قضية الشيخ عيسى قاسم
أصدرت المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة حكماً قضائياً في جلستها أمس الأحد (21 مايو/ أيار 2017) بالحبس لمدة سنة بحق الشيخ عيسى أحمد قاسم وآخرين مع وقف التنفيذ لمدة 3 سنوات، وذلك في القضية المتعلقة بـ «جمع أموال من دون ترخيص».
كما فرضت المحكمة غرامة 100 ألف دينار عن كلِّ متهم في القضية، إلى جانب مصادرة المبلغ المودع في حساب الشيخ عيسى قاسم والبالغ 3 ملايين و367 ألفاً و301 دينار بحريني، ومصادرة العقارين المسجلين للشيخ عيسى قاسم، والتي ترتبط بأموال الخمس. جاء الحكم بعد مد الحكم لمرتين وهو ما يعد من النوادر حدوثه.
قبل أي موعد للمحكمة تدخل البحرين في حال غير طبيعية، وهدوء سياسي، وترقب عام لما سيكون عليه القرار، وتكثر الأسئلة بين الناس، وتكثر معها التكهنات والتوقعات، كون القضية برمتها وإن كانت في ظاهرها تمس أشخاصاً، إلا أنه في مضمونها تتعلق بقضايا أوسع بكثير من حدودها الشخصية.
شئنا أم أبينا، القضية تعد في ذاتها تحولاً كبيراً في طبيعة العلاقة بين الدولة وما يمثله الشيخ عيسى قاسم، ومهما كان نوع نتائجها وكيف نظر إليها... فكلٌّ نظر للنتيجة من زاويته الخاصة وبمفهومه الخاص ورؤيته لما حدث ويحدث وسيحدث مستقبلاً.
الجميع مدرك لطبيعة الوضع والقضية ولذلك فهو محل ترقب، فهناك من يريد للبلد أن تسير أكثر في اتجاه نعلم بداياته؛ ولكن قد لا ندرك تداعياته، وهناك من يدعو للبحث عن مخرج أفضل يجتمع عليه الوطن بكل فئاته، وليس فقط لبعض فئاته.
قضية الشيخ قاسم تلخص المشهد السياسي من جانب، ولكنها لا يمكن أن تختصره وتتجاوزه وكأنه حادث عابر... فالأزمة السياسية والأمنية في البحرين ليست شأناً عابراً، بل إنها تتعقد اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً.
البعض يرى أن القبضة الأمنية والضرب بيد من حديد كفيلة باحتواء كل القضايا، ولكن هذه وجهة نظر قاصرة، لأن تاريخ الأمم لا يحكي لنا أن هناك من تمكن في تحقيق ذلك من دون أن يضحي بما هو أهم، ويرتبط بتحقيق استقرار دائم ووضع اقتصادي ينمو من دون إنهاك.
إن وضعنا الراهن يزداد تعقيداً، ولا يمكن لأي مجتمع أن يعول على حلول من خارجه، فالحل الدائم الذي تتفق عليه البلاد والعباد يبدأ بالقلوب المجتمعة على حب الوطن، ويكتمل بتغليب كفة العقول الراجحة والمنفتحة على مستقبل أفضل.
إننا بحاجة إلى خطوات نوعية من مختلف الأطراف الفاعلة، وذات القرار المؤثر لتحريك المياه الراكدة، وخلق المبادرات من أجل وطن للجميع، لا يكون فيه غالب ولا مغلوب. إننا بحاجة إلى تلاقي الإرادات، وإصلاح ما في النفوس وذلك من أجل بحرين للجميع.