مسجد مدينة عيسى الشمالي المتهالك... أين الأوقاف الجعفرية عنه؟
في أحد الأيام، لم أر نفسي إلا وأنا أمام مسجد مدينة عيسى الشمالي، من دون أن أقصد الذهاب إليه، قلت في نفسي لعل القدر الذي ساقني إلى المسجد في غير وقت الصلاة، من أجل أن أكتب موضوعاً عن حال بنيانه المتردي جداً، فما شاهدناه من جدار المسجد الخارجي، وما شاهدناه في مبناه الداخلي (مكان الصلاة) وفي ساحته الخارجية من تهالك شديد، لا نستطيع أن نعبّر عنه إلا أن نقول، إنه مأساوي جداً بكل المقاييس الإنسانية والشرعية، وكان صادماً لنا ولم نكن نتخيّله، ولم يخطر ببالنا أن نراه بهذا الحال المتردي.
من المؤكد أن دائرة الأوقاف الجعفرية الموقرة مطلعة اطلاعاً كاملاً على وضع مبناه المؤسف، من خلال مندوبيها الميدانيين ولجنة الصيانة التابعة لها، ومن المؤكد أن هؤلاء قد أطلعوا رئيس دائرة الأوقاف بكل التفاصيل منذ زمن ليس بالقليل، فلهذا نقول لرئيس وأعضاء مجلس إدارة الأوقاف الجعفرية: هل أنتم راضون عن وضع المبنى المتهالك لمسجد مدينة عيسى الشمالي؟
بالتأكيد أنكم غير راضين عنه، لماذا أكدنا ذلك من غير أن ننتظر جوابكم؟ لأنه من غير المعقول والمقبول إطلاقاً أن نقول إن الإدارة راضية عن حال مبنى المسجد، وهو في أي وقت يمكن أن يكون سبباً في حدوث كارثة لا يعلم تداعياتها إلا الله تعالى، وإذا ما حدثت الكارثة لا قدّر الله في وقت وجود المصلين فيه وهم يؤدون الصلاة، ستكون خطورتها أكبر بكثير بلا شك.
الأوقاف الموقرة تعلم أن كلامنا عن وضع مبنى المسجد ليس فيه أية مبالغة ولا فيه زيادة ولا نقصان، قد يكون كلامنا عن حال المسجد لا يرتقي إلى المستوى المطلوب الذي من خلاله تبيان الواقع المأساوي الذي يعاني منه مبناه الداخلي والخارجي، لن نسأل مؤسسات المجتمع المدني في المنطقة، ولا قيّم المسجد ولا المتطوعين القائمين بشئونه، ولا المصلين الأفاضل ولا أهالي المنطقة الأطياب، هل طالبتم الأوقاف بإعادة بناء المسجد أم لا؟ رغم ما وصل إلى علمنا أن بعض المؤسسات الأهلية وبعض شخصيات المنطقة قد بذلوا جهوداً طيبة في هذا الاتجاه، وسعوا بكل ما في وسعهم إلى تحسين حال مبنى المسجد المتردي؛ لكنهم لم يتمكنوا من تحقيق ما يطمحون إليه، ولم يصلوا إلى حد إعادة بنائه، بسبب الصلاحيات والإمكانات المحدودة التي لديهم .
ما نقوله في هذا الشأن، من المعروف أن مهمة مندوب الأوقاف المسئول عن متابعة أحوال مساجد مدينة عيسى بعد زياراته الميدانية، ومعاينة حال المسجد عن قرب، كتابة تقرير مفصل عن هذا الأمر إلى رئيس وأعضاء مجلس الإدارة، مدعماً بالرأي الهندسي والمرفقات المطلوبة مع توصيات اللجنة المسئولة، فإذا لم يقم مندوب الأوقاف بهذه المهمة التي هي من صميم عمله، حتى هذه اللحظة، فهذه مصيبة، وإذا قام المندوب بها، ولم تتخذ الأوقاف أية إجراءات حقيقية، ولم تقم بأية خطوات عملية حتى الآن لإعادة بناء المسجد، تكون المصيبة أعظم، فليس بإمكاننا أن نحدّد موضع التقصير في هذا الشأن، هل التقصير ناتج من إدارة الأوقاف أم الجهة المعنية بمتابعة شئون المساجد بمنطقة مدينة عيسى؟
في الحالتين تتحمل دائرة الأوقاف الجعفرية كامل المسئولية في حال حدوث أية تداعيات كارثية ناتجة من تجاهلها أو تغافلها أو تسويفها في حل هذه المشكلة الكبيرة. وبكل صراحةٍ نقول للأوقاف، إن من يرى المسجد والإهمال العام الذي يعاني منه، ويرى وضعه المحزن والمزري، لا يصدّق أن هناك جهة معنية بمتابعة احتياجاته الضرورية والملحة، فلو قلنا له أن هناك جهة تسمى «دائرة الأوقاف الجعفرية» تتحمل مسئولية تعميره وصيانته وتلبية احتياجاته الأساسية من نظافة وغير ذلك من الأمور الضرورية التي يحتاجها المسجد، سيسألنا أين هذه الجهة التي جعلت المسجد يصل إلى هذه المرحلة الخطيرة؟
ما أردت قوله إلى رئيس وأعضاء مجلس إدارة الأوقاف الموقرين، إن إنقاذ المسجد الشمالي بمدينة عيسى من الوضع الخطير الذي يعاني منه لا يحتمل التأخير أو التسويف، فكل المعطيات تدل على أن تجاهل هذا الموضوع قد يؤدي إلى نتائج غير محمودة العواقب لا قدّر الله، ونأمل أن تأخذ الأوقاف الموقرة هذا الموضوع الخطير بعين الاهتمام، والعمل على إنهاء هذه المشكلة عاجلاً، لأن ذلك إن حصل سيثلج صدور أهل المنطقة كثيراً .
من المعروف لدى الأوقاف أن الناس لا ينتظرون منها أن تقول لهم إن ملف المسجد على الطاولة، وإنه وضع في المقدمة، وأنها تبحث عن ممول لمشروع البناء، لأن ليس للمسجد أوقافٌ لتمويله، كل هذا الكلام لا يوقف تهالك مبنى المسجد، ولا يحل المشكلة التي يعاني منها المصلون، فلهذا هم ينتظرون منها أن تقوم بإجراءات وخطوات عملية، يرونها بأم أعينهم في الواقع .