الوضع أصبح أكثر من صعب
فيما كان مجلس النواب منعقداً أمس يناقش قضايا اقتصادية توازي في خطورتها خطورة الأوضاع السياسية، كانت وزارة الداخلية تنفذ «عملية أمنية» في الدراز، والتي أعلنت عنها رسمياً عبر حسابها الخاص بـ «تويتر».
ما جرى في مجلس النواب، وفي الدراز، يوم أمس الثلثاء (23 مايو/ أيار2017) يمثل يوماً «صعباً» على الجميع سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وكان يوماً استثنائياً ولكنه كان مرتقباً ومتوقعاً حدوثه.
في جلسة مجلس النواب، تحدث رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية في مجلس النواب عبدالرحمن بوعلي وبشكل واضح وصريح وعلني عن «إن الحساب الجاري للدولة مكشوف، واحتياطي البلد متهالك، وسيأتي يوم لن نتمكن فيه من الاستيراد... وضعنا أكثر من صعب، وإذا كنا لا نكشف الحقيقة كمجلس نواب، فمن يكشفها؟».
حديث بوعلي كان خلال مناقشة المجلس تقرير الحساب الختامي الموحد للدولة للعام 2015 وتقرير الحساب الختامي لاحتياطي الأجيال المقبلة، فيما لم يكن متوقعاً أن يناقش أو يتحدث مجلس النواب عما يحدث في الدراز.
الجميع مؤمن بأن البلد في «مأزق» مالي واضح وجلي، ولا يمكن نكرانه أو الهروب منه، أو حتى الحديث عن أن الوضع المالي للبلاد آمن، والدليل على ذلك هو دعوة اللجنة الوزارية للشئون المالية وضبط الإنفاق، بحسب وثيقة رسمية في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، الوزارات والجهات الحكومية إلى البدء في إجراءات إعداد الموازنة العامة للدولة للسنوات المالية 2017 - 2020، إذ طالبت اللجنة الجهات الرسمية بالانتباه إلى ما تواجهه المالية العامة للدولة من تحديات كبيرة تتمثل في الارتفاع المستمر في عجز الموازنة العامة للدولة؛ نتيجة انخفاض أسعار النفط، واستمرار ارتفاع الدين العام إلى مستويات عالية تتجاوز المعدلات المقبولة دوليّاً!
في قبال «المأزق» الاقتصادي الكبير الذي نعيشه، وكانت أبرز ملامحه ونتائجه عدم إصدار الموازنة العامة للدولة حتى الآن على رغم مشارفنا على انتصاف العام (2017)، نعيش أزمة سياسية-أمنية طاحنة ومُرة، نتائجها قاهرة على الجميع، كانت خلاصتها وأبرز ملامحها ما حدث في الدراز أمس.
أي حلول اقتصادية تحتاج هي الأخرى حلولاً سياسية أو على أقل تقدير استقراراً، يمكن من خلاله تطبيق تلك الحلول، وسط قبول وتفهم شعبي.
إرهاصات العام 2016 المتأزمة، سياسياً واقتصادياً، انتقلت للعام 2017، فتأخر إصدار الموازنة العامة يعكس الحالة الاقتصادية، وما يحدث في الدراز يعكس الحالة السياسية.
الوضع الاقتصادي في البلاد «صعب» و «متهالك» في ظل ارتفاع الدين العام، وسياسة التقشف تركت آثارها على المواطنين الذين باتوا يعانون من سوء الأوضاع المالية، فضلاً عن الأوضاع السياسية.
نعيد ونؤكد ما قاله أحد النواب إن زمن الرفاهية انتهى، وإننا جميعاً مقبلون على أعوام عجاف، وصعبة على مختلف الأصعدة، سياسياً، اقتصادياً وحتى اجتماعياً، وإن كل الحلول الممكنة والقابلة للتنفيذ هي «مُرّة وصعبة»، سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو حتى اجتماعية.
مع قرب حلول الشهر الكريم، كل أمنياتنا أن تتغير الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية هذا العام، وأن يحدث ما لا يتوقعه أحد ليغير المشهد في بلادي لما هو أفضل للجميع بلا استثناء.