ماكرون الشابُّ الوسيم وزوجته العجوز!
لم يُثر انتباه المتابعين شيءٌ من تفاصيل حياة الرئيس الجديد لفرنسا إيمانويل ماكرون (39 عاماً)، أكثر من زواجه بمُدرِّسته بريجيت ترونيو (64 عاماً) التي تكبُرُه سنّاً بربع قرن.
الرئيس الجديد، والشاب الوسيم ماكرون، الذي لم يصل عمره الأربعين بعدُ، متزوج من جَدّة لسبعة أحفاد، تكبُره بعقدين ونصف، كانت يوماً مُدرّسته في فنّ المسرح، وأسرَت قلبه منذ أن كان مراهقاً، عمرُه 16 عاماً، وتمسَّك بها إلى أن قرّر الزواج منها.
هذه الجنبة من حياة أصغر رئيس في تاريخ فرنسا هي الأكثر قراءة على الإطلاق على مختلف محركات البحث العنكبوتية! إذ ينفجر الملايين من المتابعين، بالأسئلة التي تتمحور حول سؤال واحد هو: كيف لهذا الشاب الوسيم في جمهورية الأناقة والجمال والفن، وعاصمة ملكات جمال العالم، أن يختار عجوزاً تقترب من السبعين عاماً ليضع خاتمه المُذهّب في إصبعها ويقترن بها في قفص واحد؟!
لم يكن الاهتمام باقتران ماكرون بزوجته بريجيت من قبل عموم الناس فحسب، بل حتى من قبل علماء النفس الذين وجدوا في هذا الجانب فرصة سانحة لتطبيق ما تعلّموه من فرضيّات، حتى ذهبت عالمة نفس روسية إلى تفسير هذا الزواج بالقول «تعود نزعة الزواج بامرأة متقدّمة فى السنّ إلى مرحلة الطفولة، عندما يحتاج الولد لنصائح والدته ويريد أن تكثر لقاءاته معها، ولكنها لا تخصص له وقتاً كافياً، وعندئذ يبحث عن الأم البديلة ويجدها فى أحيان كثيرة فى إحدى معلماته بالمدرسة أو إحدى صديقات الأم، وعندما يكبر ويصبح رجلاً يحتاج للاتصال بالجنس اللطيف تتملّكه رغبة الزواج من المرأة المرشدة».
ولو سلّمنا بذلك فهذا يعني أن كل من «يتزاعل» مع أمّه، سيتزوّج بامرأة في سنّها حتى يعوّض ذلك، وسترتفع مهور العجائز.
وقد أسهب الإعلام في نشر كل ما يتعلق بهذه العلاقة، كما أسهبوا في دور الزوجة بريجيت في التأثير على ماكرون، فقالوا بأنها صاحبة الكلمة الأولى، وليس ماكرون سوى خاتم في إصبع زوجته الجَدّة تحرّكه متى وكيف تشاء!
الحياة الشخصية للأشخاص المهمّين دائماً تفتح شهيّة الناس لملاحقتها، ودائماً ما تكون أدَقّ التفاصيل وأصغرها، تحت الأضواء بشكل يخلق أحياناً سحابة سوداء مُعتمة على جوهر مضامين تلك الشخصيات، والحال أن ماكرون لم يستطع الفوز بأكثر من عشرين مليون صوت فرنسي، من دون سبب وجيه، سوى أن هناك معلمة شغفته حُبّاً، ورسمت له خطة سحرية، أوصلته إلى سدّة الحكم.
في المناظرة التلفزيونية بين ماكرون ومنافسته اليمينية المتشددة مارين لوبان، وجد الفرنسيون أن ماكرون كان أكثر إقناعاً، فقد كانت تهاجم تاريخه، وكان هو ينظر للواقع، حتى أظهرها أمام الناخبين بأنها لا تحب الحرية.
لم تستطع لوبان بدفاعها الشرس عن القومية أن تكسب ودّ الفرنسيين على الرغم من قوميّتهم الراسخة، فقد كانت رغبة ماكرون في تطوير الاتحاد الأوروبي ودعمه، أكثر جذباً لهم من فكرة الانسحاب، على خطى المملكة المتحدة.
والمُطالع إلى الفروقات بين وُجهتي النظر المتنازعتين على صناديق الاقتراع، يمكن له أن يقرأ كيف يفكر الفرنسيون في مرحلة حرجة، يمُرُّ بها العالم، فعلى الرغم من الهجمات التي تتعرض لها فرنسا، نجد أن الناس هناك يميلون إلى معالجة ماكرون لهذا الملف، وهي معالجة مغايرة لما كانت تتحدث عنه لوبان، وهو خيار وضع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مرمى سهام المدافعين عن حقوق الإنسان، حتى كبح جماحه القضاء الأميركي بعد أن أوغل في التمييز بسبب العرق والدين.
وعلى أية حال فإنّ ملفّات السياسة الخارجية لم تكن هي الفيصل في فشل لوبان، أو نجاح ماكرون، ولكن الملفّات الداخلية هي عادة ما يكون لها نصيب الأسد في التأثير على الناخبين، في مختلف الدول الأوروبية، بل وحتى الولايات المتحدة الأميركية.
وفي المُحصِّلة فإنّ الفرنسيين فضّلوا اختيار شابٍّ ينبض بالحياة لإدارة بلادهم، حتى وإن كانت زوجته عجوزاً بل جدّةً لسبعة أحفاد!