا على هذه الأرض الطيبة أنْ نحزن لحزن بعضنا، ونفرح لفرح بعضنا، فالبحرين الصغيرة بحجمها والكبيرة بأهلها لا تتحمل كل هذه الآلام، ولذا كانت الصدمة التي أصابتْ الناس كبيرة جداً... وهي صدمة نفسية واجتماعية وسياسية بامتياز، لأنَّها تصيب الجسد البحريني في العمق.
إنَّ ما حدث يعتبر نتيجة لترسبات وتأزيم ساد الساحة واستبعد منطق التفاهم، وهذا ربَّما دفع مختلف الأطراف للتفكير بمنطق الغالب والمغلوب. غير أن البحرين تستحق وضعاً أفضل، وأهل البحرين قادرون على تخطي الصعاب، وعلى إيقاف هذا النزف، وعلى الخروج من حلقة مأساوية ومفرغة من المعنى الأسمى الذي يجمع الناس على الخير وحب الوطن.
منصور الجمري