العفن الطائفي
حملة شعواء استهدفت السفير الكويتي عزام مبارك الصباح بعد حضوره لفعاليات أُقيمت في احتفالية يوم النصف من شعبان بمأتم السكران في منطقة المحرق، ولا نعلم سبب هذه الحملة، ولكن نعلم بأن العفن الطائفي مدسوس فيها.
أما آن الأوان بعد للرد على هؤلاء المرتزقة، الذين يقتاتون على دمار الشعوب وتقسيمها؟ إلى متى سينخر البعض في الوحدة الخليجية؟ هل المشاركة في أية فعالية دينية لمذهب مغاير عن مذهبنا أو دين مغاير عن ديننا تعتبر جريمةً بحق مذهبنا؟ وإذا قيل إن ذلك جريمة فهل هناك أساسٌ لمن يدّعي ذلك؟
لا نريد تعصّباً ولكن نريد حكمة ورويّة، فالبعض نشر في مواقع التواصل صورة السفير الكويتي على مأدبة عشاء لهذه الاحتفالية، والبعض الآخر نشر جملاً مقزّزة ذات نفس طائفي بحت، وآخرون حلّلوا الزيارة بطريقة سياسية قذرة، ولكأنّ السفير الكويتي مُدان بالخيانة العظمى!
البعض ذيّل الجمل بالإنبطاحية الأصيلة، والبعض الآخر ذيّلها بالتساؤل إذا كان هذا واجب السفراء! ويا تُرى هل يعرف هؤلاء واجب السفراء وما يقومون به من علاقات دبلوماسية تعايشية متقبّلين الرأي والرأي الآخر؟ ونحن هنا لا نتكلّم عن السفير الكويتي فقط، بل عن كل سفير في أرجاء المعمورة!
لمن لا يعرف أهل البحرين، أهل الوحدة والتسامح، هم منذ 30 سنة أو أكثر يقيمون هذه الاحتفالية الدينية، وهي ليست قصراً على طائفة معيّنة، بل إننا جميعاً نحتفل بها منذ القدم، ونزيد على ذلك بأنّ جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله، جعل هذه المناسبة بمباركته منذ أكثر من 10 سنوات، وكل وزارات الدولة والوزراء والوافدين يتواصلون ويشاركون في هذه الفعالية.
المعلومة التي تخفى على البعض، بأنّ الأخ الشيخ عبداللطيف جاسم السكران خطيب المنبر الحسيني، هو الوحيد الذي نال أغلى وأعلى وسام في الدولة وهو وسام الشيخ عيسى بن سلمان رحمه الله في هذا التوجه، بإقامة الاحتفالات الدينية والوحدة الوطنية ودعوة كبار العلماء والمفكّرين لهذه الفعاليات الرائدة التي تجمع ولا تُفرّق.
ولا يخفى على أحد بأنّ كل صحف البحرين كانت تغطّي المناسبة في صفحة كاملة في يوم من الأيام، وكانت الاحتفالية تقام بحضور رئيسي مجلسي الشورى والنوّاب وأعضاء المجلس الوطني. فإذا كانت هذه الإحتفالية ليست مهمّةً أو كان بها أي شبهة، فلماذا تدعمها وتباركها الدولة؟
وعطفاً على ما قلناه في أوّل المقال، فإنّ السفير الكويتي الشيخ عزّام ليس غريباً عليه، فهو من العائلة الحاكمة في الكويت، ويجسّد الأب الروحي للكويت الشيخ صباح المبارك الصباح أمير الكويت، فإذا كانت هذه المناسبة ستجلب الشر على الكويت فلن يحضرها ولن يقبلها بالتّأكيد!
إنّ هذه الفعاليات التي تقرّب الجميع هي إحدى دعائم المشروع الإصلاحي لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله، فجلالته يسأل دائماً في كل محفل عن هذه الإحتفالية وغيرها من الإحتفاليات، وكان ومايزال يثني على إقامة هذه المناسبة وغيرها من المناسبات الدينية الأصيلة، ويؤكّد على استمراريتها ودعمها، لما لها من مردود إيجابي في تعزيز الوحدة واللحمة الوطنية، وعلى حرّية إحياء الشعائر والمناسبات الدينية.
كلمة أخيرة نقولها لمن يحمل في نفسه العفن الطائفي: «قل خيراً أو اصمت»، فالأصل هو التعايش والمودة والرحمة بيننا جميعاً، وليس لنا لون أو طائفة أو مذهب، ولا ننتمي إلاّ إلى وطننا الغالي، فالمناسبات الدينية التي تُجسّد مختلف الطوائف يجب علينا الحفاظ عليها، وإبعاد الأيدي العابثة أن تمزّق وحدتنا الوطنية والخليجية.